اصبحت الحرية امرا مستهجنا

اذا جالست العور (العوران ) فعليك ان تفقأ عينك
يحكى ان ملكا مستبدا اصاب الورم عينه فلزم استئصالها فاصبح اعورا وشاع في المدينة ان الملك اصبح اعورا فاحتجب الملك عن رعيته فترة من الزمن ولكن الملك خشي ان يلقب بالملك الاعور فاصدر قرارا ملزما لحاشيته و رعيته فان يفقأ كل واحد منهم عينه الرجال تفقأ لهم العين اليسرى و النساء العين اليمنى حتى حديثي الولادة اصبحوا مع الختان للذكور و الاناث يفقئون لكل مولود عينا وفقا لجنسه ذكرا ام انثى
لم يعد باستطاعت احدا بعد ذلك ان ينعت الملك بالملك الاعور فالشعب كله في المملكة اصبح شعبا اعورا
بل و فرض على زواره من الممالك الاخرى ان يضعوا عصابة سوداء على العين اليسرى اذا قدموا لزيارته او زيارة مملكته
بدى الملك رحيما فلقد اصبح الشعب يدعو له بالصحة والعافية وعدم اصابة العين اليمنى للملك حتى لا يصبح كفيفا و يفرض على الرعية ان يصبحوا عميان مثله حينها
فالاعور خيرا من الاعمى
مع مرور الوقت آلف شعب المملكة تلك الحالة التي صيروا اليها و اصبح بالنسبة اليهم كل شخص ليس باعور شخص شاذا يستدعي العطف و المواساه ويشفقون عليها من انه يحمل عينان ترهق بصبره و تفقده التركيز بدلا من عين واحدة تجعله يركز اكثر على الهدف …او ليس الرامي يغمض عين ويفتح العين التي يركز بها على الهدف
الملك المستبد كان عادلا مع رعيته فجعلهم عور مثله فلم يزد ولم ينقص
والحاكم المستبد اليوم يريد من رعيته ان تنهج نهجه فيكونوا طغاة في منازلهم على اسرهم و خارج المنزل على بعضهم البعض فيصبح الجميع اسرى الطغيان و الاستبداد و العبودية ولا يشعر احدهم بالغربة بهذا العالم الذي يكيفه الحاكم كما يشاء
لم يعد في الاستبداد امرا منبوذا كما في مملكة العور بل اصبحت الحرية امرا مستهجنا في عالم غدت الحرية فيه غريبة مستوردة يمقتها الحاكم و تأنفها الرعية
عندما اشاهد مقاطع للفيديو لرجال الامن يضربون مواطنا ويعذبونه وهم يرددون : بدك حرية …بدك حرية … اتخيل جنود الملك الاعور وهم يفقئون عيون الرعية ليصبحوا عور مثلهم فالمساواة بالعبودية عدل لدى الحاكم المستبد