Bassam Yousef
أي قراءة متأنية قليلا في البنية العميقة والحقيقية لكل الأحزاب السياسية في بلادنا ستجد أنها تكاد تطابق العشيرة الى حد كبير، فشيخ العشيرة هو الأمين العام، ووجهاء العشيرة هم أصحاب الحظوة – أي الحلقة المحيطة بالأمين العام -، ومقر الحزب هو المضافة، ومن ينتقد الأمين العام يطرد من الحزب، ويكتب به تقرير للمخابرات لمعاقبته، وفي العشيرة يطرد من العشيرة ويهدر دمه .
إذا كانت الأعراف والقوانين العشائرية هي اختراع اجتماعي فرضته بنية التجمعات التي سادت قبل ظهور الدولة، من أجل تنظيم شؤونها وحماية حقوق الناس وفرض السلم الاجتماعي فإن مهمة الأحزاب السياسية بعد نشوء الدولة هي نقل هذه القوانين وتطويرها لتصبح أكثر تحقيقا لمصلحة المجتمع ولحاجته الى تنظيم حقوق الناس وعلاقاتهم التي تطورت وانماط معيشتهم واقتصادهم وثقافاتهم وقيمهم.
ما فعلته الأحزاب السياسية في مجتمعاتنا على أرض الواقع هو العكس، فقد حشرت مفهوم الدولة الأوسع في مقاس العشيرة الأضيق، وعليه فقد نشأت في مجتمعاتنا دول مشوهة، تحمل العشيرة في جوهرها وترتدي ثوب الدولة.
لايطال هذا الأمر الأحزاب الدينية فقط، انه يطال أيضا أحزاب اليسار، والأحزاب القومية، وكل التشكيلات السياسية التي عرفناها في تاريخنا المعاصر.
مواضيع ذات صلة: خرافة الأحزاب السياسية العربية