بداية لا بد ان نعترف بفضل الشيخ الدكتور أحمد صبحي منصور في كفاحة الطويل من اجل تطهير الاسلام من كتبه الصفراء الحاملة لما اتفق عليه القدماء علي انه سجل صحيح لما ورد عن محمد من اقوال واحاديث علي مدي حياته فيما سمي بصحيحي مسلم والبخاري، ومعهما كتب اخري اقل درجة الا لانها تحتوي معظم ما احتواه هذين المرجعين وبالتالي اكتسبوا مصداقية بنفس نسبة النقل منهما.
اعتمد الشيخ منصور علي حجج كثيرة تملأ مقالاته ومؤلفاته ويحفظها تلاميذه من القرآنين ولن نتطرق اليها فهي تحمل بعضا من المنطق الذي لولاه لما اصبح لدعواه من قيمة. لكن ما فات الشيخ القرآني ان هناك اصول، لكل ما في خرافات البخاري ومسلم وباقي الكتب الاخري الفرعية، وتفتقد المنطق اساسا، ويصعب علي اي باحث جاد ملتزم بالمنهجية العلمية أن يحيد عنها أو يغفلها. لكنه وبكل اسف خالف تلك الاصول فاعتبر ان هناك منطقة لا يجوز الاقتراب منها ولهذا تجرأ هو وانطلق تجريحا ونقدا لاذعا للاحاديث و لبعض رموز الاسلام ومدوني الاحاديث والسير في كتاباتهم. وإمتد عمله الي كل ما اسسه المسلمون لاحقا للافلات من عسف الاسلام بنصوصه التاسيسية الاولي أو بملاحقه الحديث وعلم كلام وفقه وطواطم جري اختلاقها كالسيد البدوي وغيره من شخوص اصبح لها في عالم المسلمين الكثير من القيمة كل حسب جغرافيته.
وكان طبيعيا ان تحاربه السلطة السياسية، فالاستقرار السياسي لديها مرهون بانشغال عقول الناس بالاولياء وبالاقوال والخرافات التي تخدر العقول وبكل ما يخفف عنهم عسفها وعسف الدين نفسه. فالسلطة سياسية كانت أم أزهرية تعلم ان اي تجروء ولو علي القليل سيفتح الباب علي الاكثر والاعم. وحاربته ايضا مؤسسات دينية أخري كالوهابية التي هي مؤسسة اللاعقلانية علي الاطلاق والدموية علي وجه الخصوص. ونسي كل من الشيخ منصور ورموز الوهابية انها يتفقان علي اصل الاسلام – القرآن، الذي هو اكبر من ان يواجهه المسلمون بكافة اصنافهم فما بالنا والشيخ صبحي يمسك بسيف مكسور نصله ودرع مهلهل من حوافه يحارب به في جبهة الحديث والفقه؟ لم يرضي الشيخ منصور عن القول الشهير، الاسلام قرآن وسنة، باعتبار ان السنة مأخوذة شفاهة بعد فترات طويلة من وفاة صاحب القرآن وتمتلئ بالاكاذيب الغير منطقية أو تتفق وقواعد العقل السليم. ونسي هو ان القرآن ذاته مأخوذ من افواه نفس هؤلاء الناس عندما ارتاب اصحابه في صحة ما يقوله الصحابة واختلافات نطقهم به.
سادت في سنوات الفساد في مصر قول أن السنة هي المكملة والشارحة للقرآن. مما يعني ان لها ذات الاهمية بل والقدسية التي للقرآن. فالسنة ليست سوي الاحاديث والسيرة ويؤكدها قول القرآن بالحض الدائم علي الطاعة للرسول الذي له سنة بين الناس بعكس الله الذي لم ير احد منه أو اي امارة حتي لوجوده، كما في الايات في الايات 21 الاحزاب و 32 و 132 من سورة آل عمران، 59 النساء. والاخيرة هذه تتعدي مجرد طاعة سنة محمد بل تجعله مرجعية في التنازع علي اي خلاف وكأن كلام القرآن الصادر من العليم الحكيم غير مفهوم أو يحمل قدرا من الالتباس، حيث تقول: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ ۖ-;- فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ۚ-;- ذَٰ-;-لِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا.
لم يلتفت الشيخ منصور الي مرجعية محمد التي جعلها النص القرآني، بكل علوه وسمو مكانته عند المؤمنين اعلي منه تصديقا لقول زمن الفساد بانها الحاكمة والمنفذة للنصوص. فمحمد اصبح فوق النص وفي قلبه. لم تاتي داعش إذن من فراغ فليست السنة المدونة والاحاديث الموثقة بالعنعنات الشفهية وفقط هي التي جعلت داعش وكانها اعجوبة القرن الواحد والعشرون بل النصوص القرآنية والتي بالفعل تفسرها السنة وتمارسها السنة من ذبح وضرب للرقاب في القرآن وكتب السير واحداث يثرب في العشر سنوات الاخيرة من عمر محمد. فماذا سيقول القرآنيون في ايات القرآن الحاضة علي القتل وضرب الرقاب والسبي وفقه السبايا والاماء المنصوص عليه صراحة في القرآن، ومعها سلوك المسلمين الاوائل في خيبر وعند بني قريظة في ضوء ما ساد في زمن الانحطاط من ان العبرة بعموم اللفظ وليس بخصوص السبب؟
فعذاب القبر والثعبان الأقرع من توافه الامور في الاسلام والوقوف عندها كما حدث في حوارات المشايخ علي الفضائيات مجرد ابراء ذمة دفاعا أو نقدا أوغسلا للضمائر أو هروبا من حقائق الاسلام الذي انكشفت مثالبه في زمن داعش والتي فتحت بابا لن يغلق ولن يستطع الازهر الذي صمت صمت القبور عن ممارساتها ان يتغاضي عنها كما تغاضي الشيخ منصور عن اصول الاسلام حيث قال بنصه في مقالته لاخيرة عن داعش والشيوخ المتبلبلون
http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=431098
العمل الصالح والجهاد فى سبيل الله جل وعلا إبتغاء الجنة ورضاه جل وعلا هو المحكّ الحقيقى للإيمان اليقينى الذى لا يلحقه شكّ أو ريب . إذ لا وجود للريب والشك لدى المؤمنين حق الايمان ، يقول جل وعلا : ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمْ الصَّادِقُونَ (15) الحجرات ) هم لا يرتابون ، لذلك فهم فى سلوكهم يجاهدون بأموالهم وانفسهم فى سبيل الله جل وعلا ، ولذا هم موصوفون بالصدق ، أى تصدق أعمالهم ويصدق إيمانهم . فالسلوك الصالح بالجهاد فى سبيل الله جل وعلا هو الذى يعبّر عن صُدقية الايمان الخالى من الريب والشك .
فما الفرق بين الشيخ منصور، الازهري المتبلبل، والدواعش؟