طلال عبدالله الخوري 1\4\2015 مفكر دوت اورج
المشاكل الدينية بين السنة والشيعة هي ليست الاولى من نوعها, وكل شعوب العالم قاطبة واجهت تاريخياً مشاكل من نفس النوع, وسالت الدماء انهارا بمئات الملايين من الضحايا, ولكن أغلب الشعوب حلت هذه المشاكل وتجاوزتها منذ عقود طويلة, وتفرغت للتنمية والازدهار الاقتصادي والعلمي والفكري والحضاري … الخ.. ولكن للاسف ما تزال منطقة الشرق الاوسط تشتعل بمثل هذه المشاكل وتسيل الدماء فيها, والتي من المرجح ايضا ان تمتد حسب مراكز الابحاث الاميركية لأكثر من 30 سنة! ويتوقعون ان يصل عدد الضحايا لاكثر من 100 مليون قتيل, وفي هذه السطور نريد ان نقترح حلاً ناجحا تم استخدامه لحل عداوة مشابهة كانت موجودة بين المسيحيين واليهود في اوروبا.
نحن نصر ونؤكد بابحاثنا على اهمية استخدام الحلول الناجحة المجربة والتي اثبتت نجاعتها تاريخيا وعلميا, فالحضارة الانسانية لم تبدأ البارحة, وانما غارقة في القدم, ولقد مر عليها كل انواع المشاكل وتراكمت في وجدانها الخبرات الانسانية في حلها, فمن المهم جدا الاستفادة من تراكم الخبرات التاريخية … ولكن هيهيات ان يقتنع بهذا المتدينون مغسولي الدماغ, فهم دائما يكررون نفس الحلول الفاشلة ويعتقدون بانهم سيحصلون على شئ مختلف.
فقد تم اضطهاد اليهود في اوروبا بشكل مأساوي على مدار مئات السنين, وكان المتدينون المتعصبون يتهمونهم بانهم قتلة ربهم والههم ” يسوع المسيح”؟؟ فاتبع المسيحيون في اوروبا الخطوات التالية من اجل حل هذا النزاع:
أولا: اعترفوا بأنهم اضطهدوا الاقلية اليهودية على مر التاريخ وقدموا لهم اعتذارا, وهذه اهم خطوة على الاطلاق, وهي الاعتراف بوجود المشكلة, وقاموا باستصدار قانون “تجريم معاداة السامية” من اجل التكفير عما لحق باليهود من أذى, ونحن نقول بانه طالما الاكثريات الاسلامية في كل بلد اسلامي على حدى, لم تعترف باضطهادها لاقلياتها كخطوة اولى, فلن يتم حل هذه المشكلة ابدا, وطلما انهم ينكرون اضطهادهم لاقلياتهم وينكرون وجود المشكلة اساساً, فسيكون من السهل استخدام العواطف الدينينة من اجل تجييش هذه الاقليات كما يحصل الان مع شيعة لبنان واليمن والعراق وسنة ايران, فأنا اعتبر مشكلة حزب الله هي نتيجة وردة فعل على الاضطهاد الذي عانوه من الاكثرية السنية, فلو تمت معاملة الاقليات بعدل وكرامة فلن يشتري اي شيعي عربي خزعبلات الولي الفقيه بقشرة بصلة وسيكونون رأس حربة لصد اعتداءاته لو تجرأ على وطنهم.
ثانياً: الخطوة الثانية انهم اعتبروا اليهود المذكورين بالانجيل المسيحي يختلفون عن اليهود الحاليين ولاعلاقة للطرفين ببعض بالرغم من ان المخلص في الديانتين هو ذاته, ولكن اليهود مازالوا ينتظرونه بينما المسيحيون آمنوا بالذي قد آتى؟ اي بمعنى اخر فصلوا اي ارتباط بين الديانتين واصبحوا دينين مستقلين يحترمون بعضهما البعض كما لو كانت العلاقة بين بوذي ومسيحي ويهودي وزرداشتي.. ولا علاقة لرب وقديسي دياناتيهما بعضهم البعض, ونحن نقترح بان ينظر الشيعي والسني لدينينهما على انهما دينان مختلفان ومستقلان, ولا علاقة لشخصيات ورموز كل دين بالاخر, فالقصص الشيعية الدينينة هي موروثهم الثقافي الذي تناقلوه عبر الاجيال, وعقيدة الفداء واذلال النفس تواضعا وتضرعا لله هي جزء من هويتهم الثقافية, ولا يستطيعوا ان يتخلوا عنها, ويجب ان ينظروا على ان زينب وفاطمة وعلي الشيعي هم شخصيات شيعية مقدسة توارثواها من قبل الاسلام, ثم اسقطوها على شخصياتهم بعد ان اجبروا على الاسلام, وهي تختلف عن زينب وفاطمة علي وحسن والحسين السنية, كاي دينين مختلفين, وان لا يعد كل طرف احصاء عدد طائفته جمعاً مع الطائفة الاخرى.
ثالثا: وهي الخطوة الاهم والتي لن تنجح الخطوة الاولى والثانية بدونها, وهي فصل الدين عن الدولة, وتبنى القوانين العلمانية التي تساوي وتعدل بين جميع المواطنين من دون النظر الى معتقدهم, ولكن للاسف جميع زعماء الدول الاسلامية مازالوا متمسكين باستغلال الدين من اجل ديمومة حكمهم وتوريثه وسرقة شعوبهم واستغلالها واحتكار اقتصادها بغطاء ديني بالتأمر مع رجال الدين, وهيهات اقناع الزعماء بالتخلي عن قذارتهم باستغلال الدين, لذلك هم يحاربون العلمانية ويهوشون رجال دينهم لكي يصورا العلمانية على انها الفجور والفسوق والعياذ بالله, مع ان العلمانية ببساطة هي القوانين التي تمنع رجال الدين والسياسة من استغلال الدين من اجل سرقة عرق الشعوب واستعبادها.
نريد ان نختم بتعليق الدكتور نبيل العربى، الأمين العام لجامعة الدول العربية على مبررات الحرب في اليمن حيث قال:” بيقولوا إن الحرب بين الشيعة والسنة.. إحنا مش زى الكاثوليك والبروتستانت.. إحنا عندنا كتاب واحد “, وهذ يعني بوضوح عدم الاعتراف بالمختلف وحقوقه! وان الحرب هي التي تقرر المصير, وهو يعتقد كما كل الزعماء بان الاكثرية ستنتصر على الاقلية وتفرض عليها شروطها وهي صاغرة: اما الجزية او القتل او الخضوع… ولهذا السبب تعتقد مراكز الابحاث الاميركية بان هذه الحروب ستمتد لاكثر من ثلاثين عاما وسيسقط فيها اكثر من مئة مليون قتيل.