مشكلتنا في بلاد الشرق أننا تحكمنا الأبدية؛ الأبدية في كل شيء في الدين والسياسة والعائلة والعادات وكل شيء. مجتمعات لا تبتكر شيئاً لهذا العالم، تستهتلك وتجترّ نفسها بأفكار بمسمّيات كثيرة وتاريخ مُخجِل وإسفاف ما بعده إسفاف ورفض مُعادي للتغيير.
هذه الأبدية الشمولية أوصلتْ البلاد والشعوب للعدَمية الفكرية، الشعوب اليوم – وبعد الكثير من النكسات والخيبات والاستعمار واستبداد الحكام والسلطة الدينية والقمع والإذلال – أصبحتْ مُستهلِكة نفسها وأفكارها التي انتهتْ مدة صلاحيتها ولم تعد تسمع ولا ترى في الشعوب والحضارات الأخرى أي جاذب ودافع للنهوض. الحرية وبعد الثورة الفرنسية كانت هدفاً للمجتمعات خاصةً التي تُهاجر بحثاً عنها؛ أصبحتْ شعوب الشرق، بفعل كلّ ما سبق ذِكره، تُهاجر وتُعادي الحرية وتَنشد أبدية أفكارها التي حملَتْها من مجتمع هي هربتْ منه بحثاً عن الحياة.
المنطقة اليوم تعيش فترة مخاض عسير ونحن ننتظر المولود كيفما كان لتنتهيَ معه حقبة وتبدأ أخرى على أمل أن تكون حقبة العمل للتنويريين وأصحاب المشاريع الفكرية والثقافية والاقتصادية التي نشأَتْ على أساسها مجتمعات الانفتاح والتطور والاختراعات في العالم ومنذ زمن، فأين نحن من العالم؟؟
الأبديات لا مكان لها اليوم مع التطور الذي وصل له العالم، كل فِكر ينطلق من سِلسة أفكار ومفاهيم تعتقد بأبديتها سيتصادم مع العالم، وحده مفهوم التغيير (والسريع اليوم) والعمل على التطوير الذي سينقلنا من العَدَميّة للإحساس بالحياة ومن القبَلية للمدَنية ولمسار الأمم المتطورة . فهل من أمل؟
الكاتبة ريم شطيح
#ريم_شطيح #فكر