المحامي ادوار حشوة : كلنا شركاء
السيد الرئيس يدعو الى الاحتكام الى صندوق الاقتراع بمواجهة الذين يطالبونه بالتنحي او الرحيل )
كلنا نعرف هذا الصندوق الديمقراطي الذي يدعونا إليه والذي يستند الى حالة فريدة في الديمقراطية الشعبية أسمها
( التعيين بالأنتخاب) حيث يسمي النظام أسماء من يريدهم سواء لمجلس الشعب او الادارة المحلية او أي نقابة مهنية ثم
يكلف وزير الداخلية والمخابرات بتنفيذ ذلك كما أي مخرج سينمائي يفعل .
الأ نتخابات السورية معدة للا ستهلاك الخارجي تعبيرا عن وجود ديمقراطية موجودة فعلا على الورق …فهل
على هذه الديمقراطية ندعى لمسابقة انتخابية تعددية بحماية المخابرات واجهزة القمع وبقضاة سبق تعينيهم من الاجهزة
ليحققوا ارادة النظام .؟
كيف يمكن اجراء انتخابات حرة في ظل الاحكام العرفية التي تطبق على البلد منذ نصف قرن والتي تمكن الاجهزة من
فبركةالانتخابات و إخراجها وفق المطلوب ؟
وكيف تجري الانتخابات التنافسية ولم يعد الجيش الى ثكناته ويتوقف عن القصف والتدمير وتتوقف الاجهزة عن القتل
وتتوقف عصابات الشبيحة وما يماثلها بالمقابل عن الذبح والخطف والسرقة وكيف الانتخابات او الاستفتاء ونصف
الشعب بين مهجر ومعتقل ومقتول وخائف ؟
قبل كل شئ ولكي يكون التنافس حرا يجب الغاء النظام الرئاسي واعادة العمل بدستور 1950 لان الثورةقامت اصلا
للخلاص من النظام الرئاسي الديكتاتوري ولا نريد نظاما مماثلا و عندما يتحقق كل ذلك يكون للتنافس الانتخابي الاهمية
التي تؤهل الفائز أن يدعي ان الشعب اختاره رئيسا او نائبا وما عدا ذلك ليس الا شعارات للا ستهلاك الخارجي
ولكسب الوقت وللالتفاف على الشعار الاساسي اسقاط النظام..
منذ 2005 استشعرنا الخطر القادم وفي مقالنا (التحديات الحقيقية للاصلاح السياسي في سورية) قدمنا الحلول ولم تكن
الثورة قد بدأت ولكن لاأحد يريد اصلاحا لأن مرض ال99% ما يزال ينخر جسم النظام.
وفي 30-4-2011 وقبل أن تتحول التظاهرات الى الصدامات الخطرة طلبنا في مقال وزع على نطاق واسع ودعونا
رئيس النظام أن يقود رغبة الشباب في التغيير بان يعيد دستور 1950 وقانوني الاحزاب والانتخابات بموجب مرسوم تشريعي من مادة واحدة تقول ( يعاد العمل بدستور 1950 وقانوني الاحزاب الانتخاب السارية في ظله )ويحدد موعدالانتخاب مجلس نيابي حقيقي بعد ان يطلق سراح المعتقلين ويسمح بعودة المبعدين ويصدر عفوا عن السياسيين فتتوقف على الفور التظاهرات التي تطالب باسقاط النظام وبدلا من ان يكون الرئيس هدفا يتحول الى مصلح وقد يشايعه الكثيرون وربما يحصل على أكثرية نيابية تسمح بالتجديد له لمرة واحدة.
هذا العرض الاصلاحي رفضه النظام وذهب للحل الامني والقمع والاعتقالات وانتهى الى القصف بالطائرات وا لمدافع والدبابات ثم الصواريخ ولسنتين فشل في تحقيق الاستقرار وعرض استقلال سورية للخطر لأن القرار السوري المستقل صار مرهونا بموافقة الروس والايرانيين وصارت سورية ورقة من اوراقهما وعاد الصراع على سورية الذي توقف ايام الرئيس حافظ وهذا التوقف كان من انجازاته التي بعثرها النظام الحالي .
.لم يعد بعد هذا القمع الذي اخذ شكلا طائفيا في ادوات القمع واخذ الشكل المضاد في بعض تنظيمات المعارضةا
لمسلحة للأسف الشديد لم يعد سهلا المراهنة على حل سياسي ولا بد من تفكيك مخاطر هذا الشكل لكي
تتمكن الحلول السياسية من تحقيق الانتقال السياسي لحكم ديمقراطي جديد تنبع فيه السلطة من صناديق اقتراع
حقيقية ولا تنبع من فوهات البنادق وهذا التفكيك لايتم بدون تنازلات متبادلة لا تؤدي الى تبادل الادوار بين ظالم
ومظلوم بل الى الاتفاق على شكل و طن جديد لا يخترقه ظلم آخر ويتحول الجميع من توابع طائفية او دينية الى
توابع وطنية تأخذ حقوقها السياسية من صناديق الاقتراع .
خلال سنتين لم تستطع السلطة مع كل قوة الجيش والمخابرات والشبيحة أن تهزم معارضة مسلحة هي الأخرى لم
تتمكن من إسقاط النظام وإن بعثرت قوا ه وكلاهما يعانيان لأن الخارج الذي دخل الساحة يريد إضعافهما معا لكي
يقبلا بحل دولي جاهز ومطلوب يربط السلام الداخلي بمصالح الدول التي حولت الازمة السورية الى مسألة شرقية جديدة
يتأخر حلهاالى أن تتفق هذه الدول على إقتسام المصالح فيها والشعب يعاني ويموت ولا من يهتم في العالم بصراخ أطفاله.
يا أهلنا في سورية تعالوا الى ميثاق حياة جديد نتفق عليه نحن ويقوم على ديمقراطية لا يحذف منها أحدولا يقهر وجمهورية
برلمانية وجيش لا يركب السياسة ولا يحتكرها ووطن يعطي لكل شرائحه الحق في الا عتزاز بأصولها وأديانها وطوائفها
على أن يكون الولاء للوطن أولا وهذا هو الصندوق الوطني الذي ندعو الجميع اليه بديلا عن الذبح والتدمير والتقسيم
والتدخل الخارجي فهل إليه نذهب أم الى صندوق يحتكم اليه النظام وأجهزته والذي حول البلد الى مزارع طائفية
والى وحشية يرفضها الناس.. ؟ هذا هو السؤال .
20-1- 2013