حين كان مسعى العراقيين الوطنيين كسواهم من الأحرار والثوار والمناضلين هو تحرير أوطانهم من أي شكل من إشكال العبودية والاستعمار واستغلال ثروات أوطانهم، وكانت من مقدمة تطلعاتهم هو تحرير ثروة العراق النفطية من سلطة المحتكرين والشركات الاستعمارية تلك الشركات التي دأبت و ساهمت مساهمة فعلية في سرقة الثروة الوطنية من إنتاج النفط وغيره، لكي يحال أية نهضة داخل الدولة وليبقى الشعب قابعا في زنزانة التخلف والجوع والعوز والمرض والجهل، ليصطدم الشعب العراقي اليوم بواقع خطير جدا بعكس ما كانت عليه تطلعات العراقيين الأحرار، فبعد تشريع قانون (شركة النفط الوطنية العراقية) الذي- للأسف الشديد – صادق عليه، رئيس الجمهورية العراقية بتاريخ 25 آذار/مارس 2018 بعد أن كان مجلس الوزراء ومجلس النواب صادق علية قبل نهاية دورته في 30 حزيران 2018، أي السلطات الثلاث في الدولة العراقية، الرئاسية والتشريعية والتنفيذية، رغم الاعتراضات الجادة والموضوعية عليه من جانب الغالبية العظمى لاقتصاديي العراق والمختصين بشؤون النفط العراقي، ومنهم خبراء دوليون، هذا القانون الذي ليس إلا صفحة من صفحات تدمير نهضة الدولة العراقية وازدهاره، لان من وافق ويوافق بسن هذا القانون إنما يفرط بالثروة الوطنية ويقف بالضد من مصلحة الوطن والشعب لصالح شركات أجنبية احتكارية والتي لن تكون أفضل مما كانت علية شركات الاحتكارية النفطية في عشرينيات القرن الماضي والتي كانت تنهب إنتاج النفط العراقي ولا تمنح لدولة إلا الفتات وبما لا يمكنه من تطوير الصناعة النفطية لصالح نهضته وازدهاره ومن إيجاد مناخ
لنهضة الدولة ورفاهية الشعب، فجاء قرار الشعب العراقي بتأميم النفط وإنهاء سيطرة الشركات النفطية الاحتكارية التي كانت مهيمنة على الصناعة النفطية في العراق من حيث التنقيب والاستكشاف والاستخراج والنقل والتصدير ليصبح كل ذلك بعد التأميم بيد الشعب العراقي بعد مسيرة كفاح ونضال وصمود وانتصار معركته برضوخ الشركات الاحتكارية لمطالبه في الأول من آذار عام 1973، ليتم بعد ذلك مسيرة الكفاح والبناء، ليحدث تأميم النفط ثورة نوعية في حياة المواطن وعلى كافة أصعدة الحياة الاقتصادية والصناعية والصحية والعلمية والثقافية والاجتماعية والتي أدت إلى رفع المستوى ألمعاشي للمواطن العراقي بشكل ملحوظ، وهكذا استمر كفاح الشعب ضد كل إشكال التبعية والاستعمار ليصبح العراق بعد تأميم النفط نموذجا راقيا في كل دول العالم الثالث بعد إن امتلك مفاتيح ثرواته الوطنية ليتوجه بعد ذلك بفتح أفاق التقدم والتطور في العراق ليصبح مفخرة لكل الأشقاء العرب والمنطقة والعالم الحر، وفي نفس الوقت أصبحت نهضته صرحا حضاريا يؤلم الأعداء الاستعماريين والصهاينة عملاء الأمريكان وشعوبيين والشركات الاحتكارية، ومنذ إعلان التأميم النفط بدئوا هؤلاء الأشرار يرسمون الخطط والمشاريع العدوانية للنيل من العراق لإنهاء دوره المتعاظم في المنطقة بعد إن أصبحت تطلعاته النهضوية تزعج الدول الامبريالية، لذلك عملت بكل ما في وسعها لنيل من قدراته ونهضته فشنوا