جبل باتما بالعراق من أعلى المرتفعات القائمة هنا، يتجلى أمامك مشهد بانورامي لمنطقة استراتيجية تتمثل في غرب الموصل، التي تمكنت قوات البيشمركة الكردية، مدعومة بطائرات حربية أميركية، من استعادتها من أيدي «داعش» على امتداد الشهر الماضي. كما تم قطع الطريق الرئيسي الرابط بين الموصل والحدود السورية، وتم تحرير قرابة 100 ميل مربع.
ومن أعلى، يمكنك مشاهدة أعمدة الدخان المتصاعد من الصواريخ التي أطلقت من مواقع بعيدة تتبع تنظيم داعش، وسماع دوي انفجارات. من جهته، علق خلف غانجو، القائد الكردي الميداني ذو الجسد الضخم، الذي يسير ببطء جراء إصابة تعرض لها خلال هجوم بقنبلة يدوية وقع الشهر الماضي، على الوضع بقوله: «ليس أمامهم هدف محدد. إنهم يطلقون النار فقط ليظهروا لنا أنهم ما زالوا هناك».
وقد كشفت جولة قمت بها مع عدد من القادة الأكراد عن أن الحملة المدعومة من واشنطن ضد «داعش» تحرز نجاحا بطيئا ومستمرا. خلال الجولة، تنقلنا عبر طرق كان يسيطر عليها متطرفو «داعش» منذ أسابيع قليلة، ومررنا بعشرات المنازل الكردية التي فجرها المسلحون أثناء انسحابهم، بل قدنا سيارة على امتداد قمة سد الموصل الذي يُعد بمثابة جائزة استراتيجية جرى تحريرها في أغسطس (آب) الماضي، خلال أول انتصار كبير تحققه الحملة.
داخل مقر القيادة الكردية المتقدمة، شرح مسرور بارزاني، المشرف على الشؤون الاستخباراتية، مسار المعركة. وخلال حديثه كان يرتدي الزي التقليدي للبيشمركة، وهو عبارة عن بنطال فضفاض وعمامة نحيفة ووشاح مزخرف حول الخصر. وأثناء شرحه، استعان بخرائط معلقة على الجدران.
قال إن الأكراد تعرضوا لهزة عنيفة جراء الهجوم المتطرف باتجاه أربيل، في أغسطس الماضي، إلا أنهم تمكنوا من إعادة تنظيم صفوفهم. ومع تقدم قوات البيشمركة، تمكن قادتهم من طلب دعم جوي من التحالف الذي تقوده واشنطن. وبالفعل، نجح الأكراد في دفع «داعش» ليرجع بعيدا عن أربيل ومخمور، وبعيدا عن سد الموصل ورابية على الحدود السورية، وأخيرا طرد «داعش» من المنطقة التي زرتها في جنوب غربي كردستان.
بيد أن هذا النجاح يثير معضلة؛ فمن سينهي القتال في الشمال بإعادة بسط السيطرة على الموصل؟ الأكراد، من جانبهم، لا يرغبون في الاضطلاع بهذه المهمة، ذلك أنهم استعادوا معظم الأراضي التي فقدوها، ويدركون أن دخولهم مدينة الموصل العربية السنية سيثير مشكلات سياسية. على الجانب الآخر، تتلقى القوات العراقية وميليشيات القبائل السنية تدريبا من جانب الولايات المتحدة، لكنها غير مستعدة لخوض مثل هذه المعركة الضخمة. أما الرئيس أوباما فقد استبعد المشاركة في العراق بقوات برية.
إذن، من سيستعيد الموصل؟ ربما لا أحد، لبعض الوقت. وشرح بارزاني المشكلة على النحو التالي: «إذا رغبت في استمرار هذه الحرب لسنوات، فخذ وقتك وقم ببناء الجيش العراقي حتى يصبح قويا بما يكفي لهزيمة (داعش)، لكنك بذلك ستترك للتنظيم حرية المضي في جهود التجنيد والتنظيم والقتل. (داعش) لن يقف ساكنا بينما تبني أنت قدراتك».
وشرح بارزاني السبب وراء كون «داعش» عدوا خطيرا، حيث أوضح أن أفضل أسلحة التنظيم السيارات المفخخة، مشيرا إلى أن التنظيم أرسل في يوم واحد من الشهر الماضي 14 سيارة مفخخة ضد الصفوف الكردية. ومع ذلك، تبقى لدى المتطرفين مشكلاتهم الداخلية أيضا، حيث يحصل المقاتلون الأجانب، الذين يُطلق عليهم «مهاجرون»، على النصيب الأفضل من النساء والأموال التي تم الاستيلاء عليها، الأمر الذي يثير سخط المقاتلين المحليين، الذين يعرفون باسم «الأنصار». كما يشعر المتطرفون بتوتر بالغ حيال الخونة، لدرجة أنهم يجبرون مَن يغادر الموصل على تحديد شخص آخر يُحتجز رهينة، بحيث يُقتل إذا لم يعد الأول. كما تم تحذير مقاتلين لـ«داعش» فروا من القتال ذعرا بأنهم سيُقتلون رميا بالرصاص حال وصولهم لقاعدة للتنظيم في تل عفار.
