طلال عبدالله الخوري: مفكر حر 20\3\2014
في البداية نريد ان نفرق بين الروايات الدينية الغيبية والتي يؤمن بها الانسان ويسلم من دون الحاجة الى اي برهان او دليل حتى وان تعارضت مع المنطق وعلم التاريخ وسياقه وتقنياته البحثية, وبين الاحداث التاريخية الموثقة علميا واركولوجياً والتي تتفق مع سياق التاريخ والمنطق.
حسب المؤرخ ” توم هولاند ” وفي بحثة الموثق بالصوت والصورة “الإسلام: القصةُ التي لم تُروى ” يثبت ان الاسلام لم يظهر قبل 1430 سنة للهجرة وانما الاسلام ظهر بعد انتصار العرب بمعركة اليرموك (13 هـ – 634 م) على الإمبراطورية البيزنطية, وأنتصارهم على الفرس بمعركة القادسية (15 هـ – 636 م) حيث عندها اصبحت الامبراطورية العربية, التي ورثت هاتين الامبراطوريتين, أقوى وأغنى امبراطورية في ذلك الزمان, وان ظهور الاسلام كان على يد عبدالله بن الزبير.
حسب نفس المؤرخ فان القصة الدينية لظهور الاسلام في مكة حسب امهات الكتب التراثية الاسلامية تتعارض مع سياق التاريخ والمنطق, ولا يدعمها اي وثيقة اركيولوجية, كما أن ثقافة الشخصيات في القرآن, واللغة المكتوبة بها القرآن, والاماكن المذكورة في القرآن لا تتفق وثقافة اهل مكة وجغرافيتها, وانما تتطابق مع ثقافة اهل فلسطين وجغرافيتها, والجدل الفقهي الوارد في القرآن بين النبي واليهود لم يكن له وجود في مكة, وانما يماثل الجدل الفقهي الذي كان يجري بين اليهود ومخالفيهم في فلسطين مما يدل على ان نبي القرآن هو عربي من اهل فلسطين.
بدأت قصة الاسلام حسب المؤرخ ” توم هولاند ” عندما رصد اهل القدس تجمع عدد كبير من العرب خارج اسوار المدينة وكانوا يخافونهم ويتحضرون لهجومهم.
في ذلك الوقت كانت القدس تحت الامبراطورية الرومانية وكان سكانها من اليهود والمسيحيين العرب غير مسرورين من معاملة الرومان لهم كمواطنين من الدرجة الثانية, وأن هؤلاء العرب اللذين تجمعوا على اسوار القدس هم معظمهم من الذين تم طردهم من القدس بسبب تمسكهم بعقيدتهم الاقرب ما تكون لليهودية.
عندما دخل العرب المهاجمون القدس واحتلوها, اول شئ قاموا به هو زيارة هيكلهم الذي حطمه الرومان بعد ان طردوهم وحيث بني الان المسجد الاقصى, واقاموا الصلاة على حطامه, وكان يهود القدس بغاية السرور لقدومهم, ونظروا اليهم وكأنهم المخلص المنتظر”المسيه” حسب العقيدة اليهودية.
أستولى العرب على ثروات فارس الخيالية واصبحوا اثرى امبراطورية في ذلك الزمان, ولكن هناك شئ سياسي اساسي ينقص الامبراطورية العربية الصاعدة لكي تثبت حكمها ويستقر لها؟ فما هو هذا الشئ؟
فهم الداهية عبدالله بن الزبير اثر الدين ورجال الدين في السيطرة على الناس وفي تثبيت الحكم الامبراطوري واستقراره, وكيف لا وهو يعرف بأن الإمبراطور قسطنطين الكبير ( 285-337 م) قد اعتنق المسيحية ورفع من شأن رجال الدين المسيحي لاهداف سياسية, وذلك لكي يساعدوه في تثبيت حكمه واستقراره, طبعاً الرواية المسيحية تختلف عن التاريخية حيث يعتبر المؤمنون المسيحيون بأن الإيمان بتعاليم يسوع قد دخل قلب الامبراطور الروماني ونشر المسيحية بقدرة الله, ولكن التاريخ يقول بأن الشئ الوحيد الذي آمن به الامبراطور هو قدرة الدين ورجال الدين في تثبيت حكمه واستقراره.
