*رجاء لا تزيفوا التاريخ لا تتجاهلوا ابطال حققوا الانتصارات*لماذا اسقط اسم مؤسس جبهة الناصرة وقائدها غسان حبيب من ذكرى 40 عاما على انتصار الجبهة * الناصرة أنجزت تحولا سياسيا هائلا وبرز فيها قادة جبهويون وعلى رأسهم طيب الذكر توفيق زياد *
نحتفل بذكرى هامة جدا في تاريخ الناصرة والجماهير العربية في إسرائيل وهو انتصار جبهة الناصرة الديمقراطية في 09 – 12 -1975.
كان تأسيس الجبهة الديمقراطية في الناصرة عملية سياسية إبداعية أشبه بثورة بيضاء. لا يمكن إنكار دور سكرتير فرع الحزب الشيوعي في الناصرة المرحوم غسان حبيب، وأتحدى أي رفيق شيوعي او جبهوي ان ينكر دوره الحاسم في تأسيس الجبهة وقيادة النشاط السياسي والبلدي حيث،بحملة ضغط غير مسبوقة لإسقاط اللجنة المعينة وإجراء الانتخابات لبلدية ألناصرة وتحقيق أهم انتصار سياسي في تاريخ الجماهير العربية بانتصار الجبهة في الناصرة وايصال القائد الشيوعي الجبهوي توفيق زياد لرئاسة البلدية، الأمر الذي احدث تحولا ثوريا غير كل مفاهيم النضال السياسي للجماهير العربية .
بناء الجبهة كان إستراتيجية سياسية أشرك فيها الحزب الشيوعي مجمل أبناء ألناصرة من ألأكاديميين الطلاب الجامعيين والتجار والحرفيين.. لمن لا يتذكر ذلك التاريخ لا بد من الاشارة ان هذه الهيئات نشطت سياسيا واجتماعيا في الناصرة ، وخاصة تنظيم الجامعيين الذي وصل عدد اعضائه الى 600 – 700 عضو ، والطلاب الجامعيين (400 طالب جامعي كما أذكر) قام الجامعيون ، بمشاركة سائر ألهيئات بنشاطات ثقافية وسياسية هامة من ابرزها في وقته المحاكم الشعبية التي حضرها آلاف من ابناء الناصرة.
ما لفت انتباهي وجعلني اكتب هذا المقال ان موقع الجبهة نشر مقالا وأشاد بقادة جبهويين نحبهم ونحترم تاريخهم وأدوارهم .. وسجلهم النضالي والوطني والبلدية ولا توجد قوة قادرة على تغيير هذا التاريخ المجيد.
لكن كاتب المقال ، موقع الجبهة وجريدة ألاتحاد ، تجاهلوا اسماء كثيرة كان لها دورا حاسما في تشكيل الجبهة وتحقيق الانتصار الكبير للجبهة.
لا اريد الحديث عن دوري الشخصي كسكرتير للشبيبة الشيوعية في الناصرة وما قمنا به ككوادر شبابية من عمل النملة لبناء الجبهة وإسقاط الادارة القديمة والإدارة ألمعينة ولا عن اسماء مركزية اساسية نشطت وقدمت طاقات كبيرة وساهمت بدور هام جدا في خلق جسم سياسي تبنته بعد نجاحه الباهر مختلف البلدات العربية في اسرائيل ، وصولا الى تشكيل الجبهة الديمقراطية القطرية.
ما احزنني وأشعرني بالألم على مصير هذا التنظيم الجبهوي وحزبه الشيوعي هو تجاهل ابرز شخصية سياسية ، وابرز قائد سياسي في وقته، الذي بدونه لما قامت الجبهة ولما تحقق هذا الانجاز الوطني السياسي والبلدي بمثل هذه القوة وهذا البريق ، وأعني سكرتير فرع الناصرة للحزب الشيوعي في وقته، الرفيق غسان حبيب، خالق وباني الجبهة الحقيقي، مجند الأكاديميين والتجار والحرفيين والقائد الذي خطط وقاد اسقاط البلدية الخنوعة وإسقاط اللجنة التي عينت لإدارة البلدية وبناء الجسم الجبهوي وقيادته نحو الانتصار نفس الأمر جرى في قرانا وبلداتنا ألعربية أقيمت روابط الجامعيين ونشطت سياسيا وثقافيا واجتماعيا.
التاسع من كانون الثاني 1975، تاريخ لا ينسى. استطاعت مدينة الناصرة ان تؤسس اكبر تحالف حيث عرف فيما بعد باسم “جبهة الناصرة الديمقراطية” وانجاز أكبر انتصار اجتماعي وسياسي في تاريخ الأقلية العربية في إسرائيل بالفوز برئاسة بلدية الناصرة وأكثرية أعضاء المجلس البلدي، في معركة انتخابات حامية استقطبت اهتماما محليا ودوليا كبيرا، في أوساط القوى الديمقراطية اليهودية واهتماما دوليا واسعا بمعركة فاصلة واجهت فيها الأقلية العربية للمرة الأولى منذ النكبة، بوحدة نادرة واجماع وطني لا سابقة له، سياسية الحكومة الشرسة بكل أجهزتها ورجالاتها.
المعركة كانت صعبة جدا، طويلة جدا، لكن في مرحلة معينة استطاع فرع الناصرة للحزب الشيوعي الذي كان يقوده المناضل المرحوم غسان حبيب ( مؤسس الجبهة وقائدها بجدارة) ان يبني اطارا وحدويا جمع كل مواطني الناصرة تقريبا، من تجار، حرفيين، مقاولين، عمال، طلاب جامعيين، اكاديميين ، نساء ، رجال ومثقفين ..
