الاديان عند النديم في كتابه ‹‹ الفهرست ››

بقلم: عضيد جواد الخميسيsabiaa

وصلت الديانة المانوية الى المناطق التي يتواجد فيها العرب ، فقد حكم عمرو العربي راعي المانويين وحاميهم بين عامي 270 ــــ 300 م في مدينة الحيرة الحدودية في بلاد الرافدين الجنوبية ، ويروي الجغرافي ابن رسته خبرا عن وصول البعثات التبشيرية المانوية الى مكة من الحيرة ، في حين يروي المؤرخ ابن قتيبة ان بعض القرشيين كانوا مسؤولين عن احضار هذه البدعة من هناك، كما بينت الابحاث وجود اصداء مانوية واضحة في تبشير النبي محمد ، خاصة في نزول الوحي وتفسيره، ومهما يكن من امر فليس مستبعدا وقبولا ان يكون للنبي محمد معرفة شخصية بالديانة المانوية ، والتي انتشرت في بقاع كثيرة من الارض .كما تلتزم المصادر العربية الصمت ازاء موضوع الاديان في الحقبة الاموية التي تلت حقبة الخلفاء الراشدين الاربعة . ولكن كانت الصورة واضحة تماما في الحقبة العباسية .

ذكر النديم في كتابه الفهرست ،اسماء ورؤساء المنانيّة,, المانوية,, فى دولة بنى العباس (( وقبل ذلك كان الجعد بن درهم الذى ينسب اليه مروان بن محمد فيقال مروان الجعدى، وكان مؤدبا له ولولده فادخله فى الزندقة وقتل الجعدَ هشامُ بن عبد الملك فى خلافته بعد ان اطال حبسه فى يد خالد بن عبد الله القسرى، فيقال ان آل الجعد رفعوا قصّة الى هشام يشكون ضعفهم وطول حبس الجعد، فقال هشام-;- اهو حىّ بعد ؟وكتب الى خالد فى قتله، فقتله يوم اضحى وجعله بدلا من الاضحية بعد ان قال ذلك على المنبر بامر هشام فانه كان يُرْمى اعنى خالدا بالزندقة وكانت امّه نصرانيّة وكان مروان الجعدى زنديقا.
ومن رؤسائهم المتكلمين الذين يظهرون الاسلام ويبطنون الزندقة
ابن طالوتَ ابو شاكر، ابن اخى ابى شاكر، ابن الأَعْدَى الحريزى نعمان، ابن ابى العوج، صالح بن عبد القدوس، ولهولاء كتب مصنفة فى نصرة الاثنين ومذاهب اهلها وقد نقضوا كتبا كثيرة صنّفها المتكلّمون فى ذلك ومن الشعراء بشار بن بُرد، اسحق بن خلف، ابن سبابة، سلم الخاسر، على بن الخليل، على بن ثابت، وممن تشهر اخيرا ابو عيسى الوراق، وابو العباس الناشى، والجبهانى محمد بن احمد.
ذكر من كان يرمى بالزندقة من الملوك والرؤساء، قيل ان البرامكة باسرها الّا محمد بن خالد بن برمك كانت زنادقة، وقيل فى الفضل واخيه الحسن مثل ذلك، وكان محمد بن عبيد الله كاتب المهدى زنديقا واعترف بذلك فقتله المهدى، قرأت بخط بعض اهل المذهب ان المأمون كان منهم وكذب فى ذلك ،وقيل كان محمد ابن عبد الملك الزيات زنديقا.
ومن رؤسائهم فى المذهب فى الدولة العباسية-;-
ابو يحيى الرئيس، ابو على سعيد، ابو على رجا، يزدانبخت وهو الذى احضره المأمون من الرىّ بعد ان امنه فقطعه المتكلمون فقال له المأمون-;- اسلم يا يزدانبخت فلولا ما اعطيناك اياه من الامان لكان لنا ولك شان ،فقال له يزدانبخت-;- نصيحتك يا امير المؤمنين مسموعة، وقولك مقبول ،ولكنّك ممن لا يُجْبر الناس على ترك مذاهبهم، فقال المامون-;- اجلْ وكان انزله بناحية المحرم ووكل به حفظة خوفا عليه من الغوغاء وكان فصيحا لسنا..
ومن رؤسائهم فى وقتنا هذا-;-
انتقلت الرياسة الى سمرقند وصاروا يعقدونها ثم بعد ان كانت لا تتم الا ببابل وصاحبهم ثم فى وقتنا هذا.))
اما ماذكره النديم ايضا عن الديانات التي كانت موجودة في تلك الحقبة ،والتي هي على الاكثر اما ديانات بابلية قديمة ،او ديانات منبثقة عن اخرى
ومن هذه الديانات التي اوردها النديم في الفهرست-;-
((الديصانية-;-