سلسلة من مؤامرات عليه، بدا بشن عدوان إيراني غاشم استمر لثمانية أعوام من اجل إنهاكه في حرب مدمرة، وما إن انتهت الحرب حتى ادخلوه في حرب الخليج الثانية وبعدها ادخلوه في حرب أكثر قسوة وبشاعة مما سبق وذلك بفرض حصار اقتصادي جائر استمر ثلاث عشرة سنة من الحصار منعوا الغذاء والدواء عن الشعب العراقي بعد إن منعوا تصدير النفط بغية قطع أي مصدر للإيرادات من اجل إن يركع الشعب، وعندما فشلوا من نيل منه بصمود الشعب أقدموا بارتكاب جريمة بشعة فاقت عن كل جرائمهم السابقة ضد الشعب العراقي وذلك باحتلال العراق مباشرة من قبل الأمريكان وعملائهم الاستعمار ليتم تحطيم وقتل إرادة العراقيين ونهضتهم وهذا ما حدث في عام 2003 باحتلال كامل لأراضي العراقية، وكان هدفهم الرئيس من العدوان هو السيطرة على النفط العراقي ومنابعه، حيث أشاعوا الدمار والخراب لمعظم مؤسسات ودوائر الحكومية الأمنية والعسكرية ومنشاته المدنية وسمحوا بالعناصر الضالة التي أتت معهم أن يمارسوا السرقة والنهب والحرق لكل هذه المؤسسات المدنية والعسكرية والأمنية لدولة العراقية وتحت أنظارهم إلا المؤسسات النفطية التي طوقوها ومنعوا أي عبث بمنشاتها وفرضوا عليها حراسة مشددة لأنها كانت إحدى أهم أهدافهم وغاياتهم وطموحاتهم الاستعمارية الغازية من احتلال العراق، بكون النفط العراقي الذي تم احتلال كل منشاته ومرافقة وأنابيبه وحقوله وباشروا بتصديره خلال أيام معدودة من احتلالهم للعراق، ليأخذوا كل إرادات النفط، وبتلك الأموال النفطية مولوا تكاليف الحرب والعدوان على الشعب العراقي وسيادة الدولة.
ومنذ احتلال العراق في 2003 والى يومنا هذا أصبح النفط العراقي بيد سماسرة الأمريكان والشركات الاحتكارية والحيتان الكبيرة من المتنفذين في إدارة الدولة العراقية الذين تعاملوا الأمريكان معهم كعملاء سلموا مقاليد السلطة في الدولة العراقية بيد هؤلاء ليتبادلون معا في رعاية مصالح بعضهم البعض، وهؤلاء فتحوا أبواب الدولة للأمريكان على مصراعيه لنهب والاغتناء ولتمرير المشاريع الأمريكية وعلى رأسها الهيمنة على منابع النفط وتامين السيطرة على إنتاجه وتصديره وهو هدفهم الاستراتيجي، ومنذ 2003 حاولت شركات النفط الاحتكارية الكبرى والحكومة الأمريكية وصنائعها تمرير قوانين عبر عملائها داخل الدولة العراقية تضمن هذه الهيمنة بتمرير عقود المشاركة في هذا المجال، وهذا ما جعل الشارع العراقي يسخط من تصرفات إدارة الدولة العراقية كل السخط، وما انكفأ يوما إلا وخرج بالتظاهرات بين حين وأخر، وما حالة الغليان الشارع العراقي في هذه الأيام إلا نتيجة لتدهور الأوضاع المعيشية في بلاد وانتشار البطالة والجوع والعوز وسوء الأوضاع الأمنية المنفلتة، ولهذا فان المتظاهرين يرفعون شعارات ضد ساسة العراق ومنها: ( نفط الشعب للشعب مو للحراميه ) و (باسم الدين باكونا الحرامية) و ( يا مواطن يا مسكين ضحكوا عليك باسم الدين) و ( اسم العراق القديم ما بين نهرين.. واسم العراق اليوم ما بين الخونه والمفسدين) و( أوقفوا سرقة المليارات وتفريخ الميزانيات) و ( أين