أحمد أميري: الإتحاد الاماراتية
في مصر، عبّر شيخ الأزهر للرئيس الإيراني عن رفضه المد الشيعي في بلاد أهل السُّنة والجماعة. وفي ليبيا، تقرر منع دخول أي أجنبي سبق زيارته لإيران، كإجراء احترازي للتصدي لحملات التشيع هناك.
في أسبوع واحد صدر موقف موحد تقريباً من بلدين عربيين، ليضاف إلى مواقف سابقة ومن دول مختلفة ترفض كلها المد الشيعي في بلاد يتبع غالبية أبنائها المذهب السُني.
وكلما أثيرت هذه المسألة ارتفعت أصوات النواح في طهران على الوحدة الإسلامية، وفي المؤتمر الصحفي بين وكيل الأزهر وأحمدي نجاد، بهت الأخير حين كرر الأول مطالب الأزهر أمام الملأ، وعقد ما بين حاجبيه وقال بالعربية مستنكراً: اتفقنا على الوحدة، على الأخوة؟ الأخوة!
وتعتبر إيران اتهامها بنشر التشيع مجرد أكاذيب من نسج الخيال، والقضية ليست في الإنكار الذي تتمسك به طهران في مختلف القضايا، وإنما في أن إيران تستخدم الأخوة الإسلامية تلك لنشر التشيع، ومع هذا، تمثل دور الضحية حين لا ترد الدول العربية «التحية» بمثلها، ليخرج أمثال فهمي هويدي ويعبّروا عن استهجانهم لطريقة معاملة نجاد، إذ ربما كان على شيخ الأزهر أن يشد على يديه لمحاولته المتاجرة بالأخوة الإسلامية.
والإشكالية الأولى مع هذا التشيع أنه سياسي، فلو كانت إيران دولة سُنية بالكامل، وتستغل مذهب السُنة للهيمنة على الخليج، والتدخل في شؤون الدول العربية، ودعم الجماعات المنشقة فيها، لما تغير موقف الدول العربية منها.
والإشكالية الثانية أنه تشيع صفوي لا علاقة له بمشايعة الإمام علي، والتعبّد وفق فقه الإمام جعفر الصادق. فالزيدية مثلاً يفضّلون علياً على غيره من الصحابة، وعموم الصوفية السُنة يهيمون عشقاً في آل البيت النبوي، وفقه الصادق لا يختلف عن فقه الأئمة الأربعة كثيراً.
بينما التشيع الصفوي أساسه الطعن في الصحابة، والعداء لأهل السُنة، والعرب عموماً، وإلصاق جرائم يزيد بن معاوية بالسُنة على مر العصور، إلى درجة أن مفكراً إيرانياً، شيعياً، مثل علي شريعتي وضع كتاباً يميز فيه بين التشيع العلوي والتشيع الصفوي.
وكان شريعتي يخطب ضد الصفوية في زمن الشاه ونظامه العلماني، أي قبل أن تزداد الأمور سوءاً بتحول التشيع الصفوي من مجرد مؤسسة دينية إلى مؤسسة تفتي وتحكم وتتحدث باسم الشيعة في العالم بعد أن نجحت في شراء أو ترهيب أو تغييب الأصوات الشيعية الأخرى، حتى لم يعد هناك إلا نسخة واحدة من المذهب الشيعي، هي النسخة الصفوية المطبوعة بأخلاقيات القيادة الإيرانية.
وانتشار مثل هذا التشيع العدائي في بلاد ذات غالبية سُنية من شأنه إحداث البلبلة بينهم، ونشر الخلاف والبغضاء بين مواطني البلد الواحد على قضايا تاريخية لا تقدم ولا تؤخر، خصوصاً أن المجتمعات العربية تطفو على بحر من الخلافات والفتن، وآخر ما ينقصها الفتنة الطائفية.
وإذا كانت بعض الدول العربية تحصن أبناءها من أفكار معينة تنبع أساساً من المذهب السُني، فمن باب أولى أن ترفض «الأخوة» على الطريقة الإيرانية. وطهران نفسها لا تتحمل مراجع دين شيعة إيرانيين يخالفون رؤية مرشدهم الأعلى، وتضيّق عليهم وعلى أتباعهم، ليبقى الشعب متماسكاً عقائدياً. والتضييق على أهل السُنة في إيران هي قصة أخرى، و«أخوة» من نوع نادر.
المد الصفوي القادم إلى الشواطئ السُنية يأتي من بحر السب واللعن، وتحمل أمواجه العداء والبغضاء، وتعلوه طبقة من زبد ساسة طهران، ومن واجب الدول العربية حماية شواطئها من هذا المد.