كان (تشانغ سونغ ثيك) زوج عمّة زعيم كوريا الشمالية يتمتع بنفوذ كبير في البلاد .لكن فجأةً حدثَ شيء فظيع ( ألجمَ الألسن وأجحظَ كلّ العيون ) عندما سيق قريب الرئيس الى المشنقة دون مقدمّات تُذكر !
***
مقدمة : محو التأريخ !
طالما سمعنا وشهدنا عبر الزمن البعيد والقريب , عمليّات محو التأريخ وإعادة كتابته على رأيّ وذوق ومُشتهى الحاكم بأمرهِ .صديّم طبعاً أحد هؤلاء المزوّرين للتأريخ .
وإنضمام الرئيس الكوري الشمالي المارشال الحفيد (كيم جونغ أون ) الى هذه القصّة ليس غريباً .
الغريبة الوحيدة في هذه الحالة هي إستمرار تلك العملية الى يومنا , رغم توّفر وتقدّم وسائل النشر والإتصال والتواصل , بحيث يمكن لثمة معلومة مهمة أن يتّم تداولها بضعة ملايين من المرّات خلال دقائق معدودة .
فماذا سينفع الحاكم المعني محو تلك المعلومة من وسائل النشر في بلدهِ ؟
أغلب الظّن عندي أنّ ذلك الحاكم يعتبر شعبه مجرّد قطيع من الخراف , لن يجرؤ فرداً منهم بسؤالهِ عن سبب فعلتهِ .
أو على الأقل هو يعرف من تجارب سابقة مدى الخوف الذي إستقّر في نفوس الشعب الى درجة بضغطة زرّ من القائد يقوم الشعب كلّه بالبكاء على والده ( الحاكم المتوّفي) .
***
نصّ الخبر من التايمز اللندنية :
قالت صحيفة التايمز أن بيونغ يانغ (عاصمة كوريا الشمالية ) قد شرعت في محو معظم محتويات الأرشيف الوطني في محاولة لتغيير التأريخ وإعادة كتابته في أعقاب إعدام ( تشانغ سونغ- ثيك ) زوج عمة زعيم كوريا الشمالية.
وأشارت الصحيفة إلى أنه تمّ بالفعل محو 100 ألف مقال على الإنترنت بلغة البلاد وأخرى مترجمة لخمس لغات من أرشيف وكالة الأنباء الرسمية لكوريا الشمالية .
كما تمّ محو 20 ألف تقرير من أرشيف حزب العمال الكوري (رودنغ سينمن) كان يدور معظمها حول زوج العمة الذي تمّ إعدامه مؤخراً .
ورجحت الصحيفة أن ذلك جاء فيما يبدو لإزالة أي اثر لسوتغ-ثيك الذي أعدم عقب مزاعم بتدبيره إنقلاباً في كوريا الشمالية وكان يتمتع بنفوذ كبير في البلاد.
وأشارت التايمز إلى أن تلك الخطوة تذكر برواية جورج اورويل الشهيرة 1984 التي تدور حول الأخ الاكبر (الذي لم يشاهدهُ أحد , لكنّهُ يراقب الجميع ) !
وسعى فيها الحزب الحاكم إلى محو الماضي إيمانا بأن من يمحو الماضي يملك المستقبل.
***
الخلاصة :
أنا دائم القول : بأنّهُ لا يوجد أسوء من الحكام الطغاة العرب في الوجود حالياً , إلاّ عائلة حاكمة واحدة هي عائلة ( كيم إيل سونغ ) في كوريا الشمالية .
وإذا كان جورج أورويل قد قصد ( جوزيف ستالين ) بدور الأخ الأكبر في روايته الشهيرة 1984 , فإنّ الأخ الأكبر الجديد هو حتماً (كيم جونغ اون) بلا منازع / فلنرَ ماذا سينتفع من محوهِ للتأريخ القريب في بلدهِ ؟
إذا كانت كلّ إتصالات رؤساء العالم وقادتهِ تمّر على المخابرات الأمريكية حسب ما سرّبه ( إدوارد جوزيف سنودن ) من تفاصيل برنامج التجسّس لوكالة الأمن القومي الأمريكي .
فهل سيصعب على الأمريكان الوصول الى تفاصيل ما حدثَ في بيونغ يانغ ؟
على كلٍ , فإنّ ( كيم كيونج هوي 67 عام ) وهي زوجة المعدوم المغدور
وعمّة الرئيس الحفيد ( كيم جونغ اون ) , بقيت على حالها ولم يمسسها سوء من إبن أخيها وزبانيتهِ ( ربّما لم تكن تعلم بطموح زوجها )
بل تمّ إختيارها ضمن أعضاء اللجنة المكلفّة بالإشراف على الجنازات في الحزب الحاكم . وهو منصب مرموق عندهم كما يقولون .
( أعتقد صار مهماً يوم وفاة والد الرئيس الحالي / كيم جونغ إيل , وإجبار الشعب كافة على البكاء , والتمرغل العلني ) .
أو ربّما ( وهذا هو رأئيي في القضيّة ) تمّ تعيينها بهذا المنصب بالذّات , للبرهنة على أنّها مازالت على ولائها لأخيها المتوفي وإبنهِ السمين !
أخيراً / أيكون هذا الحادث بداية إفول نجم هذهِ العائلة الدموية بإمتياز ؟
أتمنّى ذلك من أجل الشعب الكوري الشمالي , وجيرانهِ والعالم أجمع !
***
الرابط الأول / إعدام زوج عمّة الرئيس الكوري الشمالي
http://www.bbc.co.uk/arabic/inthepress/2013/12/131216_tuesday_p.shtml?print=1
الرابط الثاني / عمّة الرئيس الكوري
http://ara.reuters.com/article/worldNews/idARACAE9BE00Y20131215
تحياتي لكم وكلّ عام والجميع بخير بمناسبة أعياد الميلاد المجيد
رعد الحافظ
23 ديسمبر 2013