المقدمة :
سأوجه بعض الرسائل – ذو الطابع الأسلامي أو السياسي أو الفكري .. ، وهي رسائل محددة موجهة مختصرة ، سأنشرها بين فينة و أخرى كسلسلة ، وكل رسالة ستنهج موضوعا ليس له علاقة بالأخر ، أملا منها تفريغ مادة أو فكرة للقارئ ، وستكون الرسائل غير مترابطة بالمضمون ، ولكن تجمعها مظلة واحدة وهي حرية الفكر و الرأي .. لأجله أقتضى التنويه .
النص :
بعد موت الرسول محمد ( 571 – 632 ) م ، وبينما كان علي بن أبي طالب ومن معه من بيت أهل و أقرباء الرسول مهتمين بتجهيز النبي بعد رحيله ، ( اجتمع الأنصار أوسهم وخزرجهم لاختيار خليفة للمسلمين من بينهم ، وذلك في الثاني عشر من ربيع الأول من السنة الحادية عشرة للهجرة ، اجتمعوا في سقيفة بني ساعدة ، وهي الدار التي اعتادوا أن يعقدوا فيها اجتماعاتهم المهمة ، رأى الأنصار أن الخليفة لا بد أن يكون منهم ؛ لاعتبارات كثيرة ، ولذلك سارعوا إلى هذا الاجتماع الطارئ ، ورشحوا سعد بن عبادة ليكون خليفة رسول الله .. / نقل بتصرف من موقع قصة الأسلام / د. راغب السرجاني ) ، وحين علم ( كبار المهاجرين ” أبو بكر وعمر وأبو عبيدة ” بذلك ، ذهبوا إليهم على الفور وأعلنوا أنهم أحق بالأمر ، ودار حوار بين المهاجرين والأنصار اشتد فيه الجدل والنزاع ، وقد وقف زعيم الأنصار سعد بن عبادة قائلا : ” أما بعد فنحن أنصار الله وكتيبة الإسلام ..” ، فقام أبو بكر الصديق خطيبا وبين ” فضل المهاجرين ، واحتج بقرشيتهم في أحقيتهم ..” الى أن قال أبو بكر : ” .. ولكنا الأمراء وأنتم الوزراء ” .. ثم قام عمر بن الخطاب وقال لأبي بكر : إبسط يدك أبايعك ، فبايعه عمر وقسما من المهاجرين والأنصار .. / نقل بتصرف من شبكة الشيعة العالمية ) الى نهاية الواقعة التي تمخضت عن الصديق خليفة … أن حادثة سقيفة بني ساعدة تشكل ( أول ) فاصلا أسلاميا و تأريخيا وسلطويا مهما بعد رحيل الرسول ، حيث أن مفهوم و وضع الأسلام أنتقل من مرحلة انه ” دين و دعوة ” الى مرحلة الحكم و السلطة ، بغطاء ديني ، تمخض فيما بعد عهدا للخلافة و الدولة .. أن مبايعة الصديق / بكل ما أثير حولها من شكوك ولغط ، شكلت بداية عهد الخلفاء الراشدين بين ( 632 – 661 ) م ، الذي أعتبره ، على ما تخلل فواصله الزمنية من أحداث ووقائع مثيرة للجدل ، ولكني أعتبر هذه الحقبة بالرغم من كل مثالبها ، كانت تؤرخ لحكما به قدرا ما من الشورى في أختيار الخليفة ورجال الدولة / مع أستثناء خلافة عثمان بن عفان ، وشهدت هذه الحقبة أيضا عددا من المآسي ، كان من أبرزها أن كل الخلفاء الراشدين ماتوا مقتولين ألا أبو بكر ، وحتى أبو بكر يروى أنه مات مسموما ( ويقال ان سبب وفاة الصديق ، ان اليهود قدمت له ارزا مسموما و كان معه على الطعام شخص يدعى عتاب بن اسيد و الصحابي الحارث بن كلده الذي اكتشف ان الطعام مسموما فكف عن الاكل ثم امسك بيد ابوبكر محاولا منعه عن مواصلة الطعام قائلا له : يا خليفة رسول الله لقد اكلت طعاما مسموما سم سنه اي ان تأثيره يظهر بعد سنة من دخوله الجسمو قد مات ابو بكر الصديق كما تقول الرواية بعد سنة من تناوله من ذلك الطعام و مات معه في نفس السنة الحارث بن كلده و كذلك مات عتاب بن اسيد . / نقل بتصرف من موقع المنهج – الشيخ عثمان الخميس ) . وأنتهت الحقبة الراشدية بمقتل الأمام علي بن أبي طالب ، على يد ( عبد الرحمن بن ملجم المرادي ، أثناء خروج