التعريف العام لاستقلال القضاء هو المبدأ القائل بأن القرارات القضائية يجب ان تكون حيادية وغير خاضعة لنفوذ وتأثير السلطات الاخرى في الدولة أو حتى لنفوذ اصحاب الثروات والمصالح الخاصة.
ان استقلال القضاء هو من اهم اركان نشوء الدولة الحديثة وهو الضامن الاول في احكامه لتعزيز مبدأ فصل السلطات كي لا تجور ولا تتدخل سلطة في اعمال سلطة اخرى فيعم الظلم ويسود الفساد في المجتمعات مما يمهد لعدم الاستقرار السياسي والاضطراب الامني فينتهي الأمر في بعض الاحيان بحدوث الانقلابات وقيام الثورات التي لم تحدث قط في مجتمعات تسودها مفاهيم العدالة وسيادة القانون والمحاربة الفاعلة للفساد المالي والاداري وجميعها نتاج طبيعي لــ… استقلال مرفق القضاء.
****
وفي كل مكان وزمان لا يخرج من يتولى المسؤوليات العامة في الدول المختلفة عن ثلاثة، الاول من يستغني بحلاله عن حرامه، فيعمل بكل كفاءة وامانة لتحقيق الاهداف العامة فتطمئن الشعوب بوجود امثال هؤلاء على اموالها وتستقر النفوس ويعم العدل في البلدان، يقابل ذلك المسؤول الذي يرى في الوظيفة العامة وسيلة للاثراء غير المشروع وزيادة الاصفار في حساباته الخاصة من المال الحرام والذي يكون على ذلك النهج يحاول بالعادة ان يزيح من امامه عبر الظلم والجور كل موظف شريف كي يحقق اهدافه الشريرة بالاستيلاء على الاموال العامة ولا رادع لامثال هؤلاء الا الجهات العدلية والرقابية المستقلة والنزيهة، وهناك نوع ثالث من المسؤولين يجلس متابعا الاحداث فإن شعر بان الفاسد يعاقب والشريف يكافأ التزم بالنزاهة والشفافية وسيادة القانون، اما ان لاحظ ان التجاوزات تمر والشريف يعاقب والمتجاوز لا يحاسب، غيّر مساره وأصبح متعديا آخر من المتعدين وبائعا آخر من بائعي مصالح الاوطان.
****
ان استقلال القضاء بالدول المختلفة ليس ترفا ولا شعارا يرفع دون مضمون ولا حتى خيارا يؤخذ او لا يؤخذ به بل هو فريضة واجبة لاقرار العدل وتعزيز الحريات في المجتمعات المتقدمة، وهو ما يضمن المحاكمات العادلة والنزيهة لكل فرد في المجتمع والفصل في القضايا دون تحيز او ضغط وغني عن القول ان الحكومات هي الخاسر الاكبر من عدم منح مرفق القضاء استقلاليته، حيث يتسبب ذلك بشعور مرّ بالظلم لدى العامة والخاصة وهو ثمن سياسي باهظ تقوم حكومات الدول المتقدمة بتفاديه بأي ثمن.
****
آخر محطة: استقلال القضاء لا يتم ويستكمل الا بحصر التعيينات والترقيات وتحديد المكافآت ومزايا الضمان الاجتماعي والصحي بمجلس القضاء الاعلى.
*نقلا عن “الأنباء”