الهجوم الإرهابي الأخير الذي إستهدف معسكر ليبرتي لن يكون الأخير، بل هو حلقة في سلسلة تصفية كل اللاجئين الإيرانيين الموجودين في معتقل ليبرتي، ولا هو أيضا بالهجوم المفاجيء، فقد اكدت منظمة مجاهدي خلق مئات المرات بأن المعسكر مُستهدف من الميليشيات الإرهابية التابعة للولي الفقيه، وأن موقع المعتقل الحالي هو الأسوأ، ويبدو أن أختياره جاء لتسهيل عمليات التصفية كما أثبتت الوقائع. وأكدت المنظمة بأن هناك تحضيرات لهجوم غادر قريبا، ولكن الحكومة العراقية الموالية لإيران كالعادة أعطت المنظمة والمناشدات الدولية والعربية الاذن الطرشاء. ولأن حكومة العبادي موالية لإيران مائة بالمائة وكما عبر العبادي مؤخرا بأن البلدين كالروج والجسد ، لذلك يمكن الجزم بأن أي هجوم إرهابي يستهدف سكان ليبرتي يريح الحكومة العراقية (الجسد)، طالما إنه يريح ولاية الفقيه (الروح)، وليضرب الرأي العام الدولي والمفوضية العليا للاجئين وممثل الأمين العام روسهم بالحائط! أو يخفونها في الرمال كالنعام.
وابل من الصواريخ الغادرة والحمم الشيطانية إنهالت على رؤوس المدنيين الأبرياء في معتقل ليبرتي يوم 29/10/2015 ولم تحدد الخسائر بعد، وقد عبر عبر ناطق أشرفي بإسم (معتقل الحرية) بأن هذا الهجوم هو الأسوأ الذي تعرضوا له، فقد باغتتهم الصواريخ وتعذر على النساء والأطفال والمسنين الإختباء لتفادي الضرر. وحتى الذين تمكنوا من الإختباء فقد طالتهم الصواريخ في الكرفانات الهشة غير المحصنة، علاوة على الحرائق التي إلتهمت الكرفانات ومن وما فيها. بالتأكيد بصمات الجهات التي تقف وراء الهجوم الإرهابي معروفة للجميع، سبق ان أعلنت ميليشيات ولاية الفقية مسؤوليتها عن هجومات سابقة تعرض لها ليبرتي، علاوة على أن زعمائها يهددون سكان ليبرتي بتصريحات رسمية في وسائل الإعلام، ويطالبون أعضائها بالرحيل، وكان الأمر بإيديهم، أو إنهم وجدوا بديلا لكنهم أصروا على البقاء في العراق بسبب سمو أخلاق الحكومة وحسن ضيافتها للاجئين وإلتزامها بالإتفاقيات الدولية!
المصادر الأمنية العراقية حلت الطلسم الإرهابي بغباء منقطع النظير، بل إنها كشفت بما لا يقل الشك بأنها وراء الحادث الإرهابي أو على الأقل تتستر على المنفذين، فقد ذكرت بأن ” الصواريخ كانت تستهدف فرقة الرد السريع، ولم تستهدف عناصر منظمة مجاهدي خلق الإيرانية المعارضة”! وأن ” القوات الأمنية هرعت إلى مكان الحادث، في حين نفذت حملة تفتيش في المناطق القريبة لمعرفة مصدر الإطلاق”. لاشك أن العاقل يتوقف أمام هذا الإعلان الغبي ويتساءل كيف عرفت الجهات الأمنية بأن الصواريخ كانت تستهدف فرقة الرد السريع وليس ليبرتي؟ وهنا سنكون أمام إحتمالين:
أولهما: ان القوات الأمنية العراقية تقرأ النوايا وما في دواخل النفوس، وهذا الأمر لا يمكن أن يقبله لبيب، فالقوات الأمنية العراقية كما تثبت التجارب يوميا هي أعجز من أن تحلٌ لغز جريمة جنائية وليس لغز صواريخ طائرة في الجو.
ثانيهما: إن القوات الأمنية تعرف مسبقا هدف الصواريخ، لذلك حددت إتجاهها والغاية منها، وهذا يعني أما ان القوات الأمنية تعمل مع الإرهابيين لأنهم إستهدفوا فرقة الرد السريع وتسترت عنهم، وهذه خيانة عظمى، أو ان القوات الأمنية تعرف بأن الهدف هو معتقل ليبرتي، لذلك أعطت الضوء الأخضر للصواريخ لأن تنطلق وتضرب اللاجئين كما هو مقرر، وكلا الحالين لا يسر.
