بهروز بهبودي: موقع العربية
مرشد الجمهورية الإيرانية علي خامنئي قال مؤخراً: “يجب أن نعرف العدو جيداً ونعرف أساليبه ومراوغاته إننا على هذا الأساس نتخذ مواقفنا من القضية السورية. إننا لا نرغب في إراقة دم أي مسلم ويؤلمنا ذلك. إننا نقول إن من يعمل لجر سوريا إلى الحرب الأهلية يتحمل مسؤولية ما عليه البلد حيث يجب تسوية مطالب الشعوب عبر الأساليب المعروفة والطبيعية بعيدا عن العنف”.
ويطلق خامنئي هذه التصريحات في وقت قتل فيه الناشط والمدون الإيراني ستار بهشتي تحت التعذيب ولم يتألم ولم يحرك ساكنا حيث إنه وسلفه الخميني يعتبران من يعمل ضد نظام الجمهورية الإيرانية كافرا!
وقال الخميني مرة في معرض رده على الاضطرابات التي شهدتها أذربيجان الإيرانية “إنهم يقفون في وجه الإسلام ويعملون ضد حكم الإسلام لكننا لا نريد إراقة الدماء أما الخروج على الحكومة الإسلامية لها عقوبة كبيرة إنها في حكم الكفر وهي من أكبر المعاصي”.
وعلى هذا الأساس سار خلفه خامنئي الذي هدد المحتجين على نتائج الانتخابات الرئاسية السابقة بالقتل إذا ما استمروا بالاحتجاجات.
وفي الموضوع السوري رغم أنه عبر عن عدم ارتياحه لإراقة الدماء لكنه لا يعترف بالثورة السورية ويعتبرها “فتنة أمريكية” مثلما وصف الاحتجاجات السابقة في إيران بهذا الوصف.
وخامنئي الذي لا يغيب مصطلح “العدو الخارجي” من غالبية تصريحاته يجني هذه المرة للشعب السوري أيضا مشاكل وأزمات ثمنها دماء الأبرياء من الأطفال والنساء والمناضلين لنيل الحرية.
والدعم الذي تقدمه إيران وروسيا والصين الى النظام السوري حصد الى الآن أرواح الآلاف من أبناء هذا الشعب لكن خامنئي يدعي أنه يعرف العدو ويدعو البلدان الإسلامية الى توخي الحذر منه.
وهذه ليست المرة الأولى التي يبني فيها مرشد الجمهورية الإسلامية مواقفه على أساس الحذر من سياسات “الأعداء” لكن من لم يعرف أن أحمدي نجاد قد وصل الى سدة الحكم بدعم من خامنئي وجلب بذلك الويلات للبلاد؟ كما أنه منع نواب البرلمان من استجواب نجاد كما منعهم من متابعة ملف الفساد الحكومي الذي بلغ 3 مليارات دولار بسبب تورط بعض منتسبي النظام بهذا الفساد الذي وصف بالأكبر على مدى تاريخ إيران.
ورغم ذلك يرسل خامنئي قواته الى سوريا لمواجهة “العدو” ولم يستطع أحد محاسبته على دماء أبناء الشعب الإيراني الذين يقتلون في سوريا ويدفنون خلسة هنا وهناك ويمنع ذويهم بأن يبوحوا بأسباب مقتلهم.
كما أن الشعب الإيراني لا يعرف حجم الأموال التي ينفقها خامنئي في بلدان أخرى مثل سوريا والعراق ولبنان لأن سوريا تقع في الخط الأمامي للمقاومة! وأن العراق يعد مكانا مناسبا للتدخل وإثارة النعرات الطائفية.
وفي هذه الأثناء نسمع مثلا عن مقتل عدد من طلبة المدارس في القرى النائية في إيران بسبب قلة الإمكانيات وتشير الإحصاءات الرسمية نفسها أن إيران تضم 1200 مدرسة تعتمد الخيم مكانا لتدريس طلبة المدارس لكنه في نفس الوقت توقع إيران اتفاقية لبناء 3 آلاف مدرسة في العراق وكذلك مجمعات سكنية في أنحاء مختلفة من هذا البلد.
في الحقيقة أن المسؤولين الإيرانيين تعودوا على التدخل في شؤون البلدان الأخرى ولا يهمهم مصير الشعب الإيراني ويشكل تصدير ثورتهم التي أصبحت فاسدة الشغل الشاغل ليأتي بعدها خامنئي ويروج بصلافة أن الثورات العربية كانت نتيجة للثورة الإسلامية الإيرانية.
لكن رغم هذه الادعاءات أن الشعب السوري يسير على الطريق الصحيح وأنه سيصل الى الحرية والديمقراطية مثل ما شهدته مصر وتونس رغم المساعدات السخية التي تقدمها بلدان مستبدة مثل إيران لنظام الأسد وخلافا لما يتصوره قادة إيران نضال الشعب السوري لم يكن أساسه “الصحوة الإسلامية” التي تروج لها إيران بل للقضاء على الحكم المستبد لآل الأسد.
لم يبق إلا القليل لإنهاء حكم الأسد والإشاعات التي ترد هنا وهناك وتشير إلى استعداد الرئيس السوري إلى طلب اللجوء هي علامة لقرب نهاية النظام لكن الشعب الايراني أمامه الكثير للوصول الى ما يقترب منه السوريون.
لاشك أنه مع سقوط نظام الأسد ستكون إيران من أكبر الخاسرين بسبب مواقفها التي لا تستند الى الواقع وتبنى على أساس الخيال والتشدد.