تلك المعركة أحدثت نهضة اجتماعية سياسية غير مسبوقة، خرجت الناصرة كلها لتنجز تحولا سياسيا هائلا برز فيه قادة جبهويين وعلى رأسهم طيب الذكر توفيق زياد .. وعدد من الجبهويين الذي لا يمكن شطب تاريخهم ونفيه. اثر الانتصار على تحقيق تحولات سياسية في جميع البلدات العربية داخل الخط ألأخضر بإقامة جبهات محلية واندماج المثقفين والأكاديميين والتجار في العمل السياسي والبلدي بشكل لا سابقة له، إنما امتد التأثير وقتها الى ابناء شعبنا تحت الاحتلال في الضفة ألغربية حيث انجز شعبنا هناك ايضا بانتخابات سمحت بها اسرائيل بوهم ان رجالها من عملاء تنظيمات عميلة قادرة ان تسيطر وتظهر الوجه الديمقراطي للاحتلال الاسرائيلي الذي “يسمح بانتخابات ديمقراطية”، النتائج كانت على طريق انتصار ألناصرة انتصرت القوى الوطنية الفلسطينية لتغير المناخ السائد وتقوم قيادات وطنية محلية معادية للاحتلال. من ابرز شخصيات تلك الفترة السيد بسام الشكعة الذي حاولت سوائب المستوطنين الفاشيين قتله بتفجير سيارته ولكنه بقي حيا رغم فقدان ساقيه.
انتصار الناصرة افشل سياسات مخططة للسلطة ألعنصرية على رأسها مصادرة المزيد من الأراضي ألعربية ولم يكن بالصدفة ان الجبهة وعلى رأسها توفيق زياد كانت القوة المحركة والقائدة لإضراب يوم الأرض الخالد في 30 آذار 1976 الذي صار يوما نضاليا لكل ابناء الشعب الفلسطيني. انتصار الناصرة احدث روحا جديدة من التعاون والتحالف وأصبحت الناصرة محط انظار الفلسطينيين من داخل اسرائيل ومن المناطق المحتلة بعد 1967، حين قررت ادارة البلدية التي كان يرأسها المناضل والشاعر المرحوم توفيق زياد، تنظيم مخيمات العمل التطوعي ، التي تحولت الى جانب تنفيذها عشرات المشاريع الهامة لمدينة اهملت خلال عقود طويلة، الى اعراس وطنية سنوية للعمل والتحدي السياسي للسلطة العنصرية ورسالة دعم واضحة لمدينة الناصرة ألمنتصرة وليس بالصدفة ان يكون غسان حبيب هو المنظم والقائد لهذه المخيمات.
التغيير في الناصرة لم يكن استبدال قديم بجديد ، لم يكن استبدال شكلي. كان تغييرا على مستوى استراتيجي عميق للغاية، كان تغييرا استنهض همم المجتمع العربي لإحداث التغييرات في مجمل البلدات ألعربية مثل هذا التغيير لا يحدث لأن بعض الطامعين بكرسي رئاسة البلدية طرحوا شعار التغيير. التغيير هو عملية تاريخية نضالية وفكرية تحتاج الى تنظيم طليعي يطرح رؤية جديدة ، يملك الامكانيات الانسانية في توفير قوة دفع اجتماعي وسياسي لإحداث ما يشبه الثورة الاجتماعية. هذا ما احدثته جبهة الناصرة عام 1975.
احتراما لهذا التاريخ ، احتراما لشخصياته كلهم الأموات والأحياء ، يجب عدم تجاهل أي جهد وأي انسان ساهم بهذا ألانجاز حتى لو كان اليوم بعيدا عن الجبهة وتنظيمها ألسياسي أصلا الجبهة اليوم هي استمرار بالاسم فقط لجبهة 1975. وهذا الأمر يجب ان يراجع بدون حساسيات، بدون تشنجات، لا احد يرفض تاريخ الجبهة النضالي – تاريخنا جميعا!!
انتصار الجبهة في الناصرة كان انتصارا للنهج والنشاط السياسي والبلدي الذي قاده غسان حبيب ومجموعة من الرفاق والجبهويين من مختلف تنظيمات الجبهة التي اختفت اليوم وتحولت الجبهة الى حزب سياسي تسيطر عليه الشخصانية والفردية!!
بامكانكم تجاهل العشرات..لكن تجاهل هذا الأسم (غسان حبيب) لا يكسب الجبهة شرفا ولا كرامة .. وارى بذلك استمرار لنهج لا يبني ويؤسس للعلاقات بل يهدمها.. هل بالصدفة الانحسار المقلق لمكانة الجبهة في البلدات والقرى العربية وصولا الى الناصرة؟
ماذا استفدتم من عدائكم لنائب رئيس بلدية جبهوي قضى عشرين عاما في النشاط البلدي قبل ان تحاولوا التخلص منه بطريقة مهينة، لكن شعب الناصرة رفع لكم الكرت ألأحمر وانتخبه بأغلبية ساحقة لرئاسة بلدية ألناصرة أغلبية غير مسبوقة إلا بالفوز الأول لطيب الذكر توفيق زياد، ، وها هو يواصل طريقه ألجبهوية (بدون الجبهة التي فقدت منطقها السياسي) في التطوير وإعادة الترابط الاجتماعي بين مواطني الناصرة.
nabiloudeh@gmail.com