المسلم لا يتفكر في آيات القرآن عندما يقرأها رغم أن القرآن نفسه يحثهم على التفكر. ولو تفكروا لعرفوا أن القرآن صناعة بشرية لأنه لو كان من عند إلهٍ في السماء فإن إله السماء لا بد له أن يفي بوعده إذا وعد المؤمنين لأن الإله لا يكذب. فتعالوا نرى كيف يخلف إله القرآن وعوده الكثيرة لعباده
إله القرآن معجب بنفسه لدرجة الغرور ويفرض على عباده أن يشكروه لأنه خلقهم ليصبحوا عبيداً له ويشكرونه دائماً على ما يفعل لهم أو بهم. فهو يقول مثلاً:
(وإذ تأذّن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم إنّ عذابي لشديد) (إبراهيم 7). هذا كان وعداً من الله لبني إسرائيل عندما كانوا في مصر وكان الفرعون يسومهم سوء العذاب، يقتّل أبناءهم ويُحيي بناتهم. فطلب منهم الإله أن يشكروه. فعلام يشكرونه؟ أعلى قتل مواليدهم الذكور وتسخيرهم للعمل في مصر، أم على تيههم في الصحراء أربعين عاماً يعيشون في الخيام كلاجئين؟ الآية مبهمة ولا أحد يدري ماذا سيزيدهم. المهم أنه وعد من إله القرآن أنه سوف يزيد من يشكره. أما بالنسبة للمسلمين فهناك الملايين من الفقراء في بنغلاديش والسودان والصومال وغرب أفريقيا وغيرها، يشكرونه بعد كل وجبة لا تسمن ولا تغني من جوع ويقولون “الحمد والشكر لله” وهم يأكلون طعاماً بالكاد يقيم أودهم. هل زادهم خيراً وهم يشكرونه بينما غيرهم يأكل الكافيار ولا يشكره؟ وبعد هذا الفقر والمرض يهددهم ويقول لهم (ولئن كفرتم إنّ عذابي لشديد). فبدل أن يعتذر هذا الإله لأنه أخلف وعده معهم ولم يزدهم خيراً رغم شكرهم الكثير له، يهددهم بالعذاب إن كفروا، وحقّ لهم أن يكفروا.
ولكن إله القرآن، كالعادة، يناقض نفسه ويقول لهم (ما يفعل الله بعذابكم إنْ شكرتم وآمنتم وكان الله شاكراً عليما) (النساء 147). ولأن المسلمين شاكرون له دائماً ومؤمنون به، فهو لن يعذبهم حتى وإن لم يشكروه، بل بالعكس سوف يكون هو نفسه شاكراً عليماً. كيف يكون الإله شاكراً، ولمن يكون شكره؟ وهل يكون شاكراً لأنهم شكروه أم لأنه من كثرة الغرور يحب أن يُشكر ويَشكر؟
وما أسرع أن يغير إله القرآن رأيه فيقول لنا على لسان سليمان عندما أتاه الجن بعرش بلقيس (ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ومن كفر فإن ربي غنيٌ كريم) (النمل 40). فالله هنا لا يزيدنا خيراً إنْ شكرنا- رغم وعده الأول – لأننا نشكر لأنفسنا، وإن كفرنا لن يعذبنا لأنه غنيٌ كريم. هل كان فقيراً عندما قال لنا (لئن كفرتم إنّ عذابي لشديد)؟
ولا أدري لماذا كان إله القرآن يتوقع أن يشكره عباده وكان إبليس قد أخبره مسبقاً عندما خلق آدم وقبل أن يكون هناك بشر، قال له إبليس (ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم ولا تجد أكثرهم شاكرين) (الأعراف 17). وبالعكس من الإله كان إبليس صادقاً في وعده إذ قال للإله (ربي بما أغويتني لأزيّن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين) (الحجر 39). ونرى الآن أن الغالبية العظمى من سكان الأرض لا يشكرون الله لأن إبليس أغواهم كما وعد. هل لهذا قال إله القرآن (ومن شكر فإنما يشكر لنفسه)؟
وفي وقت من الأوقات، عندما علم إله القرآن أنهم لن يشكروه، تماماً كما أخبره إبليس، أصبح يستجدي الشكر. يقول للمؤمنين إنه خلق لهم الأنعام و (لهم فيها منافع ومشارب أفلا يشكرون) (يس 73). وعندما لم يشكروه على الأنعام، أنزل إحدى وثلاثين سورة بعد سورة يس، وتذكر الشكر مرة أخرى، فقال للناس إنه علّم داود صناعة الدروع من الحديد ليحصنهم بها، فهل يشكرونه على ذلك (وعلمناه صنعةَ لبوس لكم ليحصّنكم من بأسكم فهل أنتم شاكرون) (الأنبياء 80). وبالطبع لو كان لنا أن نشكر، فيجب أن نشكر داود الذي علمنا صناعة الدروع، وهو في الحقيقة لم يعلمنا ولكن إله القرآن يقول ذلك.
وإذا تركنا الشكر جانباً، نجد رب القرآن يعد عباده مرةً أخرى ويقول لهم (ادعوني استجب لكم إنّ الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين) (غافر 60). فهل حقيقةً يستجيب رب القرآن للدعاء أم أنه وعدٌ أجوف أخر؟
بدأ رب القرآن هذا الوعد في سورة يونس، وترتيب نزولها 51 حسب ترتيب الأزهر، فقال (هو الذي يسيركم في البر والبحر حتى إذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبةٍ وفرحوا بها جاءتها ريحٌ عاصفٌ وجاءهم الموج من كل مكان وظنوا أنهم أحيط بهم، دعوا الله مخلصين له الدين لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين 22 فلما أنجاهم إذا هم يبغون في الأرض بغير الحق 23 (يونس).