أمير المؤمنين علي رضي الله عنه لصلاة الفجر بمسجد الكوفة في يوم الجمعة 17 رمضان سنة 40 ه الموافق 26 يناير 661م .. / نقل بتصرف من موقع مفكرة الأسلام ) . ويعتبر مقتل علي بن أبي طالب ( ثاني ) أهم مفصل تأريخي في مفهوم السلطة والحكم ، حيث أبتدأ بعده عهد الخلافة الأموية ( 662 – 750 ) م ، بأول خليفة أموي وهو معاوية بن أبي سفيان (41 هـ – 60 هـ / 661م – 680م ) . و يتهم الأمويين الكثير من الباحثين والدارسين ، بأنهم جماعة دنيوية همها الملك و السلطة و الحكم ، والحكم من هذه الحقبة أخذ مبدأ التوريث ولأول مرة أسلاميا ضمن نظام الخلافة ، حيث توارثوا بني أمية الحكم فيما بعد . وخلال هذه المرحلة بدأت عهد تغيير الأحاديث و الروايات ، بما يخدم و يثبت حكمهم وسلطتهم ، مثلا ( أولا ) : قلبت السياسة الأموية بقيادة معاوية حديث ” الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة فوضعت مقابله في الخلفاء ( أبو بكر وعمر سيدا كهول أهل الجنة ) ، ( ثانيا ) ، إن عليا مني بمنزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي ) فوضعوا مقابل الحديث المشهور الذي يرويه البخاري حديثا في أبي بكر وهو : ( لو كنت متخذا خليلا من أهل الأرض غير ربي لاتخذت أبا بكر خليلا ، هذا الشطر الأول من الحديث وضع مقابل حديث المنزلة في علي عليه السلام ، والشطر الثاني من حديث الخلة ( ولا يبقين في المسجد خوخة إلا سدت إلا خوخة أبي بكر ) . فكلمة خوخة تعني الباب الصغير أو الطاقة في الجدار . فوضعوا هذا الحديث مقابل حديث مشهور ومتواتر وهو 🙁 سدوا كل الأبواب إلا باب علي) ، ( ثالثا : ( أنا مدينة العلم وعلي بابها ) حديث مشهور ومتواتر فوضعوا في الخليفة عمر مقابله : ( أنا مدينة العدل وعمر بابها ) . وفي الخليفة عثمان : ( أنا مدينة الحياء وعثمان بابها ) نقل بتصرف من موقع / شبكة الشيعة العالمية . وكان أخر خليفة أموي ، هو مروان بن محمد بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية وعرف ” بالحمار ” بسبب عمله الدوؤب وغير المتوقف ضد ما كان يوصف بالفتن والثورات ضده ، وقد سقط في حرب ضد العباسيين ثم اختفى حتى أعتقل وتم قتله عام 132 هجري ( 750 ميلادي ). / نقل بتصرف من موقع ثقافة أون لاين . وأمتدت خلافة بني العباس للفترة ( 750 – 1258 ) م ، وكان أول خليفة عباسي هو أبو العباس السفاح تولى الحكم عام 123 هــ ، أما أخر خليفة فكان ( أبو عبدالمجيد ” المستعصم بالله ” عبد الله بن منصور المستنصر ، كان آخر خليفة عباسي في بغداد. حكم بين عامي 1242 و1258 بعد أبيه المستنصر بالله . في عام 656 هـ /1258 ، غزا المغول الدولة العباسية تحت قيادة هولاكو خان . بعد أن سقطت بغداد في أيديهم ، أعدم هولاكو المستعصم . بعد إن قام إبن العلقمي بمساعدة المغول في خطتهم حيث استطاع بحكم منصبة كوزير دولة أن يحث على صرف جيش المعتصم تحت سبب أمن البلاد والعباد وبسبب جهل المعتصم صرف الجيش ولم يبقى في أخر أيامة الا عشرة آلاف مقاتل وكان سبب في دخول جيش هولاكو بغداد وقتل مليون وثمانمئة مسلم وقتل المستعصم ، حيث وضع في كيس من قماش وضرب حتى الموت وكانت نهاية الدولة العباسية . نقل بتصرف من موقع الويكيبيديا الحرة ) . ويعتبر مقتل المستعصم ( ثالث) أهم حدث في تأريخ الدولة الأسلامية عامة ، لأنه يؤرخ لنهاية حقبة زمنية وهي خلافة العباسيين .
