يدين عالم الرياضيات والفلك بالكثير الى البابليين — مثلا، ان النظام الستيني لحساب الوقت والزوايا والذي لا يزال عمليا بسبب قابلية القسمة للرقم 60 .
يمكن التعبير عن مآثر الحضارة نفسها بذكر افضل نقاطها — الاخلاقية، والجمالية، والعلمية، و اخيرا وليس آخرا الادبية. ان النظرية القانونية ازدهرت وكانت متميزة في البداية، والتي عبر عنها بعدة مجموعات من القرارات القانونية، والتي سميت بشرائع والتي كانت افضلها شريعة حمورابي. وخلال كل هذه الشرائع يتكرر اهتمام الحاكم بالضعيف والارملة واليتيم — حتى وان بدت النصوص احيانا وللاسف تكرار ادبي.
تخضع جمالية الفن ايضا للقيم الموضوعية والتي يمكن تقييمها بمصطلحات مطلقة، وتبقى بعض الاعمال في القمة بارزة فوق البقية، وبالاخص فن اوروك الرابعة، ومنحوتات اختام الفترة الاكدية والنحت شبه البارز لاشور ناصربال.
كانت العلوم التي حضيت بها بلاد مابين النهرين فريدة بالرغم من اختلافها عن مفهوم العلوم عند الاغريق. تميزت العلوم في بلاد مابين النهرين، منذ بداياتها في سومر قبل منتصف الالفية الثالثة ق.م، بالانهاية، والترقيم الدقيق والترتيب في حقول وجداول وتسلسلات بابدع نموذج يحوي كل شئ في العالم ولكن دون الرغبة او القدرة على تركيب او تقليل المادة الى الاسلوب. لم يعثر على قانون علمي عام واحد، ونادرا ما عثر على استخام التناظر. وبالرغم من هذا فقد بقيت نضرية فيثاغورس انجازا عالي القيمة ( مربع الوتر يساوي مجموع مربعي الضلعين القائمين) حتى وان لم توضع بصيغة معادلة، الا انها كانت مطبقة منذ القرن الثمن عشر ق .م. ان الانجازات الفنية كانت متقنة في بناء الزقورات (ابراج المعابد على هيئة هرم) بقواعدها الضخمة، وفي الري ايضا في المجالين الحسابي النظري والتطبيق العملي بل قد تم اكتشاف الواح طينية تحتوي عمليات حسابية لنفس النضرية في العراق وقد اقتبس فيثاغورس النضرية من العراقيين .
في بداية الالفية الثالثة ق م استخدم في اوروك حجر صناعي والذي يعتبر النموذج الاول للكونكريت (160 الى جنوب الجنوب الشرقي لمدينة بغداد الحديثة)، ولكن يبدو ان سر صناعته قد ضاع في السنوات اللاحقة. تغلغلت الكتابة في كل مناحي الحياة مما ساهم في صعود طبقة بيروقراطية متطورة جدا — احد اهم الموروثات اللصيقة القديمة في الشرق الاوسط. تطلب ادارة مقاطعات كبيرة قابلية ادارة عالية والتي تحت حكم سلالة اور الثالثة مثلا لم يكن امرا غريبا ان تنظم حسابات لآلاف الماشية وعشرات الآلاف من حزم القصب البردي. تم اكتشاف ارقام متشابهة في ابيلا قبل ذلك بثلاثة قرون.
وفوق كل شي فان اداب بلاد مابين النهرين تعتبر واحدة من مآثرها الحضارية. على انه ظهر الكثير من المقتطفات الادبية والمؤلفات المختارة ( مصنفات للتعليم المهم)، بترجمات و توضيحات الدب مابين النهرين، اضافة الى محاولات لكتابة تاريخها، لا يمكن حقا القول ان الادب المسماري قد نشر الى الحد الذي يستحقه. هناك جزئيا اسباب مادية لهذا: فالعديد من الرقم الطينية بقيت بحالة متشضية، ولم يكتشف بعد على نسخ منها من اجل الفاظ على النصوص، لذا فلا زالت هناك فجوات كبيرة. وسبب اخر هو قلة المعرفة باللغات: قلة الالمام بالمفردات وصعوبات اساسية في قواعد اللغة السومرية.
وعليه، فان جيلا اخر من علماء التاريخ الآشوري سيقضي قبل ان يمكن تقديم الملاحم والاساطير والصفائح والتراتيل والشرائع القانونية وادب الحكمة والاتفاقيات التعليمية الى القارئ بطريقة يمكنه معها تقديرالمستوى العالي للابداع الادبي لتلك الحقب.