يقول أحد الأمثال: “ابتعد قليلاً عن الرجل الغاضب؛ أما الصامت فابتعد عنه إلى الأبد.”
أوافق جداً هذا المثَل حيث الصامت (دائماً) برأيي نصف ميت، وليس الصمت بعدم الكلام فحسب بقدر ما هو أيضاً بعدم الاهتمام للقضايا الانسانية الكبرى أو الصغرى وعدم الخوض فيها. [بعض الأشخاص تعيش معهم سنوات وسنوات طويلة ولا تتعلم منهم شيئاً، ولا فكرة واحدة ولا كلمة ولا شيء، لا بل تُعلّمهم، لدرجة وأنت جالس معهم تشعر أنك على وشك أن تتأكّد هل ما زالوا على قيد الحياة! والبعض تعرفه لفترة قصيرة جداً بتواصُل قد يكون محدوداً، ومع هذا من حديث واحد تتعلم منه ألف فكرة ويفتح لعقلك آفاق الفكر والمعرفة].
أعشق العقول المنفتحة التي تُحفّزني على التفكير والتحليل والنقاش، الحاضرة لخوض نقاش فكري إنساني سواء اجتماعي أو سياسي أو ديني؛ هي العقول التي تستطيع أن تضيفَ لرصيدك المعرفي الانساني الكثير. وأتعب مع العقول المغلقة التي ليس لديها أي اهتمام بأي شيء ولا تضيف لك شيئاً لا على المدى القصير ولا البعيد، ولا يهزّهم أي موضوع أو يدفعهم للخوض والسؤال والمعرفة، فتجدهم كما هُم لو رأيتَهم وتحدّثتَ معهم اليوم وبعد عشر سنوات وبعد عشرين سنة؛ تجدهم كما هُم ولم يتطّور فيهم شيء واحد وحتى ما زالوا على تكرار نفس الأحاديث ونفس الاهتمامات.
إنه العجز والتقوقع. وعلى فكرة، التقوقع ليس بالضرورة هو الإبتعاد عن الناس، لا، بل عدم التغيير وتطوّر الأفكار والنهج والرؤية. أعرف أشخاصاً قد تجد حياتهم الاجتماعية معتدلة، لكنهم يعيشون بشخصية في البيت، وشخصية يخفونها أمام المجتمع، ويعيشون تقوقُعاً بكل معنى الكلمة حدّ الإضطراب الحِسّي المعرفي.
إلى حدٍّ ما، برأيي الغاضب أفضل من الصامت “الدائم”، فالأول يُعبّر ككائن حي طبيعي، أما الثاني فإنه نصف ميت وعاجز.
للتوضيح، هناك فرق بين السكوت في مواقف معينة وبين الصمت؛ فالسكوت جيد عندما لا تستطيع التفكير في إجابة جيدة كما قال محمد علي كلاي، أمّا الصمت فهو العجز.
يقول سقراط “تكلّم حتى أراك،” تكلّموا وناقشوا وابحثوا وانفعلوا .. هذا هو الطبيعي. لا بدّ أن نبحث من أجل التغيير والتطوير كي نعرف على ماذا نبني مواقفنا وقرارانا. الحياة موقف وفِكر مُتجدًّد ودافع دائم للنُّهوض. التفاعُل مع أي فكرة سواء بالنقاش وجهاً لوجه أو بالتعليق هنا هو محاولة للمعرفة ومساهمة بالنهوض وإحساس بالحياة.
الكاتبة ريم شطيح
#ريم_شطيح #إنسانيات #خبرة_شخصية #من_الواقع #فِكر