الرسالة :
أن الدعوة المحمدية بدأت وكان عمر الرسول محمد الأربعين عاما / أي عام 611 م ، وأنتهت بموت الرسول عام 632 م ، أي أن الدعوة أستمرت بحدود 21 عاما أو يزيد ، والدعوة كانت على مرحلتين ( ففي السنوات الثلاث الأولى ، كانت الدعوة الخاصة ، جمع أربعين شخصاً ، لم يكن فيهم كفاية لاَن يصبحوا قوة دفاعية لحماية النبي ورسالته ، ممّا جعله يسعى إلى دعوة أقربائه ، فكسر بذلك جدار الصمت ، بالشروع في دعوة الاَقربين ثمّ الناس أجمعين ، ومن هنا أمره اللّه تعالى بأن يدعو عشيرته الاَقربين ، الذين تمنّى أن يكوّنَ منهم سياجاً قوياً يحفظه ويحفظ رسالته من الاَخطار المحتَملة: وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الاَقْرَبين – الشعراء:214 ، كما خاطبه بصدد دعوة الناس عامة: فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكينَ* إِنّا كَفَيْناكَ المُسْتَهْزئِين – الحجر:94ـ95. / نقل بتصرف من موقع ملتقى اهل الحديث ) .. أن العقلية القبلية / العصبية ، العربية توضحت من أن الميت / الرسول ، تكون ترتيبات دفنه من نصيب أهله فقط ، أما الصحابة و أوفى الأصدقاء / كالصديق و عمر ، ذهبوا لأمر حسم الخلافة ! غير مكترثين بالحدث الجلل ، أما ما يقال من أهمية سرعة أختيار خليفة للرسول لأسباب منها ما يقوله : ) القاضي عبد الجبار (415 هـ- 1024م) دفاعًا عنهم ، وكان للقوم عذر في المبادرة إلى البيعة ؛ لأنهم خافوا من التأخر فتنة عظيمة . واتكلوا في أمر رسول الله على علي بن أبي طالب وغيره من أهل البيت . وقد اتخذ أهل السنة بعد هذا من واقع الإسراع في البيعة للخلافة دليلًا على وجوب الخلافة وأهمية هذا المنصب لتصريف شئون المسلمين.. ) / نقل بتصرف من :
http://www.alukah.net/sharia/0/40170/#ixzz3bjkFtGzO
، أما أنا أرى أن كل هذه الأعذار أو الأسباب التي ذكرها القاضي عبد الجبار أنفا واهية ، أولا ، لم تكن هناك دولة بمفهوم الدولة الذي نعرفه الأن ، الأمر الذي يستدعي العجلة وأستبعاد أي تأخير خوف حدوث فتنة أو مشاكل أو تمرد ، ثانيا ، أكان هناك مثلا مجلس وزراء يستوجب سرعة أنتخاب رئيس لغرض تسيير الأعمال ! ثالثا ، لو كان أساسيات فكر الرسول ينصب على نظام دولة وحكم لعين وليا أو نائبا أو معاونا أو مساعدا له ، ليقوم بتمشية وادارة شؤون المسلمين ، رابعا ، أن الرسول كان رجل دعوة و الدعوة لا تحتاج لنائب ، لذا أهمل النقطة ثالثا أنفا . أن الذي حصل أن الأسلام كدين ودعوة أنتهى ، لأن صاحب الدعوة مات ، و الذي بدأ بعد حادثة سقيفة بني ساعدة هو بداية مرحلة تشكيل الحكم و السلطة وبداية نواة الدولة ، لأجله موت الرسول هرع أليه علي والأهل ، لتحضير الرسول لدفنه ، أما ” مراكز القوى ” الأنصار / سعد بن عبادة .. ، و المهاجرين / أبي بكر وعمر ، فهرولوا لأستلام السلطة .
