يبدو أن الأمير القطري الشاب لم يحفظ دوره كحاضن (مكلف دوليا ) بالأخوان المسلمين، لكن ليس كبؤرة وإمارة لهم …ولذلك يتعرض لفركة أذن دولية قاسية عبر الحصار الخليجي !!!!
لقد كان من المفهوم تاريخيا أن تلتقي الحركة الأخوانية مع الوهابية في نشاىها الأولى (سلفيا )،وفق تصريحات الشيخ القرضاوي، حيث سيغدو الشيخ الرمز والممثل الأخواني لاحقا منذ أكثر من نصف قرن حين أتي قطر سنة 1961 …
لقد كان الشيخ القرضاوي غطاء للمشروعية الشرعية والدينية في إقامة القاعدة الأمريكية الأكبر في الشرق الأوسط (العيديد) ، ومن ثم ريادة قطر في إقامة العلاقات الديبلوماسية مع إسرائيل، مما أمنها من خطر الشقيق الأكبر السعودي ، حيث تعلن إسرائيل اليوم أنهايوحدها استراتيجيا ومصيريا مع قطر بأنهما الدولتان الأصغر في الشرق الأوسط، أي أن الخطر لا يأتي من إسرائيل (الصعيرة ) بل من السعودية ومصر وتركيا وإيران، فحاولت قطر أن تكسب إيران وتركيا، توهما بالهيمنة القطرية عربيا، بل وأضغاث أحلام مشجعة دوليا أن الغرب يمكن مساعدتها على قيادة العالم العربي عبر الطيران الحر المتاح لها عالميا فوق المتناقضات (يسارية أو يمينية …إسلامية أم علمانية ) واستدراج تركيا للتحالف باسم الأخوانية التي تحتلف فيها تركيا عن الأخوانية العربية الذين تنصحهم تركيا بالعلمنة في بناء الدولة، والاسلامية كهوية ذاتية ثقافية وحضارية بما يشبه العلمنة التركية واليابانية.
إن بناء قطر علاقتها مع تركيا بعد صداقتها مع إيران أعطاها مزيدا من مساحة الحركة الاقليمية خاصة، بدعمها الربيع العربي المؤيد تركيا، الكن قطر أعطت منذ البداية للربيع العربي طابعا أخوانيا، عبرتفهم من الأب الأمير حمد على أن هذا التأييد لأخونة الربيع العربي هو دور مقبول ومؤيد دوليا لقطر على طريق الصناعة الإيرانية والأسدية المؤيدة دوليا (السلفية الجهادية للقاعدة وداعش) ، ولهذا فإن الشيخ حمد كان قادرا أن يلعب دور الجمع بين الشرعية الدينية التي يؤمنها له الأخوان في العلاقة مع إسرائيل، وذلك عندما انتقد القرضاوي مصافحة الشيخ حمد لبيريس، بأن عليه أن يغسل يديه سبع مرات، وأن تكون المرة الأخيرة غسل اليدين بالتراب كحكم لمس الكلاب… …
ويكمل الشيخ القرضاوي حديثه على الفضائيات، بأنه عندما ذهب لزيارة الأمير بعيد الفطر بعد لقائه مع بيريس، قال له الأمير بأنه قد غسل يديه (14) مرة بعد مصافحته لبيريس …فكان الشيخ سعيدا بتنفيذ الأمير لوصية الشيخ وفق إجابة الأمير الساخرة للفتوى المسخرة، من الواضح أن منطلق الأميرهو منطلق ميكيا فيلي يسخر من الدروشة العقلية لرجال دين ظرفاء، حيث يأخذهم على قدر عقولهم ….
إن مسخرة السلطة الحاكمة من هبل وسذاجة رجال الدين قديمة، قدم التاريخ السياسي المغلف بالمقدس الاسلامي الذي بلغ ذروته الشيطانية بالخميني الولي الفقيه الذي أعطى نفسه ولاية ترتفع فوق النبوة، فقد كان الرشيد يطلب من مشايخ عصره (أن يعظوه ) وهو يبكي بعد كل مجزرة من مجازره بالبرامكة، حيث أن حدسه السياسي العظيم كان يكشف له على أن برمكية الأمس ستسوق إلى خمينية اليوم ….
وكان التلميذ الأول للخميني بهذه المخادعات الطائفية (الباطنية ) المجوسية، هو النافق النغل حافظ أسد حيث كان يسخر من البوطي هازئا بسذاجته، بأنه كلما سمح له بالدخول إلى مكتبه يجده منكبا على الصلاة …طبعا ليس صلاته الطائفية الوثنية العلوية، بل صلاة النفاق البوطية الرسمية ……وهذا ماكان يفعله السيسي مع رئيسه الأخواني الساذج ، حيث كلما زاره الرئيس كوزير لدفاعه حينها، كان يسأل السيسي زوجته إن كان العيال قد صلوا قبل النوم …فيمتليء مرسي نشوة وحبورا بتقوى وزير دفاعه !!!!
هذا التلاعب بالمفدس، كان يجيده الأمير حمد الأب، لكن يبدو أن الابن الامير الصغير (تميم) يأخذ مسألة تبني الأخوانية على محمل الجد والتحدي، فالمطالبة بإخراج شخصيات غير مرغوبة سياسيا بما فيهم الشيخ القرضاوي، لا يرد عليها ردا قطريا سياسيا انسانيا أنه من المعيب دوليا أن تتم ملاحقة رجل تخطى التسعين من همره سياسيا بالارهاب، وهو رئيس لمجمع إسلامي عالمي فكري وليس سياسيا ، لكن قطر ردت عبر قناتها (“الجزيرة” المؤسسة لشرعية قطر كدولة) بأن دخلت بالتحدي عالميا وخليجيا، بحواراتهاالمكثفة مع الشيخ القرضاوي، وتركيز أسئلتها حول تاريخه لأخواني ، دخوله وخروجه ، وعن علاقته بالشيخ حسن البنا ، مما لايفعله الاعلام العربي إلا نحو أحزابه الحاكمة ، فوضع الشيخ بموقف الناطق المفوض ياسم الأخوان ـ بل وليتم استدراج الرجل لتوصيف االربيع الاعربي بأنه ربيع ( إسلامي أخواني) كيدا وتحديا للعالم ، بسبب غفلة الأمير الصغير، عن فهم أن أخونة (قطر ) هي أخونة دور للأداء التمثيلي الاقليمي، وليس أخوانية سلفية تقود ربيع الثورات العربية كما يتوهم الأمير الصغير…..
ولعلى ذلك يفسر لنا هذا اللبس والغموض الذي يلف دور قطر التي يفترض أنها صديقة لثورات الربيع العربي (الوطنية الديموقراطية ) كما نفهمه وتفهمه الثورة وقوى الثورة، أو الربيع العربع بوصفه حراكا إسلامويا أخوانيا كما تفهمه قطر وأميرها الشاب ( جديا ) حتى ولو كان فهما هزليا، وكما يريده المجتمع الدولي كدور رسمي تمثيلي تؤديه قطر بما يتناسب مع حجمها الجغرافي والاستراتيجي،الشبيه بحجم إسرائيل جعرافيا وبشريا حسب الوصف الإسرائيلي الساخر لمشابهتها قطر، ولكن ليس بحجمها الاستراتيجي الاسرائيلي بوصفها الشريك أمريكيا، أي ليس كومبارسا، مهما لبس من الدروع لن يغدو بطلا رئيسيا في فيلم ملحمي كما هي أوهام (قطر العظمى ) …