من جهتها، تعتمد واشنطن على الأكراد في التصدي لهؤلاء القتلة في الوقت الذي يجري فيه تدريب القوات العراقية. وهذا ينقلنا إلى أهم نقطة ذكرها بارزاني، وهي أن الأكراد بحاجة لأسلحة وبسرعة. ويحتاجون على وجه الخصوص إلى ناقلات جنود مدرعة ومركبات «همفي» لحماية قواتهم، ودبابات لردع تقدم العدو، ونظارات للرؤية الليلية لرصد هجمات المتسللين، وطائرات مروحية مقاتلة صغيرة للدفاع عن جبهة تمتد لمسافة 600 ميل.
ويبدو طلب بارزاني معقولا، بالنظر للدور الحيوي للبيشمركة في هذا القتال، لكن الأمر المهم تقديم هذه الأسلحة للحكومة الإقليمية الكردية على نحو لا يفاقم الانقسامات الطائفية بالعراق. وقد أكد بارزاني أنه سيكون سعيدا بتلقي هذه الأسلحة من قبل الحكومة العراقية، طالما أنها تصل إليه في النهاية بالفعل. من جانبي، أرى أن هذا حل مقبول، وينبغي على إدارة أوباما إقراره كأولوية أمامها.
* خدمة «واشنطن بوست»
نقلا عن الشرق الاوسط
-
بحث موقع مفكر حر
-
أحدث المقالات
-
- آشور بانيبال يوقد جذوة الشمسبقلم آدم دانيال هومه
- المرأة العراقية لا يختزل دورها بثلة من الفاشينيستاتبقلم مفكر حر
- أفكار شاردة من هنا هناك/60بقلم مفكر حر
- اصل الحياةبقلم صباح ابراهيم
- سوء الظّن و كارثة الحكم على المظاهر…بقلم مفكر حر
- مشاعل الطهارة والخلاصبقلم آدم دانيال هومه
- كلمة #السفير_البابوي خلال اللقاء الذي جمع #رؤوساء_الطوائف_المسيحية مع #المبعوث_الأممي.بقلم مفكر حر
- #تركيا تُسقِط #الأسد؛ وتقطع أذرع #الملالي في #سوريا و #لبنان…!!! وماذا بعدك يا سوريا؟بقلم مفكر حر
- نشاط #الموساد_الإسرائيلي في #إيرانبقلم صباح ابراهيم
- #الثورة_السورية وضرورات المرحلةبقلم مفكر حر
- هل تعديل قانون الأحوال الشخصية يعالج المشاكل الاجتماعية أم يعقدها.. وأين القيم الأخلاق من هذه التعديلات ………..؟بقلم مفكر حر
- تلغراف: تأثير #الدومينو علی #ملالي_إيران وتحولات السياسة الغربيةبقلم حسن محمودي
- الميلاد آتٍبقلم مفكر حر
- قوانين البشر تلغي الشريعة الإسلاميةبقلم صباح ابراهيم
- ستبقى سراًبقلم عصمت شاهين دو سكي
- #إيران #الولي_الفقيه: تأجيل قانون العفة والحجاب… ما القصة؟!بقلم مفكر حر
- إشكالية قبول الأخربقلم مفكر حر
- موسم إسقاط الدكتاتوريات في #الشرق_الأوسط!بقلم مفكر حر
- ردود فعل مسؤولي #النظام_الإيراني على #سقوط_الأسد: مخاوف من ملاقاة نفس المصيربقلم حسن محمودي
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **بقلم سرسبيندار السندي
- آشور بانيبال يوقد جذوة الشمس
أحدث التعليقات
- منصور سناطي on من نحن
- مفكر حر on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- معتز العتيبي on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- James Derani on ** صدقوا أو لا تصدقو … من يرعبهم فوز ترامب وراء محاولة إغتياله وإليكم ألأدلة **
- جابر on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- صباح ابراهيم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- س . السندي on ** هل تخلت الدولةٍ العميقة عن باْيدن … ولماذا ألأن وما الدليل **
- الفيروذي اسبيق on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- س . السندي on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- عبد الحفيظ كنعان on يا عيد عذراً فأهل الحيِّ قد راحوا.. عبد الحفيظ كنعان
- محمد القرشي الهاشمي on ** لماذا الصعاليك الجدد يثيرون الشفقة … قبل الاشمزاز والسخرية وبالدليل **
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- س . السندي on رواية #هكذا_صرخ_المجنون #إيهاب_عدلان كتبت بأقبية #المخابرات_الروسية
- صباح ابراهيم on ** جدلية وجود ألله … في ضوء علم الرياضيات **
- س . السندي on الفيلم الألماني ” حمى الأسرة”
- Sene on اختلاف القرآن مع التوراة والإنجيل
- شراحبيل الكرتوس on اسطورة الإسراء والمعراج
- Ali on قرارات سياسية تاريخية خاطئة اتخذها #المسلمون اثرت على ما يجري اليوم في #سوريا و #العالم_العربي
- ابو ازهر الشامي on الرد على مقال شامل عبد العزيز هل هناك دين مسالم ؟
- س . السندي on ** هل سينجو ملالي إيران بفروة رؤوس … بعد مجزرة طوفان الاقصى وغزة والمنطقة**
- مسلم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- الحكيم العليم الفهيم on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- المهدي القادم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- Joseph Sopholaus (Bou Charaa) on تقاسيم على أوتار الريح
- س . السندي on النظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/3
- س . السندي on اوبنهايمر
- محمد on مطالعة الرجل لمؤخرة النساء الجميلات
- ألعارف الحكيم : عزيز الخزرجي on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :