سفير أميركي قال لي مرة: هل تتوقع أني لو خرجت بنكتة فسيكون لها نفس التأثير والقدرة على الإضحاك، من ذات النكتة إذا ما قالها الرئيس نيكسون؟
وأذكر أيضاً كيف كان الوزراء والساسة الفرنسيون يقلدون أسلوب ولهجة الرئيس جسيكار ديستان في تصريحاتهم إلى حد كان يبدو مثيراً للسخرية.
لا شك أن كاريزما الرئيس أو الملك وأحياناً سطوته تدفع المقربين الى تقليده أو النفاق له.
لكني التقيت يوماً بمدير عام افريقي روى لي قصة وزير قريب له في بلده. كان هذا الوزير أستاذ الدكتاتور الذي يحكم البلاد ويحظى باحترامه.
حَدَّثَهُ يوماً بمدى إنزعاجه من كمية الرياء التي يلجأ إليها مسؤولو الدولة عند التعامل مع الرئيس المستبد وأنٌَ أكثر ما كان يزعجه هي تلك الإبتسامة البلهاء التي كانت ترتسم على وجوههم عندما ينظر إليهم الرئيس أو حتى عندما يتكلم مع غيرهم …
قال له: ذهبت يوماً إلى بيتي وكنت أتابع التلفزيون فمرت صور أمامي كنت فيها مع حاشية الرئيس ولاحظت أني مثلهم أُشَنِّكُ تلك الإبتسامة البلهاء …
عقدت العزم على تجنب ذلك وعلى إبقاء الجدية في ملامح وجهي عسى أن تزول من وجهي تلك الإبتسامة البلهاء.
تابع المدير العام: مرت أيام قليلة وفي الإجتماعات التي كنا نشاهدها، كان قريبي الوزير شديد الإلتزام بالجدية، لا يفتر وجهه عن أية إبتسامة غير مبررة.
وفي الأسبوع الذي تلاه، إختفى قريبي ثم وُجِدَ جثة هامدة في إحدى الغابات.
غابت الإبتسامة البلهاء فغاب معها الرجل …
قال لي محدثي: منذ ذلك الحين بقيت أرسم على وجهي إبتسامةً بلهاء حتى تقاعدت …