ابني هشام لبكرة مو لمبارح

homismenyouما بتمر معنا جلسة ، الا الحديث دائماً بيبدأ بكلمة ( بزمانو )، كناية عن قصة قديمة صارت معنا تتناسب مع الموضوع المطروح للنقاش..
في كل مرة و اثناء حديث الماضي ، عن قصص صارت معنا باللاذقية، صرت باتطلّع بعيون زوجتي اللي خلقت بالغربة و عاشت طفولتها بالغربة و مازالت بالغربة، باتطلّع بعيونها و بشوف نظرات بتقول من دون ما تحكي :
معقول ابن اللاذقية ما عندو حديث الا بالماضي و بقصص الماضي؟؟
قصص ما بتتعدّى بحديثي حدود حكايات قهوة الشّدة اللي كنّا نرتادها، و لا النهفات اللي كانت تصير على مدرجات مباريات حطين، و لا بكون عم احكي خارج حدود غرفة صغيرة زجاجية مشمسة جمعتني بأيام من أيّامات المدينة الغير منتمية مع أعز الأصدقاء على فنجان قهوة ، مع ثرثرة حدودها الدنيا دق استغابة ، و حدودها الأقصى التحضير الى عشا اسبيرو اخر الاسبوع..
ما باستغرب من نظرتها، و لا عم حاول اليوم تفسيرها ، و لا انا بصدد الدفاع عن واقع جيلي لاربع عقود مرّت..
شو بدّي احكيلها عن غير الماضي، و نحنا جيل التناقضات ، الجيل اللي ما عاش يوم واحد لمستقبلو..
بحكيلها انو نحنا جيل السبعينات الضايع و اللي عاش على عز أهالينا من دون ما يكون عندنا إمكانية لنخلق عزنا و نورثو لولادنا؟؟
بحكيلها انو نحنا جيل ما عرفنا لمين انتماءنا، فلا نحنا جيل محسوب على حكمة الختايرة، و لا جيل ممكن ينحسب على جيل الايفون اللي بعدنا؟؟
بحكيلها انو نحنا جيل خلّصنا سنين مدارسنا و دخلنا جامعاتنا بما يتناسب مع علاماتنا ، مو مع ما يتناسب مع احلامنا !!!
بحكيلها انو نحنا جيل حمّص القهوة الخضرة بأيدو، و بعدها ريحة بابور الكاز عالقة بأنوفنا و نحنا عم نحضّر اليوم فنجان الاسبرسو على آلة تحضير القهوة الجاهزة !!!
بحكيلها انو نحنا جيل خلّص دراستو بالجامعة و عملنا دبلوم ورا الدبلوم ، و الماجستير ورا الماجستير ، و خدمنا جيش و انبسطنا انو انسحبنا احتياط ، لحتّى يضل عندنا حجة لهروبنا من مواجهة لحظة الحقيقة و دخولنا في صراع الحصول على وظيفة تليق بعدد دبلوماتنا و ماجيساتيراتنا !!
بحكيلها انو نحنا جيل كانت الغربة مو من ضمن ثقافتنا، و اضطرينا عليها متأخرين و نحنا في نص التلاتينات من أعمارنا و البدء من الصفر بهيك عمر؟؟
بحكيلها عن مديري بمدرسة الإعدادي ،المدير اللي من المفترض يكون قدوة لأي طفل بهالعمر ، بحكيلها لما روح لعندو بعد دوام المدرسة على بسطة الفلافل اللي فاتحها على باب بيتو لآكول سندويشة!!!
بحكيلها عن ابتعادنا عن قيمنا اللي ربينا عليها، و عن اتخاذنا لقرار عدم الزواج مو كرهاً بالعيلة ، و لكن لعدم قدرتنا على فتح بيوت و تأسيس أسرة !!
بحكيلها انو نحنا جيل منحكي بالماضي كتير ، لانو المستقبل ما كان من ضمن مفرداتنا !!!
بحكيلها عن معسكر العاشر ، و عن دورة المظلية و عن ايام الصاعقة ، و عن المعسكرات الجامعية في سطامو !!
شو بدي خبرك لحتى شيل من عيونك نظرات الاستغراب عن ارتباط شباب جيلي بالماضي و الابتعاد عن التفكير بالمستقبل؟؟؟
أربعين سنة ما عندنا فيهون الا قصص قهاوي اللاذقية ، و حكايات الملاعب و قعدات السمر و السهر مع الاصحاب على رمل البحر..
اربعين سنة ما بذكر فيهون يوم امتلكنا اداة من أدوات التخطيط لمستقبلنا..
أربعين سنة اعتقدنا فيهون انو المدرسة هيّة الحياة بعد الروضة ، و الجامعة هيّة الحياة بعد المدرسة، و تفاجأنا بعد التخرّج بدخول عالم السكون و الفراغ و الحنين لعجقة الدراسة اللي بتلهينا عن مرارة واقعنا..
العيب مو فيني و لا بأولاد جيلي، العيب كل العيب باللي جعل أقصى طموحنا انو يخلص اليوم فينا و نحنا منعرف شو عندنا تاني يوم نعملوا لمّا نصحى الصبح..
و بمناسبة الحديث عن زمانو..
بزمانو سألني الوالد ، شو بدّك تصير لمّا تكبر؟؟؟
مات من ١٥ سنة الله يرحموا و ما سمع مني جواب..
اليوم رح جاوبو و خلّي روحو ترتاح بقا:
انا يا ابي ما بقا عندي وقت لصير اي شي ، بس عندي كل الوقت لخلّي ابني هشام يحكيلها لمرتو بقصص بكرة مو بقصص مبارح..

About زياد الصوفي

كاتب سوري من اللاذقية يحكي قصص المآسي التي جرت في عهد عائلة الأسد باللاذقية وفضائحهم
This entry was posted in فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.