توماس دونيلون
واشنطن – في الخامس من فبراير (شباط)، وبعد ما يزيد على ستة أشهر من التحقيقات، أعلنت الحكومة البلغارية أنها تعتقد في ضلوع حزب الله في الهجمات التي وقعت خلال شهر يوليو (تموز) الماضي وأسفرت عن مقتل 5 سياح إسرائيليين وقائد حافلة بلغاري وإصابة المزيد في مدينة بورغاس الساحلية. ويمثل هذا التصريح أهمية كبيرة لتوجيه دولة بلغاريا، وهي إحدى الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، أصبع الاتهام إلى تنظيم حزب الله وإماطتها اللثام عن العمليات الإرهابية المستمرة التي ينفذها الحزب. ولا يمكن لأوروبا أن تتجاهل بعد الآن التهديد الذي يمثله التنظيم في أوروبا والعالم.
كان الهجوم، الذي شهدته مدينة بورغاس، دنيئا، فقد كان السائحون الإسرائيليون قد وصلوا لتوهم إلى مطار المدينة الساحلية، واستقلوا حافلة لتنقلهم إلى ساحل البحر الأسود، عندما راقب شاب ملثم تحركات السياح ووضع حقيبة تحتوي على متفجرات داخل الحافلة ثم ابتعد. وأسفر الانفجار عن مقتل ستة فضلا عن منفذ العملية. ومن المرجح أن مقتله لم يكن جزءا من الخطة الأصلية، حيث إنه طالما حاول تنظيم حزب الله الاستعانة بأفراد مدربين ملتزمين. كذلك لم يكن من المفترض على الأرجح أن ينكشف تورطه في هذا المخطط.
مع ذلك، اشتملت الأدلة، التي تم الحصول عليها من جثمان الضحية، على بطاقة هوية تم تزويرها في لبنان لرجل من ميتشغان. واكتشف المحققون، الذين يعملون في أنحاء أخرى من بلغاريا، أن المتورطين في العملية استخدموا بطاقتي هوية مزيفتين أخريين مثل الأولى. وساعدت هذه الأدلة على اكتشاف الهوية الحقيقية للشريكين الآخرين في هذه العملية. لقد سافرا إلى بلغاريا بجوازي سفر أحدهما أسترالي والآخر كندي، ثم عادا إلى لبنان باستخدام طريق غير مباشر حتى لا يستطيع أحد اقتفاء أثرهما. وأعلنت الحكومة البلغارية، بعد إطلاع مسؤولي أجهزة الأمن الأسترالية والكندية على ما لديها من معلومات، اعتقادها في ارتباط الرجلين المتورطين بالجناح العسكري لحزب الله. ولولا مقتل منفذ العملية الذي لم يكن مخططا له لثار جدل محير حول الطرف الذي يقف خلف هذا الهجوم المريع. وبذلك تثبت تحقيقات السلطات البلغارية للعالم مرة أخرى أن حزب الله يحاول لسنوات الاختباء، وأنه لا يزال يشارك في تنفيذ عمليات إرهابية دولية ضد مدنيين.
وكانت أول وصمة عار على جبين حزب الله عام 1983، بعد تفجيرات السفارة الأميركية في بيروت والتي أسفرت عن مقتل 63 شخصا. وبعد فترة قصيرة من تلك العملية قام حزب الله بتفجير ثكنات تابعة لقوات مشاه البحرية الأميركية والجيش الفرنسي في بيروت، مما أسفر عن مقتل 241 جنديا أميركيا و58 جنديا فرنسيا. وكانت كمية المتفجرات في هذه العملية أكبر كمية تم استخدامها في هجوم إرهابي. وخلال ثمانينيات وتسعينيات القرن العشرين، نفذ حزب الله عمليات اختطاف طائرات، وتفجيرين في بوينس آيرس، وعدة تفجيرات في باريس، ومحاولة تفجير في بانكوك. وساعد التنظيم في تنفيذ تفجير أبراج الخبر في المملكة العربية السعودية عام 1996 والذي راح ضحيته 19 أميركيا. ونتيجة لهذا السجل الدموي الإجرامي تم إدراج تنظيم حزب الله في مركز متقدم على قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية، التي وضعتها وزارة الخارجية الأميركية، عام 1997.
على مدى العقد الماضي عمل حزب الله بجد من أجل التنصل من تاريخه وسجله الإرهابي وإقناع العالم بأنه مهتم بالشأن السياسي وبتقديم خدمات اجتماعية والدفاع عن لبنان فحسب. مع ذلك يعد الحديث عن حزب الله كطرف سياسي مسؤول ضربا من الأوهام، حيث إنه لا يزال تنظيما إرهابيا وقوة مخربة في منطقة الشرق الأوسط. وقتل التنظيم منذ عام 2011 مدنيين في بلغاريا، وتم إجهاض محاولات له في قبرص وتايلاند، فضلا عن مخططات إرهابية في مناطق أخرى. كذلك يساعد في دعم نظام الأسد الوحشي في سوريا، ويعمل كذراع للحرس الثوري الإيراني في المنطقة، بل ويتجاوزها. وبذلك يضع حزب الله استقرار بلده لبنان وشعبه في خطر. وبعد أن كشفت السلطات البلغارية جدول الأعمال الإرهابية الخاص بتنظيم حزب الله، يجب على حكومات الدول الأوروبية اتخاذ رد فعل سريع، فعليها تعطيل شبكة التنظيم، ووقف تدفق المساعدات المالية إلى التنظيم، وملاحقة المخططات الإجرامية التي لها صلة به، وإدانة قادة التنظيم لاستمرارهم في النهج الإرهابي.
وتثني الولايات المتحدة على تلك الدول التي أقرت بإجرام تنظيم حزب الله، وأدانت بالفعل التنظيم بسبب هجومه الإرهابي في بورغاس. ويجب أن تتخذ أوروبا موقفا جماعيا حازما تجاه هذا الهجوم الذي وقع داخل حدودها من خلال إدراج حزب الله على قائمة الإرهاب الخاصة بالاتحاد الأوروبي. وتلك هي الخطوة التالية نحو ضمان أن يكون الهجوم، الذي شهدته مدينة بورغاس، هو آخر عملية ناجحة لحزب الله على أرض أوروبية.
* مستشار الأمن القومي للرئيس أوباما
* خدمة «نيويورك تايمز»