قبل الحديث عن بعض الملاحظات الجوهرية العامة لنتائج الانتخابات البرلمانية الأوربية، أود توجيه الشكر للأخ “علي مقدم “على مقاله المنشور في موقع الحوار المتمدن بتاريخ 26 / 5 / 14 بعنوان ملاحظات حول الانتخابات نتائج الانتخابات الأوربية في فرنسا.
كذلك الشكر للأخ ” احمد صالح سلوم ” على مقاله المنشور في الحوار المتمدن يوم 26 / 5 / 14 بعنوان القارة العجوز وخرف خياراتها الذي يتناول الحالة في بلجيكا .
——————————————————————————
هل يمكن ان نضع عنواناً فرعياً مثلاً ..أي غد لأوربا ..؟ أوعنواناً أخر هو ذاكرة جديدة لأوربا . أم أوربا بانتظار هولوكوست جديد. كإحدى النتائج الأولية غير النهائية المستخلصة من الانتخابات البرلمانية الأوربية ..؟ كل العناوين ممكنة كما المثل القائل كافة الطرق تؤدي الى روما . هنا إشارات المرور سمحت بالانعطاف نحو اليمين .
باريس الكومونة ، وجان جاك روسو والثورة الطلابية ، باريس جان بول سارتر وسيمون دوبوفوار وقبلة اللاجئين السياسيين وماتيو وجاك بيرل،باريس صوتت لصالح ” الجنرال بيتان “. في بلجيكا لم يختلف الأمر كثيراً .كما النمسا وهولندا
بيد أن بريطانيا تشرشل أيضاً صوتت لصالح أقصى اليمين القومي المتطرف .؟! ألمانيا بدورها فقدت السيدة مركيل جزء من قوتها لصالح اليمين. إضافة الى بولونيا ورومانيا وبلدان أخرى وفي مقدمة هذه البلدان كانت اليونان التي منحت منظمة الفجر الذهبي المتطرفة فرصة العمر ليس فقط لدخول البرلمان اليوناني ، بل وصل ثلاثة من أعضاءها الى البرلمان الأوربي . مقابل اثنين للحزب الشيوعي. وعلى ما يبدو أصيبت ذاكرة الشارع اليوناني بالعقم حول تاريخ الاستبداد النازي والحرب الأهلية في البلاد. مما أدى الى صعود مدوي لأقصى اليمين المتطرف .وشهدت نتائج الانتخابات تراجع الأحزاب التقليدية مثل الباسوك الذي تفككت أوصاله او بعض القوى الأخرى التي خرجت من دائرة الضوء كما هي الحال في معظم بلدان القارة العجوز.
وهكذا خلال ساعات في إعقاب إعلان نتائج الانتخابات أصابت الحيرة والذهول معظم السياسيين وتلك الأحزاب المتحجرة التي لم تستطع التقاط حركة ونبض الشارع وحاجته للتغيير. وأمام انسداد أفق جدي للتغيير من قبل هذه المومياءات الحزبية اختار الشارع النقيض أو الطرف المضاد . موجهاُ رسالة قوية مدوية للزعامات السياسية والاقتصادية الأوربية. على مدار عدة سنوات عمت التظاهرات العمالية والجماهيرية الشارع الأوربي. معلنة رفضها للتدابير والحزم الإقتصادية التقشفية التي طالت مختلف شرائح المجتمع الأوربي وساهمت بإفقاره ، وأدت الى بطالة عامة أكثر من 27 مليون عاطل عن العمل . فيما واصلت البنوك سياسة إفقار ممنهجة للبلدان ذات التطور الضعيف وتحويلها الى مجرد أسواق استهلاكية كما هي الحال في بلدان شرق أوربا .ومع فقدان الأمل بالتغيير القدري، من قبل آلهة الاقتصاد والسياسة الحاكمة . الى جانب تدفق أعداد هائلة من المهاجرين غير الشرعيين حسب توصيفهم . كان لابد لهذه الانعطافة الحادة من الحدوث . وهي ما تتعارض مع استكمال آفاق وحدة الإتحاد مستقبلاً . وتقرع جرس الإنذار مجدداً نحو احتمالات تفكك أوصاله أو أسوء حالاته سيطرة أقصى اليمين المتطرف على القرار السياسي والاقتصادي وهي حالة تعيد الى الأذهان مجدداً صعود الحزب الاشتراكي الألماني القومي . وإعادة صياغة مفهوم جديد للدولة الوطنية عبر الالتحاق بالعشيرة الثقافية. في بلدان تتميز بصدع وتاريخ من الحروب لم تتمكن من خلاله من بناء نموذج الدولة الأوربية الواحدة التي حلم بها أصحاب فكرة الإتحاد . وفي هذا السياق يبدو حالة الاتحاد السوفيتي السابق صيغة أكثر تطوراً على الصعيد الإقتصادي والسياسي المشكلة كانت في الحريات الديمقراطية العامة .
على كلا الحالات هذه القضية ليست مصادفة فهي حالة عامة أيضاً في ما يسمى العالم العربي. حيث برزت مشكلة الهوية بصورة بشعة جداً بين مختلف المكونات الاجتماعية الطائفية والأثينية والثقافية ، في تلك البلدان التي شهدت ما يسمى ” بربيع ” . دون أن يدرك كل طرف من هو الأخر الذي يطلق عليه الرصاص. وهي حالة تشابه حالة بعض المتعصبين القوميين في أوربا في تصديهم لعامل بنغلادشي أو باكستاني في الشارع والاعتداء عليه. وقد يعترض البعض حول الحديث عن الحالة العربية. لكن وللحقيقة نحن شعوب لا تقل عنصرية عن الآخرين.نحاول إنقاذا الماضي وإعادة خلقه مؤسسا لنظام ليلي جديد لا مكان فيه للشمس أو القمر.
