كان وجيه البارودي طبيبا وشاعرا متميزا في الطب والشعر وناقدا اجتماعيا ومحبا لحماة ولم يغادرها فوجيه والعاصي والنواعير وحدة لا تتجزأ.
اتيت الى الدنيا طبيبا وشاعراً
اداوي بطبي الناس والروح بالشعر
اروح على المحموم اشفي اوامه
باجمع ما اوتيت من قوة الفكر
فاسقيه من روحي رحيقا ومن يدي مريرا
فيشفى بالرحيق او المر
وعن الاقامة في حماة يقول :
وفي حماة مقيم لا اغادرها
شاطئ البحر عندي ضفة النهر
فيها النواعير والعاصي وشاعرها
ثلاثة ميزتنا حكمة القدر
لا يمكن دراسة تاريخ البارودي كاملا الا من خلال شعره فذكريات الناس عن ذكائه وطبه وعطفه على الفقراء لاتكفي والى هذا اشار في شعره
شعري حياتي من اراد تعرفا ً بي
فهو عني الترجمان الافضل
كان البارودي حبيب لفقراء و اشار الى ذلك حين كان يمر بسيارته الصغيرة في الازقة فيستقبله اهلها بالخبز والزغاريد ويفرحون بلقياه.
تمر سيارتي العجفاء في طرق شعبية ليس فيها لمحة لغني
تراكض الصبية الاغرار تتبعني مهما فررت فراري ليس ينفعني
هذا يصيح وجيه امس انقذني من الهلاك وهذا امس طهرني
واقبلت ام محمود مزغردة جاءوا الي به ليلا فولدني
وتلك طابخة في الدر ساهرة على السليقة نادتني تضيفني
لم يقرب البارودي السياسة كهدف ولكن اختار النقد الاجتماعي واختار الحب
انا في السياسة ليس لي باع ولي في الحب اجنحة تحلق للعلى
وفي الدعوة للثورة :
يا معدمون افيقوا من جهالتكم يا من حياتكم نتن واوباء
ويا ارقاء عهد الرق طال بكم اما اتاكم عن التحرير انباء ؟
لا بد للارض من يوم تثور به والشمس من حنق في الافق حمراء
وكان يندد بالتخلف في بلده و اتخذ من العادات والتقاليد البالية موقف الضد
ولقد برانا الله في بلد تحجر اهله في متحف التاريخ القديم
الكبت والعادات والنظم العتيقة والتخلف داء مجتمع سقيم
ويقول منتقدا حماة :
قلاك على فرض حماة وذمك تقتضيه الواجبات
فلا كالشام انت ولا كحمص ودونهما امامك مرحلات
سجون الاض تعذيب و لكن سجونك راحة ومنادمات
مساجد او كنائس انت شتى وشعبك ناسكون وناسكات
وسبحات بايديهم طوال وبسبسة تليها الحمدلات
وحين ترشح للنيابة تعاطفت معه المدينة والارياف ولكن في الصندوق زحمه الاقطاع المتحالف مع المشعوذين الدينين الذين اعلنوه كافرا واشتروا الاصوات وفازوا عليه فقال مورخا ومعاتبا ومنتقدا ً في قسوة بالغة وحين سالته السبب قال القسوة لانني احب حماة واريدها ان تتحرر.