ذهبت المليارات يا مسؤولين) و( ميزانية انفجاريه في جيوب الحراميه) و( إلى متى يعيش بلد الخيرات في متاهة الأزمات ) و( فاتورة الكهرباء خياليه والكهرباء معدومه) و ( الوطن بحاجة إلى مخلص وليس إلى مخ لص ) والى أخره من هذه الشعارات بعد إن تعالى الانحطاط بين أركان المتنفذين في السلطة بتبادل الاتهامات فيما بينهم بسرقة النفط وتجويع الشعب، ونظرا للأوضاع المواطن العراقي المتفاقمة بالعوز والفقر المتخم، وكما كان النفط العراق يسرق من قبل الشركات الاحتكارية الاستعمارية في عشرينيات من القرن الماضي، اليوم بسن هذا القانون إنما هو شكل أخر للسرقة عبر تأسيس شركة نفطية وتحت تسمية (الوطنية ) لتكون وجها جديدا من أدوات السرقة – تحت غطاء (وطني)، كذبا ونفاقا – ولتبديد الثروة النفطية وإنتاجه، ولهذا فان هناك أكثر من سبب ومن حيثيات لرفض هذا القانون المدمر والمساهم في تجويع الشعب وتركعيه، رفضا قاطعا، بعد إن تم من قبل هذه الشركات الأجنبية التي دخلت الوطن من باب هذا التشريع والاستثمار في مجال القطاع النفطي فتم الاستغناء عن عمال العراقيين وجلب بدل عنهم عمالة أجنبية مما زاد من الطين بله في تفاقم نسبة العاطلين عن العمل بين صفوف الشعب العراقي والتي أدت إلى تفاقم الأوضاع المعيشية، ولهذا لابد من حملة جماهيرية للوقوف صفا واحدا لإسقاط هذا القانون وبكل السبل المتاحة، ولنقف بالضد لأي مشروع لا يستفاد منه سوى السراق والحيتان الكبيرة والشركات النفط الأجنبية المحتكرة، ولنرفع صوتنا الرافض لأي قمع وإهدار لثرواتنا الوطنية ليتم تحرير الثروة النفطية العراقية بما يحقق طموحات العراقيين بالحرية والاستقلال والسيادة الوطنية، وعلى الطبقة العاملة ونقاباتها المعنية بذل جهودها وكل ما في وسعها في هذه المرحلة لإسقاط هذا القانون قانون (شركة النفط الوطنية العراقية) الذي أريد منه تدمير الاقتصاد العراقي وإدخاله في سياسات خصخصة النفط وبالتالي فان المتضرر منه هو الشعب العراقي بصورة عامة والطبقة العاملة بصورة خاصة، وعلى الشعب إن لا ينخدع بشعارات البراقة الواردة في شكل القانون، لان شكله براق زاهي ولكن جوهرة مظلم ودخول فيه كدخول نفق مظلم لا نهاية له، فالترويج الذي أعلن وبذل إعلاميا لهذا القانون جل ما كان يركزوا عليه يحيط بفقرة (حصة المواطن في إنتاج النفط) بينما يسدل الستار عن بقية الفقرات التي تنتهك سيادة الدولة و تهدر ثرواته لصاح الشركات الاحتكارية الأجنبية، فإعطاء (سهم واحد) من إنتاج النفط لكل مواطن العراقي هو خداع وتحايل عليه ليس إلا، وخاصة إذ علمنا بان قيمة هذا السهم هو بحدود( 32 ) دولار في السنة أي (دولارين وسبعين سانت) في الشهر، وفق حساب بسيط بين عدد سكان الشعب العراقي وكمية إنتاج النفط المصدر وسعر صرفه، وإذ ما حولنا هذا المبلغ إلى الدينار العراقي وبسعر صرف دولار في سوق العراقية المضطرب سنصل إلى رقم تافه جدا، لا يقدم ولا يؤخر من شيء، إذ بهذا المبلغ الذي بشروا به المشرعون لهذا القانون لا يستطيع المواطن العراقي شراء حتى كيلوا واحد من الطماطم …..!