أن حادثة مقتل علي بن أبي طالب 17 رمضان سنة 40 ه الموافق 26 يناير 661م ، تؤرخ لبداية حكم الأسرة حصرا ، بعيدا عن ما كان معروفا به أيام الدعوة المحمدية ، التي كان الرسول يستشار به صحابته من أهل الرأي و المشورة و الحكمة والمعرفة ، وفقا لقوله تعالى : وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ ( سورة الشورى – آية 38 ) ، (( وتفسير الأية: فيها ثناء من الله سبحانه على المؤمنين المتصفين بصفاتٍ منها : أنهم يتشاورون بينهم في الأمور المهمة ، التي يخفى فيها وجه الصواب ، وذلك من أجل التعاون على الوصول إلى ما فيه الخير العام والخاص ، ولما في ذلك من تآلف القلوب واجتماع الكلمة ، ولما في ذلك من التواضع ولين الجانب للمؤمنين. / نقل بتصرف من موقع طريق الأسلام – تفسير صالح بن فوزان الفوزان )) … في هذه الحقبة / الأموية ، وما بعدها / العباسية ، لا وجود أي أثر لهذه الأية وتطبيقاتها ومعانيها ، حيث أن الرأي في أسلوب أختيار الخليفة و الأمراء و القادة أصبح حكرا وحصرا على الاسرة الحاكمة / بني أمية و العباس ، وكل أراء و مشورة أهل العلم و الحكمة و الفقه أصبح محيدا ، ألا ما يخدم الحكام و الحكام فقط ، فبني أمية وحتى بني العباس أرادوا الدنيا بزهوها ومفاتنها ولهوها ، غير أبهين بقول الله تعالى في (( تحقير شأن الحياة الدنيا وزينتها ، وما فيها من الزهو والنعيم الفاني بقوله تعالى: ” فما أوتيتم من شيء فمتاع الحياة الدنيا ” أي مهما حصلتم وجمعتم فلا تغتروا به ، فإنما هو متاع الحياة الدنيا ، وهي دار دنيئة فانية زائلة لا محالة ” وما عند اللّه خير وأبقى ” أي ثواب اللّه تعالى خير من الدنيا وهو باق سرمدي ، فلا تقدموا الفاني على الباقي – تفسير بن كثير / نقل بتصرف من الرابط التالي
www.alro7.net/ayaq.php?aya=38&sourid=42 ))
، وكل هذا لا يعني تصغير أو تقليل من شأن ودور هاتين الحقبتين / الأموية و العباسية ، في مسار بناء الدولة وتوسيع رقعتها ، الذي كان من نتائجه نشر الدين الأسلامي .
أما مقتل المستعصم ، فيؤرخ لنهاية حقبة زمنية وهي خلافة العباسيين ، وهو بنفس الوقت يؤشر الى نهاية الدولة الأسلامية / عربيا ، هذا أذا أستثنينا الأمبراطورية العثمانية ( التي استمرت لما يقرب من 600 سنة ، وبالتحديد من 27 يوليو 1299م حتى 29 أكتوبر 1923م ) ، وكانت أمبراطورية كبرى ، لكنها لا تؤشر أي أيجابية على المستوى العربي ، أما وليدتها الدولة التركية الحالية / برئاسة رجب طيب أردوغان ، فهي ترعى أهدافها ومصالحها في المنطقة ، بعيدا عن مصالح الأسلام العرب ، وتقوم أيضا بزرع الدسائس و الفتن أقليميا وعربيا .
الختام :
الدول العربية ، الأن ضيعوا الهوية العربية وفقدوا النظام المؤسساتي ، يعيشون مرحلة الفوضى و التخبط ، لم يستطيعوا أن يؤسسوا دولة أو دولا أسلامية على غرار الأمويين أو العباسيين ، بل أسسوا دولا على مقاسهم ، وحتى أنهم لا يملكون الرؤية والقدرة التي تؤهلهم لأستمرار دولهم ، فالأسلاميون منهم لم ولن يعوا أن عهد النبوة و الدعوى أنقضى ، حيث أنهم فشلوا في بناء أي دولة أسلامية ، لأنها ضد التحضر و المدنية ، و السلفيون حطموا أمال شعوبهم في بناء دولة بالمعنى المتعارف عليه ، ويحاولون أعادة بناء أصنام لحكم الأسرة الواحدة ، ودول أخرى ترزخ تحت الأرهاب من جهة ومن جهة أخرى تحاول تثبيت حكمها ، ودول هرولت الى ربيع عربي مزعوم ! فوقعوا في حروب داخلية معروف بدايتها ومجهول نهايتها ، ودول تجدد لرؤوسائها لأكثر من أربع فترات ، وهم يدعون الديمقراطية ، أيها العرب أتركوا الديمقراطية لأهلها ، وأطعموا شعبكم وثقفوه وأحترموا أنسانيته أولا قبل أن تنهجوا طريق الديمقراطية .. وما تبقى من دول هش غثيث ، ويحظرني في هذا المقام مقطع مختار من قصيدة / خالد الذكر – أبراهيم اليازجي : تَنَبَّهُـوا وَاسْتَفِيقُـوا أيُّهَا العَـرَبُ فقد طَمَى الخَطْبُ حَتَّى غَاصَتِ الرُّكَبُ
أَلَسْتُمُ مَنْ سَطَوا في الأَرْضِ وَافْتَتَحُوا شَرْقَـاً وَغَرْبَـاً وَعَـزّوا أَيْنَمَا ذَهَبُوا
أَقْدَاركُم في عُيُـونِ التُّـرْكِ نَازِلَـةٌ وَحَقُّـكُم بَيْنَ أَيْدِي التُّرْكِ مُغتَصَبُ