يعز علي هجوكِ يا حماةُ ولكنَّ الصفاتَ هي الصفاتُ
فلا تبديلَ إنَّ القردَ قردٌ وانَّ الكلبَ مطعمُه الفُتاتُ
أساتُ أسأتُ حين غرزت طيباً بارضٍ لا يطيبُ بها النباتُ
و اطفالاً بعثتُ بها حياةً فهل حَفِظتْ جميلي الامهاتُ؟
لَئنْ جحدَ الذواتُ يديْ فاني لأعجبُ كيف يجحدنى العُفاةُ
حماه ثَكِلتِ مجدَكِ يا حماةُ ودارت في سماك ِالدائراتُ
غضِبتِ على اليهود وفيك ادهى فلم تُغْرِ اليهود دُريهماتُ
والهت النحاةَ وبئسَ علماً يعلمه مشايخنا النحاة
ايفشل عالمٌ والعلمُ نورٌ وتظفرُ بالنيابة شعوذاتُ
اذن بين البهائمِ عشتُ عمري وآياتُ الدلايلِ بيناتُ
وبعد هذه الانتخابات لم يقرب السياسة منصرفا الى الطب والحب وحين اصدر ديوانه (بيني وبين الغواني ) تعرض في لمحة سريعة الى انحياز واضح لفكر انطون سعادة في تخليد ذكرى شنقه وذلك في عدة ابيات اصر على تضمينها في الديوان في وقت كانت المباحث تعتقل القومين السورين وتصادر منشوراتهم واوقفت الرقابة الطبع حتى يتم حذف القصيدة في مدح فكر انطون سعادة واصر البارودي مع انه لم يكن منتسبا بل معجبا فكريا ولدى عرض الموضوع على عبد الحميد السراج المسؤول عن المباحث قال اطبعوا الكتاب ولا تحذفوا القصيدة لان من يقرا الكتاب الف من الناس ولكن ان منعناه سيسبني مئة الف من اهل حماة وطبع الكتاب.
في شعر الحب حلق البارودي ولم يكن للحب العذري حليفا واطلق صيحته المشهورة في دعوة الناس لكي يحبوا.
الى اللهو..لاتصغوا لنصح طبيب
احبوا احبوا فالهوى يبعث الصبا
احبوا فان الحب غير معي
ويعلن البارودي نفسه سيدا للعشاق
انا سيد العشاق من قبل الشباب ومن نعومة انملي واظافري
وفي العشق يقول :
فكيف اصبر من اغرائها ادبا ً؟
لا عاش قلب لدى الاغراء كالصنم
ويقول على لسان محبوبته انه زير نساء :
اخشى افتضاحاً بعد طول تكتم وخفاء
اخشى عليك من النساء وانت زير نساء
ويقول في الغزل :
راودتها عن قبلة فتمنعت وتصلبت بعنادها لا تسمح
وانا الملح وكيف ارجع خائبا؟ من كان مثلي لا محالة ينجح
كان البارودي محبا لنزار قباني ودافع عنه ودعا الى تكريمه بجائزة نوبل في النرويج وقال في نزار :
ونزار يهوى لا حدود لحبه ملك له كل الملاح جواري
لا يعرف العشق الذي انا غارق في بحره فنجا من الاخطار
العشق غير الحب .. موهبة لها رهبانها والحب للاغرار
ويقول :
ام اللغات فخورة بنزارها وهي التي تعتز بالقرآن
وانا ازكيه وتزكيتي له هي غاية التحقيق والبرهان
لو انصفوا حملوا جوائز نوبل من (نروج) للشاعر الفنان
ونزار ترعاه العروبة وهو يرعاها فلا يخشى من العدوان
نشراته ممنوعة لكنها تاتي لطالبها مع الركبان
كان في الجامعة الاميركية صديقا لابراهيم طوقان الفلسطيني وحافظ جميل العراقي ونظموا قصيدة مشتركة تغنى ولا ادري ما منع تلحينها مع انها تغنى بلا الحان :
يا تين يا توت يارمان ياعنب يا در يا ماس يا ياقوت يا ذهب (اللازمة )
الله الله ما هذا الدلال وما هذا الصدود وما للقلب يضطرب ؟
ا وهي مكونة من عدة ابيات عسى احد المطربين من حماة يلحنها ويغنيها
كان البارودي صديقا لوالدي ومحبته ومحبة شعره امتداد لارث نعتز به رحمه الله, وخير ما اعجبني لائحة لصاحب دكان في ساحة العاصي كتب عليها( النواعير الرومانية والاشعار البارودية و شركة باصات الاهلية )!!