طلال عبدالله الخوري 7\12\2012 حصرياُ مفكر حر
الشعوب عادة تستفيد من تجارب بعضها البعض, والشعوب التي تكرر اخطاء الأخرين هي شعوب خاسرة وضائعة, ونحن نطلب من جماعة الاخوان المسلمين السورية ان لا تجعل من الشعب السوري من ضمن الشعوب الخاسرة مرة اخرى, وأن تستفيد من تجربة وأخطاء ما يحصل في كل من تونس ومصر, فيكفينا ما قد خسرناه خلال الاف السنين من الاستباداد توجتهم عائلة الاسد بأخر اربعين سنة منهم فقط.
بعد نجاج الاسلاميين بالوصول الى السلطة في كل من مصر وتونس, وموافقة اميركا والغرب على التأقلم مع حقيقة وصولهم للسلطة بطريقة ديمقراطية والتعامل معهم, نفش الاسلاميون السوريون ريشهم, وظنوا بأن الطريق اصبح معبداُ امامهم لحكم سوريا, واصبحوا يدلون بتصريحاتهم الاستعلائية على وسائل الاعلام المختلفة, ورفضوا حتى الانصياع لطلبات المعارضة السورية من المدنيين و العلمانيين وأيضاُ مطالب الغرب بطمأنة الاقليات ورفض التشدد الاسلامي, ولكنهم رفضوا, مستندين الى وصول اخوتهم الى الحكم وقبول الغرب بهم وبنتائج صناديق الاقتراع, فأدت عجرفتهم هذه بالطبع الى توجس الغرب من هوية الثورة السورية ومن سيكون البديل عن عائلة الاسد, وهذا بدوره ادى بالطبع الى إطالة امد الثورة السورية وبالتالي زيادة اعداد الشهداء والدمار الذي حل بالوطن, فيكون الاسلاميون السوريون بذلك مشاركين بدماء السوريين الى جانب عائلة الاسد لأنهم وضعوا مصالحهم السياسة فوق وطنيتهم.
طبعاُ لا تخفى على اميركا ايديولوجية الاخوان المسلمين الفاشية, ولكن سبب قبول الادارة الاميركية التأقلم مع حكم الاخوان المسلمين هو:
اولاُ: ان الغرب ايقن بأن على الشعوب ان تقلع شوكها بأيديها, فإذا أخطأت الشعوب بأختياراتها, فيجب عليها ان تصحح هذا الخيار بنفسها, والغرب يجب ان يتدخل فقط في الحالات القصوى, عندما تكون هناك ابادة وافراط في عدم التوازن بالقوى بين اطراف الصراع, كما هو في الحالة السورية, لهذا السبب باركت اميركا وصول الاسلاميين للسلطة طالما انه خيار الشعب. ولكن لم تساند ولن تساند قط وصول اي طرف الى السلطة ضمن سياساتها الجديدة بالمنطقة.
ثانياُ: ان سياسة اوباما الجديدة والتي يطلق عيها: ” بصمة الدعسة الخفيفة”
light foot print
وتقوم هذه السياسة على مبدأ عدم التدخل المباشر وانما ادارة الازمات عن بعد, والاكثر من هذا هو ايجاد الذرائع الى عدم التدخل المباشر, كما حدث في الحالة السورية حيث القوا كل اللوم على كاهل استخدام روسيا والصين لحق الفيتو بالامم المتحدة, وبهذه السياسة الذكية لاوباما, تم اخراس اليساريين العرب الذين يتشبثون بنظرية المؤامرة الاميركية او على الاقل سحبت منهم ذريعة للتهجم عليها, وارضت الاسلاميين وجعلتهم يوجهون قسم من غضبهم على روسيا والصين بدل من ان يكون غضبهم مركزا على اميركا بسبب وبدون سبب.
لقد كانت نظريات الاستيلاء على السلطة بالأنقلابات العسكرية وتحويل البلاد الى مزرعة شخصية للديكتاتور, واستخدام الدين للمساعدة بالتحكم بالمواطنين وتحويلهم الى عبيد, أساليب سائدة في منطقة الشرق الاوسط في العقود الماضية, وقد استخدمها كل من حافظ الاسد وصدام حسين وجمال عبدالناصر ومعمر القذافي, وغيرهم من جنرالات بلاد العالم الثالث.
كان وصول الخميني الى حكم ايران, قد ارسى نظريات استبدادية جديدة للوصول الى السلطة تختلف قليلاُ عن اساليب وصول العسكر للسلطة السابقة , وهي الوصول الى السلطة بواسطة صناديق الاقتراع الديمقراطية ثم بعد ذلك يتم الانقلاب على الديمقراطية والقضاء على الخصوم, بأساليب اجرامية, ثم التفرد بالسلطة وتغيير الدستور والقواعد الديمقراطية التي اوصلتهم للسلطة. وقد استخدم هذه الطريقة بعد الخميني حماس بغزة, والجبهة الاسلامية بالسودان, وبوتين بروسيا, والان الاسلاميين بكل من تونس ومصر.