فهذا (السهم الواحد) هو بمثابة إعلان موت بطيء للمواطن وإعلان صريح بتحايل وعدم توضيح الحقائق، لان جل أسهم النفط المتبقية ستذهب إلى جيوب أصحاب القرار ليكون النفط بالمحصلة الأخيرة آلة بيدهم يشترون ذمم الأفراد و يستعملونه كسلاح ذو حدين، ففي وقت الذي يمنحون المواطن حصة واحدة من أسهم النفط تعود الحكومة باستقطاع الضرائب منهم وكان شيء لم يكن، إن لم يثقل على كاهل المواطن بإضعاف ما يتم منحه، وعلى المشرعين إن يكفوا الضحك على ذقون المواطنين برفع شعار(للشعب حق في ثروته النفطية)، فالحق لا يكون بـ(حصة سهم واحدة) وهذه الحصة تأخذ منه بهذا الشكل أو ذاك، فرفع كلمة (كل) من هذا الشعار، إي أنهم (لا) يقولون: (للشعب حق في – كل – ثروته النفطية)، هو تعبير مقصود لان المشرع حدد هذا الحق بـ(سهم واحد) وليس (كل) الثروة النفطية، لان هناك تحايل في تمرير مشروع القرار سواء من وزارة النفط أو من جهات في لجان البرلمان المختصة في هذا المجال، لان المسودة الأولى لقانون (شركة النفط الوطنية) المقترحة التي أعدتها وزارة النفط عبر اخذ أراء الخبراء وأرسلتها إلى مجلس الوزراء الذي بدوره اقره وحوله إلى مجلس النواب تم تلاعب على هذه المسودة خلف الكواليس وبعيدا عن الرقابة وبشكل مريب، ليتم صياغة وتشريع قانونهم بصيغته الحالية المدمرة لوحدة العراق أرضه وشعبه وفرط بالثروة الوطنية، ليمرر قانون الشركة – بشكله الحالي رغم خطورة المواضيع التي يتضمنها – بشكل مفاجئ مما اثأر التساؤلات والشكوك عن سبب ذلك ولماذا سارعت رئاسة الجمهورية بالمصادقة عليه رغم حملة الاعتراضات التي أثارها الخبراء المختصون في شؤون النفط حول هذا القانون، ففي وقت الذي ورد في نص الدستور العراقي الحالي بـ(أن الشعب العراقي هو مالك كل الثروة النفطية والغازية)، فعبر سفسطة وتلاعب بالألفاظ والمصطلحات فان قانون النفط الجديد يشير باعتبار( أصبح الشعب مالكا للنفط )، وهذا كلام خطير جدا يناقض الدستور، لان تفسيره لا يحتمل سوى هذا المعنى فحسب، (بان الحكومة برفع يدها عن النفط أصبح النفط ملكا لشعب ….!) .
وهنا من حقنا وحق أي مواطن عراقي إن يسال: هل الحكومة التي تتولى إدارة شؤون الدولة العراقية وشعبه هي ليست من الشعب ذاته ….! الشعب هو الذي يختار حكومته وهو من يستطيع تغير وجهها وتقويم سلوكها، أ كانت ذو سلطة دكتاتورية أو مستبدة، وبالكفاح وبالنضال.
فحقيقة الأمر في قانون (شركة النفط الوطنية العراقية) هذا، بان ملكية النفط حسب القانون هي ملكية لشركة فحسب، والشركة تتكون من إفراد سواء من أهل البلد أو من الأجانب وملكيتهم هي ملكية شخصية وليست ملكية الشعب ولا يستطيع الشعب تمادي على حقوق ملكيتهم حسب القوانين، وقانون (شركة النفط الوطنية العراقية) ضمن فقراته تكون الشركة عبر تخويلها جزا من السلطة التنفيذية في الدولة بل وفوقها لأنها تستلم (كل) عوائد النفط والغاز المالية بعد إن تصبح كل عوائد التصديرية ملكا لها فحسب وليس ملكا للشعب، وهنا يطرح السؤال نفسه هل العوائد المالية من تصدير النفط والغاز والتي كانت تعود إلى وزارة النفط أو وزارة المالية أو أية جهة أخرى كانت تحددها حكومة الدولة العراقية، لا يعتبر النفط والغاز ملكا للشعب…..؟
أليست هذه سفسطة عقيمة معروفة الهدف والغاية سلفا….!
