السعودية هي ثاني أكبر احتاطي نفط في العالم وإيران هي رابع احتياطي نفط في العالم وهما قطبا الصراع الرئيسيان في الشرق الأوسط وخلاصة الصراع السني الشيعي الممتد عبر التاريخ وكل واحد منهما يحاول بكل ما أوتي من نفط ومال ورجال وقوة أن يثبت أنه الإسلام الصحيح و أنه المذهب القويم الذي يجب أن يقود الأمة بل العالم الأجمع فهو مذهب الخلاص للبشر في الدنيا وفي الآخرة .
المعضلة الكبرى أنهما لا يتصارعان على أرضهما بل على أرض الغير ومدن الغير ودماء الغير لتتحول الدول من حولهم إلى أشباه دول وأنقاض تذروها رياح الخيبة ومدن مهجرة مدمرة تنعق عليها الغربان وتحكي ذكريات أناس كانو يوما ما هنا ثم تشردو على أرصفة الدول منهم المقهور ومنهم المبتور ومنهم الثكلى ومنهم الذي فقد كل شيئ .. ماله وبيته وزوجته وولده .
النفط كثير وينابيعه لا تجف و لا تنتهي والأموال لا تأكلها النيران وولاة الأمور في بذخ من قصص ألف ليلة وليلة ، قصورهم عامرة ومزينة بالذهب والفضة واللؤلؤ والمرجان وسياراتهم فارهة صنعت خصيصا لهم في أرقى المصانع العالمية وألبستهم مطرزة فخمة من أجود أنواع الحرير ، فوق أبراج عاجية و خلف أموال تتدفق كأمواج البحر يديرون معركة الإسلام الصحيح والدين القويم على حساب شعوب كل همها أن تجد لقمة سائغة لأطفالها في ذلك اليوم وأن ترفع أيديها متضرعة إلى رب السماء من أجل أن يقيها شر شياطين السماء وما تقذف به الطائرات من حمم ، شعوب مقهورة مذلولة جائعة محرومة من أبسط وسائل العيش الكريه فضلا عن أن تحلم بوسائل العيش الكريم .
في سوريا و في اليمن ضحايا بالملايين لسعار قطبي الإسلام وشرق متهالك برمته بسبب هذا الصراع وعقول تهجرت وشباب بات يجلس متسكعا على أبواب السوسيال في دول الغرب ونساء تبكي ما تركت من عظام خلفها قد تعلم أو لا تعلم في أي ثرى دفنو أو ربما تناثرو مع البراميل المتفجرة أو السيارات المفخخة وذهبت أجسادهم مع الريح .
يعاني اليوم عشرون ألف يمني من الكوليرا .. هذا الوباء الذي انقرض من العالم أجمع إلا في أمة الإسلام الصحيح وصراع المذاهب الذين يريدون أن ينقلو تجربة حكمهم الفريدة إلى اليمن .. تجربة رجم النساء ومنعهن من قيادة السيارة وإلباسهن البراقع السود وإخفاء وجوههن من الوجود .
تهرع المنظمات الدولية لإنقاذ اليمن من الكوليرا ولكن قطبي الصراع غائبان عن المشهد وكل همهما الحفاظ على مصالحهما مع الغرب حتى يبقى كل حاكم على كرسيه إلى الأبد و بدل أن تصرف السعودية جزءا مما وهبها الله من أموال لمكافحة الكوليرا تهرع لتعقد صفقات بقيمة ٤٨٠ مليار دولار مع ترامب مقدمة له كل فروض الطاعة والذل والخنوع فقط من أجل أن يرضى عنها السيد الأمريكي ويؤكد لها أنها ما زالت مهتمة بأن تحمي الخليج من البعبع الإيراني الذي صنعته هي بنفسها من أجل ابتزاز الطرفين إلى الأبد .
أمة تعيش عارا لم تعشه في تاريخها فأمام كل هذه الأموال وكل هذا البذخ الأسطوري وكل هذا النفط والغاز والطاقة وصفقات بين إيران والغرب بمئات المليارات من الدولارات وبين السعودية وأمريكا بحوالي نصف ترليون دولار يموت شعب على حدودهم بسبب الكوليرا وينتشر المرض ليحصد أرواح أطفال بريئة حرمو من التعليم ومن اللعب ومن الغذاء ثم حرمو أخيرا من ذلك النفس الذي يختلج صدورهم فتهاوو مستسلمين للمرض وللموت في حرب أشعلها قطبا الصراع وجندو لها الموالين وأمراء الحرب ودفع ثمنها الشعب المقهور والمغلوب على أمره .
أمام كل هذا العار تنشغل هذه الأمة بشكل هستيري بابنة ترامب .. كيف لا وأساس بنيانها قائم على فكرة الجنس فهو مكافأة للمجاهدين في الأرض إن غزو وسبو ومكافأة لهم في الجنة إن استشهدو و الجميع ساكت وراض بهذا الذل وأولهم علماء الدين أذيال السلطة والسلاطين مع غياب تام للجمعيات المدنية والحركات السياسة التي لا تدور في فلك هذه الأموال النفطية أو حتى المثقفين الذين لم تلوثهم هذه الأموال وغياب فاعلية قوى اليسار التي كان لها نصيب في تحريك الثورات لكنها فشلت في إدارتها في ظل هيمنة المال على الثورات وإعلامها ورجالها ومثقفيها وخلاصة القول أنهم يتصارعون ليثبت كل واحد أنه الإسلام الصحيح والنتيجة كل هذه الكوليرا ..!!!