فالأزمة بين جماعة «الإخوان المسلمين» في مصر والتي وصلت دمقراطيا للحكم، والتي بدأت بقرارات الرئيس محمد مرسي الاستبدادية، وبين السلطة القضائية المتمسكة باستقلالها عن السلطة التنفيذية, حيث يمارس الرئيس مرسي كل انواع التقية والمعاريض والخداع ويختبئ ومعه أنصاره الإسلاميون، وراء صيغة ” أولوية «حماية الثورة»” من أجل تبرير قراراته وإجراءاته الغير دستورية.
وهذا المفهوم الفضفاض لأولوية حماية الثورة, (راجعوا مقالنا: “فساد الحكام العرب والمفاهيم الفضفاضة“) والقابل لكل أنواع الاجتهاد والتفسير واعادة التفسير (الى ما شاء الله)، يمكن تمربر كل ما يمكن أن يخدم الإسلاميين في الحكم، بدءاً من النصوص الدستورية والقانونية وصولاً إلى إبعاد المسؤولين, المعادين لسياساتهم الاستبدادية, من مفاصل الحكم.
لقد اقنعت جماعة الاخوان المسلمين السلفيين بدعم سياساتهم ومخططاتهم والوقوف ورائهم على مبدأ تقاسم الغنيمة بين الاقارب, وكذلك الامر اعتمدت ماكينة الاخوان المسلمين على الحنكة السياسية والتقلب والتلون والكذب والخداع في تحالفها تارة مع المدنيين والعلمانيين وتارة مع الفصائل الاخرى الاسلامية, بهدف ضربهم ببعضهم البعض وتشتيت جهودهم لكي يسود الاخوان المسلمين عليهم على مبدأ فرق تسد.
وتميزت هذه الماكينة الاخوانية بالتقلب والتلون، بحسب المصلحة «الإخوانية» فحسب، من دون أن تأخذ في الاعتبار كيفية تأسيس نظام جديد يلبي طموحات جميع المواطنين، بمن فيهم الذين كانوا وقود الثورة من قوى وشخصيات في المجتمع المدني, وهذا يذكرنا بما فعله الخميني مع رفاق ثورته من المعارضين الايرانيين؟
بذلك تكون الماكينة الإخوانية تسير على خطى ابنتها حماس وقبلها ابن عمها الخميني وثورته الاسلامية, في الاستيلاء على السلطة وتشكيل ثيوقراطية دينية وارساء الخلافة الاسلامية, وهي النسخة السنية للولي الفقيه بإيران.
وفي الختام نحن نقول لجماعة الاخوان المسلمين السورية بأن طرائق الاستبداد اصبحت معروفة ويتم تدريسها بالجامعات العالمية, إن كانت على طريقة العسكر والانقلابات او على طريقة رجال الدين وصناديق الاقتراع, ورأيتم كيف فشل الحكم الاستبدادي بأيران, والآن ترون فشل الاسلاميين في السودان وتونس ومصر, فيجب عليكم ان تعتبروا من هذه الاحداث وعدم تكرار هذه الاخطاء على شعبنا, فكما تعرفون المؤمن لا يلدغ من الجحر مرتين, ولايقع حتى الحمار في الحفرة مرتين, فما بالكم بكل هذه التجارب الاستبدادية الفاشلة والعديدة؟
إن الحد الأدنى (واكرر واضع خطين تحت الحد الادنى) ولا شئ مقبول اعلى منه ولو بقليل, وذلك لقبول أي حكم اسلامي بعصر الانترنت والشفافية, هو الحكم الاسلامي لحزب العدالة والتنمية التركي لبلد علماني مئة بالمئة مثل تركيا, وأي شئ زاد عن ذلك فهو الوقوع بنفس الحفرة التي وقع بها الخميني والاخوان المسلمون في كل من غزة ومصر وتونس والسودان.
ماقل ودل … ما بين السقوط والحل ؟
١: لقد سقط ألإخوان في سورية في نفس أسبوع سقوط ألإخوان في مصر وتونس ؟
٢: هذا ما أرداته أمريكا والغرب وهو تعرية نوايا هؤلاء المجرمين ، وهو السلطة والحكم بإسم الدين ، حيث لازلو يضنون أنفسهم في عهد قال ألله وقال الرسول ، غير مدركين أن مايسعون إليه بظاعة فاسدة بكل المعايير ؟