مهما يكن من حال فأن الحكومة العراقية ستطمس معالم الجريمة وتشتت الأفكار ويغلق التحقيق لأن الفاعل ـ المعروف للجميع ـ مجهول! كما حدث في الهجومات الإرهابية السابقة فلا نتائج تحقيقية ولا إتهامات ولا إدانات لأية جهة. أو ربما تعلن فرقة إرهابية حكومية جديدة اسمها (فرق الموت) مسؤوليتها عن العملية الإرهابية كما جرى في إختطاف العمال الأتراك من قبل حزب الله العراقي، وأخرجت حكومة العبادي مسرحية فاشلة أضحكت الجميع.
أدعت الجهات الأمنية بأنها عثرت على العجلة التي إنطلقت منها الصواريخ، وهذا يعني أنه لو فعلا أرادت الحكومة ان تعرف من يقف وراء العملية الإرهابية فأنه بإمكانها فورا تحديد عائدية العجلة والجهة التي تملكها، دون الحاجة إلى اللف والدوران. ولكن ليطمئن الجميع هذا لن يحدث! ويبدو ان الميليشيا التي قامت بالعملية مسيطرة على الوضع تماما وتتصف بالهدوء التام! فقد قصفت براحتها وإنسحبت براحتها، على الرغم من كون المنطقة عسكرية بحتة، ويحيط بها الجيش من كل الجهات، علاوة على الكامرات الألكترونية التي تغطي المكان بأكمله، والسيطرات الأمنية التي لا تسمح بمرر كلب دون أن تتحقق من هويته. وقد بلغ مستوى التحدي عند الميليشيا بما يفوق التصور عندما تركت دليلا (العجلة) ورائها دون أن تعبأ بها. من المعروف إن الإرهابي لا يترك دليلا ورائه، ولكن هذا النوع من الإرهاب يفصح عن نفسه بنفسه، ربما غطرسة أو تحديا، الله اعلم ما في النفوس.
الجانب الامريكي وهو سبب كل هذا الإرهاب الذي طال العراق وضيوفه اللاجئين، يقف دائما مكتوف الأيدي متفرجا على مصائب الأبرياء، متناسيا إنه قدم العراق إلى نظام الملالي على طبق من ذهب، وقدم مجاهدي خلق للميليشيات التابعة لنظام الملالي على نفس الطبق بعد أن تنصل عن إتفاقه معهم وهذا ديدنه بالتجربة والبرهان. في كل الهجومات السابقة والحالية والقادمة يكتفي بنفس التعليق الممل لقد تفاجأ بالخبر، وهو يحث الحكومة العراقية على بذل المزيد من الجهود للقبض على الإرهابيين وتقديمهم للعدالة. لكن لا هو يحزم أمره ويطالب حكومة العبادي وخلفه بنتائج التحقيقات السابقة، ولا حكومة العبادي تعيره إهتماما لأنها تعرف عدم جديته، ولا الميليشيات تتوقف عن إستهدافها لسكان ليبرتي خشية من الإثنين، حلقة مفرغة فعلا، مفرغة من الضمير والإنسانية والعدالة. جاء في تعليق جون كيري أبو حنك “ندعو المسؤولين العراقيين إلى القبض على المسؤولين عن الهجوم ومحاسبتهم. ونحن نتشاور مع الحكومة العراقية للوقوف على المدى الكامل لهذا الهجوم غير المبرر”. لا تعليق!
أما ممثل الأمين العام فيبدو انه لم يصحو من غفوته رغم دوي الصواريخ الذي زرع الموت وايقظ موتى القبور بصداه المدوي. مع هذا حتى لو صحا من نومه فسوف يكون تعليقه نفس الإسطوانة المشروخة ” نعبر عن بالغ قلقنا عن هذا الحادث الإجرامي، ونطب من الحكومة تعزيز الحماية في مخيم ليبرتي”. ويعود بعدها الى غفوته الناعمة. هذا الرجل وسيده في نيويوك ليس لديهم وسيلة للتعبير عن كل المصائب والكوارث التي تحدث في فلسطين والعراق وسوريا واليمن ولبنان المبتلاة بقوى الإستيطان الصهيوني الإيراني، سوى جملة ركيكة مللنا من سماعها” نعبر عن عميق قلقنا”! الا طز وألف طز في قلقكم الكاذب!
نسأل الله تعالى ان تنقشع غيمة الإحتلال الامريكي الايراني عن العراق، وأن يرحم القتلى الأبرياء من العراقيين واللاجئين في ليبرتي، ويسكنهم فسيح جناتهم. اما الأمم المتحدة فنعبر لها عن عميق قلقنا من مواقفها. أونقول لكيري بأن الحكومة العراقية جادة فعلا في القبض على وكلائها الجناة وتسليمهم للعدالة، لكنها تنتظر الأمر من الولي الفقيه.
علي الكاش