كنت أتمنى أن أنعيك بعد أن يتحقق الصلح في سوريا…
كُنتَ مفكر لبنان وفلسطين والهوية العربية.
نعاك أمس تجمع اللجان والروابط الشعبية كصديق لمؤسسيها الأوائل وكمفكر لامع وباحث مميز، غادر بيروت إلى جامعة أوكسفورد به أن تعرض لمحاولة إغتيال غاشمة عام 1975.
جسدت بفكرك ونضالك وممارساتك العلاقة التكاملية الوثيقة بين النضال الوطني والقومي وبين النضال الاجتماعي والتحرري. بين لبنان والعروبة وبين العروبة والديمقراطية. بين فلسطين وحركة التحرر العربي والعالمي.
بقيت مسكوناً بالقضية اللبنانية والقضية العربية طيلة السنوات الأربعين الماضية فأصدرت الكتب، وكتبت المقالات، وأعددت الأبحاث والدراسات ، وألقيت المحاضرات في منابر وهيئات لبنانية وعربية وإقليمية ودولية، ولعل عناوين كتبك “حربا بريطانيا والعراق 1941 -1991” و “لبنان والعروبة: الهوية الوطنية وتكوين الدولة” هما خير ما يوضح سيرتك كمناضل ملتزم وطنياً وقومياً وباحث جاد يعتمد على الوثائق في أبحاثه ودراساته.
أذكر زياراتك لي في لندن ثم لقاءاتنا في بيروت. كنت تبعث في نفسي الأمل وإمامُكَ إيمانك العميق بصلابة شعبنا ورغبته في التطور والوصول إلى مصاف الأمم المتحضرة.
أذكر هدوءك وإتزانك ولطفك، عوامل تشي بسمو نفسكَ ورِفعة أخلاقك.
بعد الكبير ‘مُنَح الصلح’ يمضي عظيم آخر من آل الصلح. لكن ذكراكم أيها الكبار ستبقى ماثلة أمامنا تذكرنا أن الأمة باقية ما بقيت ذكرى مفكريها بعد إنحسار الرعاع.
رحمك الله أيها الكبير …