إلى أين تتجه دول المنطقة؟

samilnisifسامي النصف

يعتقد البعض المتفائل ان أوضاع الحروب الأهلية الدامية القائمة في دول مثل العراق وسورية وليبيا واليمن هي أقرب لأحوال بعض دول المنطقة أواخر الثمانينيات عندما آتت الحرب العراقية ـ الإيرانية ثمرها ومثلها الحرب الأهلية اللبنانية، وحان وقت إنهاء الحربين كي تتفرغ الشركات الكبرى لقطف ثمار مرحلة تعمير ما دمّر وحصد المليارات.
***

وضمن هذا السيناريو وبعد ان قدّر الخبراء الاقتصاديون العالميون كلفة إعمار سورية بمئات مليارات الدولارات، ومثلها وأحيانا ضعفها كلفة إعمار الدول العربية الأخرى التي ابتليت بالحروب الأهلية لسنوات طوال لم تبق حجرا على حجر، فقتلت البشر ودمرت المصانع والمزارع والمدن والبيوت، وجب ان يبدأ سعر النفط في الارتفاع التدريجي كي يمكن لدول الخليج ان تموّل كلفة إعمار تلك الدول المليارية أو التريليونية التكلفة كما حدث في الماضي مع العراق ولبنان وغزة.. الخ.

***

ودلالات ومؤشرات ذلك السيناريو المتفائل احداث متوازية قادمة سريعا قبل الصيف منها نجاح حكومة السراج في ترسيخ الأمن في ليبيا، كما سيتمكن الجيشان العراقي والسوري من السيطرة على الأوضاع في المناطق النائية من أوطانهما والقضاء أو الحدّ من سيطرة «داعش» تمهيدا للوصول إلى حل دولي يفرض على البلدين قواعد جديدة للعبة السياسية تشرك الجميع ولا تقصي أحدا، مع نجاح مؤتمر الكويت في رأب الصدع بين اليمنيين، حيث سيتم تسليم صنعاء دون حرب للشرعية اليمنية والالتزام بقرارات الشرعية الدولية والمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني وستشهد طبقا لذلك السيناريو التفاؤلي العلاقات الخليجية ـ الإيرانية تحسنا مشهودا يطفئ بالتبعية حروب الوكالة والتشاحن الديني والمذهبي والعرقي بالمنطقة.

***

مقابل تلك السيناريوهات المتفائلة، هناك سيناريوهات شديدة التشاؤم اميل شخصيا لها وفحواها ان القادم من احداث أشد هولا ورعبا ودموية وسوءا مما جرى، وان ما نراه في البلدان المنكوبة من تحركات هي خطوات مخادعة واستراحة محاربين ضمن مسار طويل تستمر الحروب الأهلية فيه لأجل غير معلوم، وتشهد خلاله الدول المعنية تشطيرا وتقسيما، وان هناك دولا اخرى مرشحة لدخول نفس المتاهات طبقا لنظرية الدمنو الشهيرة، وان أسعار النفط ستبقى متدنية، كما ان الأزمات الاقتصادية ستحدّ من قدرة الدول الخليجية على دعم الدول المتضررة وستتحول الأزمات الاقتصادية عند البعض الى قلاقل وعدم استقرار سياسي وأمني، وستشكل العمالة العربية العائدة بالملايين الى بلدانها بؤرة اضطراب لتفشي البطالة المتوقعة بينها خاصة مع اغلاق حدود الدول الأوروبية امامها بحجة الإرهاب، مما يجعل تلك العودة قريبة في ضررها من عودة المحاربين من افغانستان والشيشان التي لم ينتبه احد الى ضررها إلا بعد حين، مع ملاحظة الفارق الكبير في العدد بين العائدين بالأمس والعائدين اليوم وفي الغد.

***

آخر محطة: 1- مع تراكم البترودولار بعد حرب 1973ساهم الطاغية صدام في إشعال الحرب الأهلية اللبنانية ربيع عام 1975، كما ساهم طغاة آخرون مثل الأسد والقذافي وعرفات في استمرارها لـ 16 عاما كي تتجه مليارات البترودولار للخارج بدلا من التوجه الى لبنان.

2- وقام صدام بشنّ الحرب على إيران عام 1980 لامتصاص ثروات البلدين وثروات الدول الخليجية معهما. ومرة اخرى ساهم نظاما القذافي والأسد في خلق توازن رعب ابقى تلك الحرب مشتعلة لـ 8 سنوات، وما ان انتهت حتى غزا صدام الكويت دون سبب أو مبرر وأشعل النيران في آبارها النفطية لامتصاص ثروات دول المنطقة المتحصلة من بيع ثروة النفط الناضبة، ومازال مشروع صدام الثوري التدميري قائما دون صدام وبأسماء قيادات ثورية عربية أخرى وهو ما يدعو إلى التشاؤم لا التفاؤل!

*نقلاً عن “الأنباء” الكويتية

This entry was posted in دراسات سياسية وإقتصادية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.