جورج بكاسيني المستقبل اللبنانية
بدأ العدّ العكسي الأخير لسقوط نظام بشار الأسد. لا بل بدأت الاستعدادات الفعلية لمرحلة ما بعد بشّار.
بهذا الانطباع خرج أعضاء “الائتلاف الوطني السوري” من مؤتمر “أصدقاء الشعب السوري” الذي عقد قبل أيام في مراكش، معززاً بوقائع ميدانية من الداخل توّجها أبطال الثورة السورية بالوصول إلى مشارف القصر الجمهوري في قلب العاصمة دمشق.
ربما الحديث عن بدء العدّ العكسي، كما يقول أحد أعضاء “الائتلاف”، كان فيه شيء من المبالغة في السابق، أو كان في معرض رفع المعنويات. أما اليوم فقد صار حقيقة ليس باعتراف المعارضة السورية وحسب، وإنما كل الدول التي شاركت في مؤتمر مراكش، وفي مقدمها الولايات المتحدة الأميركية التي لطالما أقلقت مواقفها، أو مقارباتها، المعارضة السورية في مؤتمرات تونس واسطنبول وباريس السابقة. أما اليوم فقد ذهب ممثلها في المؤتمر الأخير، مساعد وزيرة الخارجية وليام بيرنز، أبعد بكثير مما توقّع أعضاء “الائتلاف”، إذ يكشف رئيس “المجلس الوطني” جورج صبرا لـ”المستقبل” أن بيرنز أبلغ أعضاء “الائتلاف” على هامش مؤتمر مراكش أن “بشار الأسد سينتهي خلال أسابيع، وأن المهم الآن الاستعداد لسوريا المقبلة”.
ويضيف صبرا أن بيرنز كان أكثر وضوحاً أيضاً خلال النقاش الذي دار حول تسليح الثوّار السوريين أثناء التحضير للبيان الختامي وصوغ العبارة المتعلقة بـ”حق الشعب السوري في الدفاع عن النفس”، عندما أيّد هذه العبارة بالقول: “لكم الحق في الدفاع عن أنفسكم ولن يقف أحد بالباب ليمنعكم”.
هذا الموقف الأميركي الذي عكس تطوّراً ملحوظاً في الموقف بدأت ملامحه تظهر إثر انتهاء الانتخابات الرئاسية الأميركية، تزامن مع إشارات أخرى لاحت من الضفّة المقابلة، أي روسيا، التي تبلّغت من الأسد قبل أيام، كما يضيف صبرا، “أن الحل العسكري لم يعد ممكناً”، وذلك بعد مهل متكررة كان يطلبها الرئيس السوري من المسؤولين الروس” أعطوني أسبوعين أو ثلاثة وأنا كفيل بحسم الوضع الأمني”.
ولهذا السبب كثّفت الديبلوماسية الروسية محاولاتها، في الأيام الماضية، من أجل الوصول إلى “حل سياسي”، هو في الواقع بديل من “الحل الأمني” الذي كان يراهن عليه الأسد. ولذلك أيضاً أبلغت الديبلوماسية الروسية وفد المعارضة السورية خلال لقاء مشترك قبل عشرة أيام رغبة موسكو في “بناء علاقة جدية مع الائتلاف السوري”، الذي زارها وفد منه أمس أيضاً.
ومعنى ذلك أن المعارضة السورية التي حققت إنجازاً كبيراً بتوحيد مجالسها العسكرية خلال الأسبوعين الماضيين، وقد ظهرت نتائجه سريعاً في الميدان، هي اليوم على عتبة تحدّ سياسي يتمثّل بتأليف حكومة انتقالية بصورة سريعة أيضاً لمواكبة أي سقوط مفاجئ للنظام في أي لحظة.
لكن السؤال: هل يمكن تأليف حكومة تكنوقراط لهذه المهمة، كما كان مطروحاً في الكواليس المعنية بهذا الاستحقاق، في ظل احتمال سقوط النظام خلال أسابيع؟
صبرا ومعه عدد من أعضاء “الائتلاف” يجيبون بالنفي: “ذلك أن فكرة التكنوقراط أثيرت عندما كان المطلوب أن تتولّى حكومة كهذه دور إغاثة الشعب السوري. أما اليوم فالوضع اختلف وصار المطلوب حكومة سياسية تعنى بملء الفراغ الذي سيخلّفه سقوط النظام، ومعالجة التداعيات الكثيرة والكبيرة التي تحتاج إلى استنفار سياسي على كل المستويات الداخلية والخارجية”. وهنا بيت القصيد.