انما سمى صاحبهم بديصان باسم نهر ولد عليه وهو قبل مانى ،والمذهبان قريب بعضها من بعض وانما بينهما خلف فى اختلاط النور بالظلمة، فان الديصانية اختلفت فى ذلك على فرقتين فرقة زعمت ان النور خالط الظلمةَ باختيار منه ليصلحها فلما حصل فيها ورام الخروج عنها امتنع ذلك عليه، وفرقة زعمت ان النور اراد ان يرفع الظلمة عنه لما احسّ بخشونتها ونتنها شابكها بغير اختياره ومثال ذلك، ان الانسان اذا اراد ان يرفع عنه شيئا ذا شظايا محدّدة دخلت فيه فكل ما دفعها ازدادت ولوجا فيه، وزعم ابن ديصان ان النور جنس واحد والظلمة جنس واحد، وزعم بعض الديصانية ان الظلمة اصل النور، وذكر ان النور حىّ حسّاس عالم وان الظلمة بضدّ ذلك عامية غير جاسّة ولا عالمة ،واصحاب ابن ديصان بنواحى البطائح كانوا قديما وبالصين وخراسان ،امم منهم متفرّقون لا يعرف لهم مجمع ولا بيعة، والمنانية كثر جدا ،ولابن ديصان كتاب النور والظلمة، كتاب روحانية الحق، كتاب المتحرّك والجماد، وله كتب كثيرة ولرؤساء المذهب فى ذلك ايضا كتب ولم تقع الينا..
المرقيونيّة-;-
اصحاب مرقيون وهم قبل الديصانيّة، وهم طائفة من النصارى اقرب من المنانية والديصانية، وزعمت المرقيونيّة ان الاصلين القديمين النور والظلمة وان هاهنا كونا ثالثا مزجها وخالطها، وقالت بتنزيه الله عزّ وجلّ عن الشرور، وانّ خلق جميع الاشياء كلها لا يخلو من ضرر وهو مجلّ فى ذلك ،واختلفوا فى الكون الثالث ما هو، فقالت منهم طائفة هو الحياة وهو عيسى، وزعمت طائفة ان عيسى رسول ذلك الكون الثالث وهو الصانع للاشياء بامره وقدرته، الّا انهم اجمعوا على ان العالم محدث وان الصنعة بيّنة فيه لا يشكّون فى ذلك، وزعمت انّ من جانب الزهومات والمسكر وصلّى لله دهرَه وصام ابداً افلت من حبائل الشيطان، والحكايات عنه مختلفة كثيرة الاضطراب، وللمرقيونيّة كتاب يختصّون به يكتبون به ديانتهم، ولمرقيون كتاب انجيل سماه ولاصحابه عدّة كتب غير موجودة الا حيث يعلم الله، وهم يتستّرون بالنصرانيّة وهم بخراسان كثير وامرهم ظاهر كظهور امر المنانيّة..
الماهانية-;-
طائفة من المرقيونيّة يخالفونهم فى شىء ويوافقونهم فى شىء، فممّا يوافقون المرقيونية فى جميع الاحوال الا فى النكاح والذبائح، ويزعمون ان المعدل بين النور والظلمة هو المسيح ،ولا يعرف من امرهم غير هذا
الجنجيين-;-
هولاء اصحاب جنجى الجوخانى، وكان هذا الرجل يعبد الاصنام ويضرب بالزنجليج[ الة موسيقية وترية ] فى بيت الوثن، فترك ذلك المذهب وعدل الى مذهب ابتدعه، وزعم ان هاهنا شيئا كان قبل النور والظلمة وانه كان فى الظلمة صورتان ذكر وانثى، قال-;- فكان مع زوجته فى الظلمة، قال-;- فظهر للانثى نور وسرق قليلا من النور عالم الاحياء فتحركت كالدودة وارتفعت فقبلها النور والبسها شيئا من نوره ثم انها فارقته وسرقت منه نورا فرجعت الى موضعها فخلعت من النور الذى سرقت من الذى البسها النور السماءَ والجبال والارض وسائر الاشياء ،ويزعمون ان النار هى ملكة العالم واشيآء نستغفر الله من ذكرها ولا نعرف لهم كتابا..
مقالة خسرو الارزمقان-;-
هذا ايضا من جوخى من قرية على النهروان، وكان اصحابه يتفاخرون باللباس والزىّ وكان يامرهم بذلك، ويزعم ان النور كان حيّا لم يزل وانه كان نائما فغشيته الظلمة واخذت منه نورا وعادت الى موضعها فارسل اليها بالٰ-;-هٍ خلقه وسماه ابن الاحياء، وقال امض وائتنى بما اخذت الظلمة منى من النور فلما صار ابن الاحياء الى الظلمة اصابها قد تحاكّت فحدث منها بقوّة النور الذى حصل فيها كونان ذكر وانثى فمضى وعاد الى النور والى معدن الحياة والنفوس فاخذ منها والبسها ذلك المولودين ،وانه يذكر ان الماء الذى هو صبابة الاحتكاك خلق منه السموات والارضين وما فيها من النجوم والمياه والجبال، وكان يطعن على عيسى ويعجّزه ويكتم مذهبه ولا يذيعه، ولا كتاب له والذى يُحْفَظُ من كلامه وكلام اصحابه نحن الذين حفرنا السرب فى العالم فسرقنا من الدنيا المال العظيم فعُمْنا فذهبنا الى النهر فذهبنا بهنّ سودا واتينا بهنّ بيضا ورددناهنّ مشرقات مضيئات، هذا الكلام يغنون به مُلَحَّناً موزونا ويشبه مذهبهم فى هذا مذهب الحرمية..