فان تصبح (شركة النفط الوطنية العراقية) هذه، فوق سلطة الدولة هو أمر في غاية الخطورة وسابقة لم تحدث، فمدير الشركة يصبح عبر هذا القانون عضوا في مجلس الوزراء بمنصب الوزير، في وقت الذي هو متعارف على أية شركة عامله في الدولة، هي ضمن قطاع تشغيلي تكون تابعة لهذه الوزارة أو لتلك، فمن غير معقول إن تمنح الشركة إصلاحيات الوزارة بل وتصبح وزارة سيادية وتنفيذية وان كل عوائد المالية لصادرات النفط والغاز هي ملكيتها وليس ملكية الشعب الذي لا يحق تدخله بشأنها ويكتفي بمنحة حصة (سهم واحد)، وهنا أيضا يطرح السؤال نفسه مجددا: ماذا لو تم حجز ومصادرة أموال وعائدات هذه الشركة خارج العراق لهذا السبب أو ذاك ……؟
لذا يجب إيقاف تنفيذ هذا القانون لان تأثيراته السلبية خطيرة على امن واستقلال الدولة وستكون كارثية مدمرة، ومن الخطأ السياسي والاقتصادي إن نخلق بأنفسنا كيان يعلو فوق سلطات الدولة بما نخلق بؤر الفساد بكون الشركة هذه ستستقطب مما هو أساسا ملوث بالفساد سواء من إفراد أو من كيانات سياسية أو من دوائر الدولة الأخرى، لان في هذه الشركة سيجدون ضالتهم بخلق طبقة فاحشة الثراء يطغوا على تصرفاتهم الغطرسة والاستعلاء ليس على أبناء الشعب واستغلالهم فحسب، بل حتى على أجهزة الدولة ذاتها وسنعمق الفوارق الاجتماعية أكثر وأكثر، وإن كنا جادين و نسعى إلى تقليلا الفوارق الاجتماعية بين إفراد المجتمع الواحد فليس بسهم واحد يعطى للمواطن نكون قد أنصفنا في حقه، إن إنصاف الحقيقي للمواطنين هو في إعطاء فرص لتحسين ظروفهم الاجتماعية، وتكمن بإيجاد فرص عمل وتنفيذ مشاريع إستراتيجية في كل مدينة وناحية وقرية عراقية، واضن بان هذه الشركة والتي كما تسمى (شركة النفط الوطنية العراقية) لن ولن تستثمر في قطاعات لها علاقة بالأنشطة الخدمية أو تنموية وإعادة تأهيل وتشغيل المنشآت الإنتاجية التي دمرتها آلة الحرب الأمريكية الغاشمة في القطاع العام والخاص والمختلط وفي كل ميادين القطاعات الاقتصاد الحقيقي، لان أمر ذلك لا يعنيها لان جل ما يعنيها هو تطوير إنتاجها بما يرد لها من أموال وإرباح خاصة فحسب، ولكن الذي شرع قانون( شركة النفط الوطنية العراقية) وأساسا قد أتى وفق أجندة خاصة لا تبتعد بأي شكل من إشكال عن أجندة أمريكية التي تقوم بإملاء ما تريد على عناصرها التي جندتهم منذ احتلالهم للعراق في 2003 والى يومنا هذا، فان يدها تطول في كل مؤسسات السيادية للدولة العراقية وهي تريد إبعاد إي دور لقيادة وطنية حرة شريفة تقود الحكومة في العراق وبأي شكل من الإشكال وعبر أجندات هي اعلم بها، ولذلك فهي تعمل من خلال عملائها لإبعاد الحكومة عن مصادر النفط والاستثمار في هذا المجال بغية إهدار ثروات الوطنية على الاستهلاك والاستيراد المنفتح بلا قيد وشرط ليتم تهريب الأموال إلى خارج الوطن دون استثمار فيه وليتعشعش الفساد في كل مرافق المؤسسات ومنشاة الدولة ليتم تفتيه بهذا الشكل المريب، وعبر هذه القوى التي تتحرك وفق أجندة أمريكية هي التي مررت هذا القانون بكونه واحد من أهم القوانين التي يتعلق أمره بـ(النفط) الذي هو هدف أمريكا بكل ما أقدمت عليه لاحتلال العراق ولكي تضع يدها عليه ومن خلاله تستطيع فرض إرادتها على الدولة