الأصولية ليست فقط المؤدلجين دينياً، بل والمؤدلجين حتى النخاع سياسياً وحزبياً سواء يميناً أم يساراً. وأولئك الذين تخندقت عقولهم وراء النص.
أخيرا، أعتقد أنه لا النظام الشيوعي ولا النظام الرأسمالي بصورته الراهنة ولا الدين طبعاً قادر على طرح حل عملي لمستقبل الإنسان. هناك نوع من الفراغ مثل مسرح بلا ممثلين. لا بد من البحث عن ممثلين جدد، ونص قابل للتحقيق، لا يبيح لنفسه حق منع أو مصادرة الوعي. ويأخذ بعين الاعتبار حاجة المستقبل .لأن حالة الإخفاق في توليد روح أوربية واحدة .. تعني أنه حان الوقت لتدارك حالة الاستهلاك الذاتي لهذه المجتمعات. وإذا لم تستيقظ مراكز البحث والقرار الأوربي وتتعلم من هذا الدرس فالقادم أسوء.
ترى هل تقود السيدة ” لوبين ” هذه المرة الرايخ الجديد من الشانزليزية ..؟
-
بحث موقع مفكر حر
-
أحدث المقالات
-
- قوانين البشر تلغي الشريعة الإسلاميةبقلم صباح ابراهيم
- ستبقى سراًبقلم عصمت شاهين دو سكي
- #إيران #الولي_الفقيه: تأجيل قانون العفة والحجاب… ما القصة؟!بقلم مفكر حر
- إشكالية قبول الأخربقلم مفكر حر
- موسم إسقاط الدكتاتوريات في #الشرق_الأوسط!بقلم مفكر حر
- ردود فعل مسؤولي #النظام_الإيراني على #سقوط_الأسد: مخاوف من ملاقاة نفس المصيربقلم حسن محمودي
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هل إغتيال هنية في طهران … فخ لهلاك الملالي وذيولهم أم مسرحية **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هَل فعلاً تمكّن إبليس مِن العاصمة بَاريس … في عهد ألمسخ ماكرون **بقلم سرسبيندار السندي
- ** كَيْف رصاصات الغدر للدولة العميقة … أحيت ترامب وأنهت بايدن **بقلم سرسبيندار السندي
- ** العراق والمُلا أردوغان … ومسمار حجا **بقلم سرسبيندار السندي
- ** صدقوا أو لا تصدقو … من يرعبهم فوز ترامب وراء محاولة إغتياله وإليكم ألأدلة **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هل تخلت الدولةٍ العميقة عن باْيدن … ولماذا ألأن وما الدليل **بقلم سرسبيندار السندي
- مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.بقلم مفكر حر
- ** تساءل خطير وحق تقرير المصير … هل السيّد المَسِيح نبي أم إله وما الدليل **بقلم سرسبيندار السندي
- ابن عم مقتدى الصدر هل يصبح رئيساً لإيران؟ طهران مشغولة بسيناريو “انقلابي”بقلم مفكر حر
- ** ما سر تبرئة أل (سي .آي .أي) لبوتين من إغتيال نافالني ألأن **بقلم سرسبيندار السندي
- المجزرة الأخيرةبقلم آدم دانيال هومه
- ** بالدليل والبرهان … المعارف سر نجاح ونجاة وتقدم الشعوب وليس الاديان **بقلم سرسبيندار السندي
- رواية #هكذا_صرخ_المجنون #إيهاب_عدلان كتبت بأقبية #المخابرات_الروسيةبقلم طلال عبدالله الخوري
- قوانين البشر تلغي الشريعة الإسلامية
أحدث التعليقات
- منصور سناطي on من نحن
- مفكر حر on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- معتز العتيبي on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- James Derani on ** صدقوا أو لا تصدقو … من يرعبهم فوز ترامب وراء محاولة إغتياله وإليكم ألأدلة **
- جابر on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- صباح ابراهيم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- س . السندي on ** هل تخلت الدولةٍ العميقة عن باْيدن … ولماذا ألأن وما الدليل **
- الفيروذي اسبيق on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- س . السندي on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- عبد الحفيظ كنعان on يا عيد عذراً فأهل الحيِّ قد راحوا.. عبد الحفيظ كنعان
- محمد القرشي الهاشمي on ** لماذا الصعاليك الجدد يثيرون الشفقة … قبل الاشمزاز والسخرية وبالدليل **
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- س . السندي on رواية #هكذا_صرخ_المجنون #إيهاب_عدلان كتبت بأقبية #المخابرات_الروسية
- صباح ابراهيم on ** جدلية وجود ألله … في ضوء علم الرياضيات **
- س . السندي on الفيلم الألماني ” حمى الأسرة”
- Sene on اختلاف القرآن مع التوراة والإنجيل
- شراحبيل الكرتوس on اسطورة الإسراء والمعراج
- Ali on قرارات سياسية تاريخية خاطئة اتخذها #المسلمون اثرت على ما يجري اليوم في #سوريا و #العالم_العربي
- ابو ازهر الشامي on الرد على مقال شامل عبد العزيز هل هناك دين مسالم ؟
- س . السندي on ** هل سينجو ملالي إيران بفروة رؤوس … بعد مجزرة طوفان الاقصى وغزة والمنطقة**
- مسلم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- الحكيم العليم الفهيم on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- المهدي القادم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- Joseph Sopholaus (Bou Charaa) on تقاسيم على أوتار الريح
- س . السندي on النظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/3
- س . السندي on اوبنهايمر
- محمد on مطالعة الرجل لمؤخرة النساء الجميلات
- ألعارف الحكيم : عزيز الخزرجي on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :