كلنا نفهم إيران، النظام الطموح للهيمنة والنفوذ، لكننا في الحقيقة لا نعرفه جيداً. عنده الغاية تبرر الوسيلة، من بيع السجائر إلى تزوير العملات، والمتاجرة بالمخدرات، وغسل الأموال. جمع وتوجيه أموال الخُمس الدينية لأغراض حربية، وتأسيس شبكات معقدة من الشركات في أفريقيا وأميركا اللاتينية وآسيا، من إرسال رجال الدين المحملين بطلب الولاءات إلى مدربي القتال على السلاح. هذه نشاطات الإمبراطورية الإيرانية التي لا تظهر على السطح، تحاول تسخير كل ما تضع يدها عليه لخدمة غاياتها. وهي من خلال الخلايا، وشبكات التهريب السرية، بنت مشروعها النووي ولا تزال تفعل.
ومع أن بث النزاعات هوايتها الرسمية فإنها لا تحارب بنفسها. آخر حرب خاضتها القوات المسلحة الإيرانية كانت أمام العراق، وانتهت عام 1988. في تلك الحرب، رمى النظام الجديد بما تبقى من قوات الشاه المهزومة للتخلص منها. بعد الثورة صار الجيش النظامي الإيراني يقاد من قبل آيات الله المرتابين فيه، الذين لا يعترفون بالرتب العسكرية، ولا يحترمون إلا التراتبية الدينية. بعدها أصبحت كل معارك نظام طهران توكل إلى الخلايا والشبكات والمندسين؛ «حزب الله» لبنان، «حزب الله» العراق، «أنصار الله» اليمن، «الفاطميّون» الأفغان، وعشرات غيرها نشرت في أنحاء المنطقة تحارب من أجل رفعة دولة آية الله.
إيران لم، وربما لن، تخوض مواجهات عسكرية بالبوارج وأسراب المقاتلات، فهي، رغم بنائها، الذي لا يكل، لأسطولها البحري والبري بأفضل الأسلحة، تتحاشى المواجهات الكبرى. ترسل سفنها حاملة السلاح تبحر سراً إلى موانئ المناطق المضطربة. كما يتولى جنودها على الأرض حراسة قوافل «فيلق القدس» العابرة لبلاد الرافدين، لتعزيز قدرات الميليشيات الأجنبية التي تقاتل تحت إمرتها هناك.
وفِي آخر مواقفها الرسمية، أعلنت الحكومة الأميركية أنها تنوي تنسيق الجهود بين مؤسساتها الرقابية والأمنية، وتستعين بحكومات دول المنطقة المتحالفة معها للتعرف أكثر على شبكات التهريب والتدريب، وكيف تدير طهران حروبها السرية في أنحاء العالم. تقول إنها ستذيع المعلومات التي بحوزتها عن شركات طهران السرية، وستفضح المتعاملين معها. وتقول إنها ستكشف عن الأدلة التي تبرهن على علاقات إيران بتنظيم القاعدة. وهي كانت من المفاجآت الغريبة التي قلبت كثيراً من مفاهيمنا عن إيران في عام 2003. ففي تلك السنة هزت العاصمة السعودية انفجارات من تنفيذ تنظيم القاعدة، كنا نعتقد أنهم إرهابيون سعوديون على أرض سعودية. وكانت المفاجأة أن اتصالات التكليف الهاتفية جاءت من إيران إلى تلك الخلية في الرياض. تفجير مايو (أيار)، من ذلك العام، تم بأمر هاتفي من مساعد بن لادن القيادي المصري الهارب سيف العدل المختبئ مع رفاقه الإرهابيين في ضيافة إيران. وهو نفسه الذي دبّر قتل 18 أميركياً في العاصمة الصومالية عام 1993، ويعتقد أن له دوراً في التخطيط لهجمات سبتمبر (أيلول) في الولايات المتحدة!
قبل تلك الحادثة لم يخطر ببالنا أبداً أن يلتقي العدوّان؛ نظام طهران وتنظيم القاعدة، ويعملان معاً فوق الأرض نفسها وضد الهدف نفسه. بعدها أصبحنا نرى إيران بلد الألغاز، أكثر غموضاً مما كنا نظن ونعتقد. ومعرفتها جيداً ستتطلب من قوى المنطقة العمل المشترك، من أجل تفكيك ألغازها والكشف عن شبكات التهريب والتخريب والمعلومات. قبل الانخراط في أي عمل ضده بات التعرف أكثر على النظام الإيراني ضرورة أولى.
المصدر: الشرق الاوسط
١: أكثر من سنوات كنت قد نشرت مقال عن علاقة إيران بقاعدة العراق وبالدليل والبرهان ؟
٢: حكمة تقول {إن عجزت عن الإتيان بالبرهان والدليل ، فعليك بعلم المنطق والتحليل} والسؤال البديهي من المستفيد من شرور قاعدة العراق والدواعش غير النظام السوري والايراني وحسن نصرالله ، وخير دليل قاطع صفقاتهم مع الدواعش أخيراً ؟
٣: وأخيراً …؟
غبي من لا يصدق أن الدواعش تلاميذ القاعدة ليسوا من صنع ايران ، سلام ؟