والشعب، وهذا هو اخطر ما في هذا القانون (السيئ الصيت)، لان وفق هذا القانون فان الملكية الكاملة تنتقل إلى ( شركة النفط الوطنية العراقية) هذه، حيث تقوم الشركة بكافة العمليات من التنقيب إلى البيع، وتتعاقد مع الشركات الأجنبية في جميع المجالات، في مقابل تحصل الدولة العراقية ضريبة بنسبة (90) بالمائة من الأرباح النهائية، في وقت الذي ما كان الحال عليه قبل تشريع هذا القانون بان الدولة العراقية هي التي كانت تهيمن على النفط، من مراحل استخراجه وإنتاجه وبيعه وتستلم الموارد الناتجة عن بيع النفط، وهذا ما يثير استغرابنا كيف الدولة توافق بتفريط عن هذا الحق بسلب ملكيتها من نفط وهو ملك للشعب ويمنح إلى (شركة النفط الوطنية العراقية) التي لا تملك هذا الحق، ولا نعرف كيف ساومت على أمنها واستقلالها وكرامة شعبها من اجل جني ضرائب على إرباح هذه الكائن الذي استحدثته في جسد ألدوله ليكون بمثابة مرض سرطان ينهش جسده، في وقت الذي نعلم ويعلم جميع الاقتصاديين وذو الاختصاص بان هذه الضرائب تأتي وفق تقديرات كلفة استخراج النفط والتي تحددها الشركة ذاتها وفق مصالحها ومصالح فروعها من الشركات الأجنبية ووفق تخمين (عالي الأسعار) للآلات المستوردة والبضائع ذات الشأن وعقود الخدمات والتي جلها ترتبط بالشركات الأجنبية، همها الأول والأخير هي الإرباح، وهذا ما يؤدي إلى تقليل الإرباح المعلنة رسميا من قبل الشركة وهي بتالي ستوثر على دخل الدولة، وهذا يعني تقليل الخدمات التي تقدمها الدولة الاجتماعية والتعليمية والصحية، لأن الإيرادات قد حددت وفق هذا القانون بـ(الضرائب) فقط، لينهي قيام الدولة بالاستثمار ليتولى هذا الدور للقطاع الخاص والأجنبي و الاعتماد فقط على الضرائب في تمويل الموازنات وهذا ما يؤدي إلى أضعاف الدولة وتحديد خدماتها وأعمالها في الحدود الدنيا والتي ستمثل فقط في شؤون الدفاع والأمن وبعض البني التحتية، والتي أيضا ستتأثر لا محال بضعف بنيتها لعدم وجود دعم مال قوي وضخم لتطوير قدراتها، ورغم إن هذه الدور السلبي سارت عليه الدولة بحكوماتها المتعاقبة منذ احتلال الأمريكي للعراق في 2003 والى يومنا هذا، فلم نجد أي استثمار جديد وجدي في القطاعات الإنتاجية ولم تحاول الدولة أو بالأحرى حكوماتها من بذل أي جهد ومسعى لمساعدة القطاع الخاص وبإعادة تأهيل وتشغيل المصانع والمزارع والمعامل الإنتاجية ومنشآته المتوقفة، واكتفت بفتح باب الاستيراد على مصراعيه، وأصبح العراق يستورد كل شيء ليصبح اقتصاده اقتصادا ريعيا بامتياز بل تخطى ريع النفط وكل ما يأتي منه إلى رواتب وأجور العمل ولم تستطع الدولة رغم ارتفاع الأسعار ورفع الحصار عنه من إن تضف إلى الاقتصاد الحقيقي أية إضافة تنموية تذكر، ومما زيد الطين بله يأتي قانون ( شركة النفط الوطنية العراقية) ليزيد من هذا الأمر من هدر الأموال والاستهلاك، وقد أخفق بحسابات كل من سعى بتشريع القانون بغية تحويل الاقتصاد العراقي من (ريعي) إلى اقتصاد (ضرائبي) ولكن في كل قراءتنا لما يؤول المشهد بان الدولة ستبقى دولة ريعية تعتمد على إنتاج النفط فحسب الذي سيبقى تحت تأثير مستمر بتذبذب الأسعار، ولا يمكن الخروج من الاقتصاد ألريعي إلا بالاستثمار في الصناعية