ايليا الطائي
ملاحظة / المعابد لاتترك وانما تعبد بشكل او بآخر
عن تاريخية هذا الجامع يتناقل المؤرخون بأن لهذا الجامع أهمية تاريخية ، ويقال العديد من الأنبياء والصالحين زاروه ومنهم النبي إبراهيم والنبي دانيال ، كما زاره الإمام علي عندما عاد من قتال الخوارج في معركة النهروان ، فصلى به ، وحصل تحاور بينه وبين الراهب المسؤول عن الدير والمسمى حباب وكانت نتيجة الحوار إشهار الراهب إسلامه وتحويل الدير إلى مسجد . و
توجد بالجامع الصخرة التي وضعت مريم العذراء النبي عيسى من على عاتقها ، كذلك يوجد بداخله بئر يعتقد ان الامام علي كشف عنه بمعجزة ، بعد ان رفع الحجر الاسود ، فخرج من تحته الماء.
ومن ابيات لابي محمد العوني من شعراء القرن الرابع الهجري يقول فيها-
وقلت براثا وكان بيتا لمريم——— وذاك ضعيف في الاسانيد اعوج
ولكنه بيت لعيسى بن مريم——— وللانبياء الزهر مثوى ومدرج
وللاوصياء الطاهرين مقامهم——– على غابر الايام والحقد ابلج
بسبعين موصى بعد سبعين مرسل—- جباههم فيها سجود تشجج
واخرهم فيها صلاة امامنا———– علي بذا جاء الحديث المنهج .
ولهذا البئر اهمية كبيرة عند الشيعة بشكل عام وسكان بغداد منهم بشكل خاص لكونه سبباً في شفاء المرضى وذوي الامراض المستعصية ، ويعتقد الناس ان الطفل الذي يجد صعوبة في النطق يشرب من ماءه فيصبح نطقه سليم .
يوجد جامع براثا في المنطقة المفترضة لمدينة بغداد المدورة (مدينة السلام في العهد العباسي) ، وتذهب اغلب المصادر التاريخية الى ان منطقة براثا كانت مسكونة وعامرة بالسكان قبل الإسلام وقبل بناء بغداد ، ويفترض انه كان ديراً انشأ قبل اكثر من 100 سنة قبل الإسلام .
انا شخصياً افترض ان جامع براثا يسبق العصر المسيحي في العراق ، بدليل اسمه والمنطقة التي وجد بها ، فعندما نناقش اسم (براثا) ، نجده هو اسم علم بابلي كلدي ، ففي العصر اليوناني في بابل ظهر كاهن ومؤرخ وفلكي كلدي يدعى (برعوثا) ، وعرف باليونانية بصيغة (بيروسوس) وربما منه جاءت صيغة الاسم الفارسية (بيروز او فيروز) ، وأصل الاسم في البابلية هو بِل أُصُر
Bel-usur
ويعني (يا بل احمِ) ، وهناك اعتقاد بان الاسم بصيغته الاكدية هو “بل رعي شو” ومعناه (بل هو راعي) ، والاله (بل) هو لقب اطلقه البابليين على الاله مردوك .
ان ما يرجح ذلك هو ان المصادر الإسلامية ذكرت اسم منطقة قريبة من موقع براثا تعرف بمدينة (قطربل) بين براثا ومدينة الكاظمية ، واسم يعني (مدينة الاله بل) اي (مدينة الاله مردوك) ، واما اثارياً ، ومن الجهة الشرقية من المنطقة والقريبة على نهر دجلة والتي لا تبعد كثيراً عن جامع براثا ومنطقة قطربل عثر على منشأت بابلية قديمة تعود لعهد ملك بابل نبوخذنصر ، وخلال فترة التنقيبات التي جرت عام 1975 والتي استمرت لمدة شهرين ، عثر على بقايا جدران ضخمة مشيدة بالآجر المربع والقار ، وطول ضلع الآجرة الواحدة يتراوح بين 33-35سم ، وسمكها يتراوح بين 7-8سم ، تعلو سطح العديد من هذا الآجر طبعة ختم الملك نبوخذنصر ، وترجمة هذا النص :
” نبوخذنصر ملك بابل ، حامي معبد الايساكيل ، ومعبد ايزيدا ، الابن البكر للملك نبوبلاسر ملك بابل” .
ويعتقد بعض الباحثين ان هذه الاثار المكتشفة هي بقايا السور الميدي الذي انشأه نبوخذنصر ، وبالتالي ان وجود سور لحماية مدينة بابل من خطر الميديين كان لابد ان يكون معه حاميات بابلية ، وبالتالي هذه الحاميات تحتاج الى اماكن دينية خاصة بها .