ما هي الديانة التي يجب ان يختارها الزبير للدولة العربية القوية الناشئة؟
المسيحية؟ لقد سبقوه اليها الرومان وطوبوها باسمهم ومهما طال الزمن سينافسوهم على الملك بسبب ملكيتهم وأحقيتهم بالدين المسيحي!؟
اليهودية؟ هي دين خاص باليهود ولديهم ثقافتهم وتراثهم, وبسبب ملكيتهم لهذا الدين سينافسوهم ملكهم في المستقبل؟
فما هو الحل اذا؟
الزبير يريد دينا عربيا خالصا, وخاص بالعرب وحدهم, ويمثل امبراطوريتهم العظيمة ويثبت حكمهم وعظمتهم ولن يقبل بغير ذلك؟
ولكن لكي يكون لديك دين خاص بك, فيجب ان يكون لديك نبي و كتاب مثل انجيل المسيحيين أو تلمود اليهود! ويجب ان يكون عربي! فمن اين يأتي بالنبي والكتاب؟
هنا يأتي للنجدة مدعي النبوة العربي الفلسطيني وكتابه العربي “القرآن” وهو الذي كان يجادل اليهود بأنه نبي مرسل وان كتابه وحي من عند الله؟ ولكن هناك مشكلة! وهي البعد الزمني والتاريخي والجغرافي.
فوجد عبدالله بن الزبير الحل في الصحراء العربية “مكة” وهي صحراء قاحلة مثل الكتاب الابيض وتستطيع ان تكتب به اي تاريخ تريده, فنسب القرآن الى مكة وحذف من القرآن اي شئ يشير الى المكان, وهذا هو سبب عدم وجود للتاريخ او للجغرافية في القرآن الكريم, وتم الإعلان عن الدين العربي الجديد وقام المسلمون ببناء سقف الحرم الابراهيمي لكي يتقاسموه مع اليهود ولكي يؤرخ نشوء الدولة العربية الاسلامية, وقام عبد الملك بن مروان (65-86هـ/685-705م ), بصك اول نقود عربية اسلامية وعندها فقط بدأ التاريخ الاسلامي, أي ان الاسلام نشأ في بداية القرن السابع الميلادي حوالي 75 للهجرة وقبل ذلك لم يكن اي اسلام او مسلمين حسب علم التاريخ ومنطقه ودائما مرجعنا هو المؤرخ ” توم هولاند “.
من هم اللذين دخلوا بالاسلام؟
كل العرب تقريباً , وكل اهل البلاد المفتوحة من بلاد الروم والفرس
من لم يدخل في الاسلام؟
العرب المخلصون لمعتقدهم والسريان والاراميون والاشوريون والبابليون والاقباط المخلصون لعقيدتهم من اهل الشام والعراق ومصر.
من هنا نستنتج بان التاريخ ينبأنا بأن الاسلام هو اول حركة قومية عربية ضد الاضطهاد الرومي للعرب, ظهرت في بداية القرن السابع الميلادي, وكان العرب يدخلون بدين الاسلام زرافات زرافات وخاصة القوميون منهم واللذين كانوا يشعرون بالاضطهاد ايام الحكم الروماني, وهذا بالواقع يتفق مع المنطق والتاريخ! اما ان تقول لي بان اهل الشام وفلسطين والعراق ومصر امنوا بالاسلام بين ليلة وضحاها اذعانا للشروط المحمدية “اما الجزية او الاسلام او الحرب” فهذه حكايات اطفال, وكل هذه الاشياء الغير منطقية الموجودة بامهات الكتب التراثية الاسلامية هي اضافات لا تمت للحقيقة بصلة.
مواضيع ذات صلة: الإسلام: القصةُ التي لم تُروى