الرشيّين-;-
يزعمون انه لم يكن غير الظلمة فقط، وكان فى جوفها المآء وفى جوف المآء الريح وفى الريح الرحم وفى الرحم المشيمة وفى المشيمة بيضة وفى البيضة المآء الحىّ وفى الماء الحىّ ابن الاحيآء العظيم، وارتفع الى العلو فخلق البريات والاشيآء والسموات والارض والالهة، قالوا وابوه الظلمة لا يعلم ثم عاد..
المهاجرين-;-
هولاء يقولون بالمعمودية والقرابين والهدايا، ولهم اعياد ويذبحون فى بيعهم البقر والغنم والخنازير، ولا يمنعون نساءهم من ائمتهم ويقبّحون الزنا..
الكشطيين-;-
يقولون بالذبائح والشهوة والحرص والمفاخرة، ويقولون انه كان قبل كل شىء الحىّ العظيم، فخلق من نفسه ابنا وسماه نجم الضياء ويسمونه الحىّ الثانى، ويقولون بالقربان والهدايا والاشيآء الحسنة..
المغتسلة,, المندائيون ,,
هولاء القوم كثيرون بنواحى البطائح هم صابة البطائح، يقولون بالاغتسال ويغسلون جميع ما يأكلونه، ورئيسهم يعرف بالحسيح(!)، وهو الذى شرع المّلة، ويزعم الكونين ذكر وانثى، وان البقول من شرع الذكر (!) وان الاكشوث من شرع الانثى(!) وان الاشجار عروقه(!) ولهم اقاويل شنيعة تجرى مجرى الخرافة، وكان تلميذه يقال له شمعون، وكانوا يوافقون المانوية فى الاصلين، ويفترق ملّتهم بعد وفيهم من يعظم النجوم الى وقتنا هذا ..
حكاية اخرى فى امر صابة البطائح-;-
هولاء القوم على مذهب النبط القديم يعظمون النجوم، ولهم امثلة واصنام وهم عامّة الصابة المعروفين بالحرنانيين وقد قيل انهم غيرهم جملة وتفصيلا..
مقالة الشيليين-;-
كان شيلى من المغتسلة الا انه كان يخالفها، وكان يلبس الخشن ويأكل الطيب وكان يميل الى مذهب اليهود وياخذ به..
مقالة الخولانيين-;-
هولاء اصحاب مليح الخولانى وكان تلميذ بابك بن بهرام، وكان بابك تلميذ شيلى وكان يوافق شيلى ويقف عن اليهود..
الماريين والدشتيين-;-
وصاحبهم مارى الاسقف، ويرون مذاهب الثنوية، ولا يحرمون الذبائح وكان دشتى من اصحاب مارى ثم خالفه..
اهل خيفة السماء-;-
صاحبهم اريدى، وكان ينزل طيسفون وبهرسير، وكان رجلا موسرا فخدع رجلا يهوديا فكتب له كتب الانبيآء والحكمآء واخترع لنفسه ملة ودعا الناس اليها وبنواحى طيسفون قوم على مذهبه..
الاسوريين,, الآشوريون,,
وصاحبهم ورئيسهم يقال له ابن سقطرى ابن اسورى يَسِقون الاموال والمكاسب ويوافقون اليهود فى شىء ويخالفونهم فى شىء ويظهرون ملّة عيسى..
مقالة الاوردجيين-;-
هولاء القوم يعظمون البحر ويقولون انه هو القديم الذى قبل كل شىء ،وانه لما خبّ اظهرت ريحه زبده، فلما رأته الريح صنعت منه مسكنا وسكنته، وباضت سبع بيضات، قال فكان من تلك البيضات السبع الهة سبع، ويسمّون احد الالهة النشابة لانه زعموا غاص فى البحر ثم خرج بسرعة كما يخرج النشابة، وقال انه خلق كوثرا ويعرف بالثل واجرى فى ذلك الثل نهرا يسمى الفرات العظيم ،ثم غرس على ذلك الثلّ سدرة قالوا وكان من البيضات السبع من احداهنّ )) … ,, يتبع ,,
المصدر
ــــــــــــــــــــــــــــ
الفهرست ــــ للنديم ـــ الجزء الاول ــ القسم الثاني ـــ ص378، ص406 ـــ ص407 ــ ص408 ، ص409،ص410،ص411

About عضيد جواد الخميسي

كاتب عراقي
This entry was posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.