والزراعية في خط موازي مع إنتاج النفط، والذي لا بد من تحويل عائدات النفط في الاستثمارات أخرى في مشاريع صناعية وفي قطاع الزراعة والري وفي قطاعات خدمية والبنية التحتية، ولابد إن لا يغفل دور الإنسان والاستثمار في حقوله وهو أهم الاستثمارات التي يحتاجها العراق وخاصة في هذه المرحلة بما يتعلق بالتعليم والثقافة والصحة، لان من شان ذلك يزيد في استقرار وامن الدولة وبما يشجع القطاع الخاص والأجنبي في الاستثمار، وبدون استثمار الدولة و خلق بيئة آمنة وصحية وغير فاسدة لن يتجرءا أحدا الاستثمار في المشاريع الإنتاجية، ولابد إن يتيقن جميع العراقيين بان النفط هو ملك الشعب والشعب هو من يحكم، من الإنتاج إلى التصدير، فان النفط هو للعراقيين وهو مصدر قوتهم وهي قوة لابد إن نضعها ونضع النفط في خدمة قضايانا المصيرية في الحرية والاستقلال والنهضة والازدهار والتطور، ولابد إن تضع الدولة يدها، من الإنتاج إلى التصدير النفط، لصالح شعبها وليس لصالح الشركات الاحتكارية، ووفق خطة تراعي متطلبات الشعب وتحافظ على الاحتياطي المضمون للأجيال القادمة في إن يكون لها نصيب من هذه الثروة الوطنية، لان السير في ركب تطلعات المحتل الأمريكي ومن يجاريهم في الرأي والقول والفعل في تحويل اقتصاد الدولة العراقية إلى اقتصاد رأسمالي إنما هي جريمة ككل جرائم التي ارتكبت بحق العراقيين خلال العقود الماضية وترتكب اليوم، لان كل أوتار التي تعزف في هذه اللعبة القذرة تتجه نحو تشريع القوانين بهذا الاتجاه، لان رفع يد الدولة عن إنتاج النفط ومنحة لشركات الاحتكارية هي سياسة اقتصادية رأسمالية بحته، لان التوجه الرأسمالية مفهوما وتطبيقا يسير بهذا النحو، ويراد منا إن نركب عجلة النظام الرأسمالي المتوحش لتدمير الدولة ولسحق إرادة الشعب لـ(يتشيء) ويصبح جزءا من الأشياء لا حول له ولا قوة ينقاد وفق ما تقوده (المادة) فحسب، وتضرب القيم والأخلاق عرض الحائط ويستغل الإنسان إلى أقصى درجات الاستغلال والعبودية المادة والتي هي ابعد ما تكون عن قيم وأخلاق مجتمعنا العراقي لأننا تفتحنا على قيم المروءة والشرف وتخفيف معانات الآخرين وحمل أعباءهم كما نحمل أعباء الحياة ونرفض الاستغلال لا بحقنا ولا بحق الآخرين، فكيف الحال وساسة العرق الجدد شرعوا قانون بما يسمى قانون ( شركة النفط الوطنية العراقية) الذي هو ليس إلا وجه من وجوه الاستغلال وعودة العبودية .
واليوم الشعب العراقي رغم عمر هذا القانون القصير؛ يحصد ثماره بتفاقم أزمة المعيشة من انتشار البطالة سوء الإدارة، حيث تفاقم أزمة انقطاع الكهرباء وشح مياه الشرب وجفاف انهر العراق وارتفاع نسبة الملوحة فيها و .. و.. ، والدولة عاجزة من إيجاد حلول لهذه الأوضاع؛ لان الفساد وانتشاره في كل مؤوسسات الدولة ينخر جسدها وهي لا تقدم إلا حلولا تركعيه والتي تزيد من غليان الشارع العراقي الذي لا محال سيجد الشعب نفسه في نهاية المطاف يقود إلى ثورة شعبية تطيح بكل مؤوسسات الدولة الفاسدة ونظامها ودستورها لإنهاء الظلم والفساد وحالة أللاستقرار الذي يشهدها لعراق منذ 2003 والى يومنا هذا؛ مما أثقل من كاهل المواطن العراقي لدرجة التي لم يعد إمامه سوى طريق الثورة والتغير كحل ليس سواه من حل أخر .