إله القرآن يوعز لنا هنا أنه نجّى هؤلاء الناس من الغرق لأنهم دعوه مخلصين له الدين، فاستجاب لدعائهم. ثم في السورة 57، سورة لقمان، يقول (وإذا غشيهم موجٌ كالظلِ دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر فمنهم مقتصد وما يجحد بآياتنا إلا كل ختار كفور) (32). مرة أخرى يغشى الموج راكبي الفُلك فيدعون الله ويستجيب لهم الله. وفي سورة العنكبوت، وترتيبها 85، يقول لنا (فإذا ركبوا في الفُلك دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم إلى البر إذا هم يشركون) (65).
نلاحظ هنا أن كل الحجج التي قدمها لنا عن أشخاص ركبوا مركباً في البحر وكاد المركب يغرق بسبب العواصف، فدعوا الله مخلصين له الدين فأنجاهم من الغرق. كلها قصص لم يشاهدها أحد ولا دليل عليها غير ما يقوله القرآن من آيات مبهمات لا ندري متى أو أين حدثت هذه المعجزات. ومن هم الذين كانوا في المركب. ومن الغريب أن يضرب الله الأمثال لأهل مكة الصحراوية عن المراكب والبحر والأمواج العالية، وأغلبهم لم يرَ البحر في حياته، ولم يرَ حتى نهراً. بل رأى كثبان الرمال في الربع الخالي وعصفت به سَموم الصحراء المحملة بذرّات الرمال
ولكن منذ بدء الإسلام وحتى الآن لم نسمع عن أناس دعوا الله فاستجاب لهم. وهاهم المسلمون وعددهم أكثر من مليار شخص يدعون الله ليل نهار أن يرزقهم رزقاً حلالاً أو يشفيهم من الأمراض، وهو لا يستجيب لهم، بل يزيدهم فقراً وجوعاً بسبب مليشيات أنصار الله الذين يريدون أن يطبقوا شريعته في البلاد فيقتلون النسل ويحرقون الحرث، كما يحدث في الصومال ودارفور في السودان، وسوريا، وليبيا، والله في عليائه يتفرج رغم أنه يقول لنا إنه ينزل إلى السماء الدنيا في الثلث الأخير من الليل ويقول “هل من يدعوني فأستجيب لدعائه”؟ وإذا لم تقتلهم المليشيات والمجاعات، يرسل لهم ربهم رياح المنسون كل عام في بنغلاديش وجنوب الفلبين المسلمة، فتقتل منهم المئات وتدمر منازلهم، ولا بد أنهم يصرخون ويدعون الله ويستجدونه في الثلث الأخير من الليل كل عام أن ينجيهم من دمار المنسون، وهو لا يسمع دعاءهم، ربما لأن صوت الرعد وتلاطم أمواج البحر يمنعه من سماع صراخهم ودعائهم، أو ربما لأنهم لم يكونوا في الفلك كما يقول رب القرآن في أمثاله، فهو معجب بالفلك و أمواج البحر.
وماذا عن المليار مسلم الذين يدعونه كل جمعة ومنذ أكثر من أربعين عاماً، أن ينصرهم على اليهود ويدمرهم ويرمّل نساءهم ويأتّم أطفالهم ويجمد الدماء في عروقهم. ولا بد أنهم يزيدون من هذا الدعاء في ليلة القدر التي هي خيرٌ من ألف شهر. أفلم يجد رب القرآن ولا شخصاً واحداً من هذه الجموع يستحق أن يستجيب إلى دعائه فيهلك اليهود؟ إنها الوعود الزائفة مثل وعود الملالي في إيران والإخوان المسلمين في السودان، الذين يقولون لشعوبهم: “نعدكم أننا سوف نأكل مما نزرع، ونلبس مما نصنع” وما زالوا يستوردون القمح من أمريكا والملابس من الصين وتايوان بعد ما يزيد على ربع قرن من استلامهم السلطة في السودان، وما يقارب نصف القرن في إيران. المثل العربي يقول “من شابه أباه فما ظلم”. فالوعود الكاذبة تأتي من الأب والأبناء
والمسلمون أنفسهم، أو على الأقل شيوخهم، يعرفون أن الله لا يفي بوعوده، ولذلك نسمعهم خمسة مرات في اليوم، وعلى جميع مآذن المساجد، يقولون بعد الأذان “اللهم رب هذه الدعوة التامة، والصلاة القائمة، آتِ محمداً الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته، إنك لا تخلف الميعاد”. ورب القرآن كان قد أنزل سورة كاملة اسمها الكوثر، وقال لمحمد (إنا أعطيناك الكوثر فصلي إلى ربك وانحر). والكوثر نهر من أنهار الجنة، كما يقولون. فإذا كان الله قد وعد رسوله بالجنة أمام الأشهاد كلهم، وزاد على ذلك وأعطى محمداً السلطة ليبشر عشرة من أصحابه بالجنة، هل نحتاج أن نذكر هذا الإله خمس مرات في اليوم أن يوفي بوعده لمحمد؟ وكان ابن عباس قد أتاهم بقصة جبريل عندما زار محمداً، فقال ” فرفع جبريل رأسه، فإذا السموات قد فُتِحت ابوابُها إلى العرش، وأوحى الله إلى جنة عَدْن أن تدلي غصناً من أغصانها عليه عِذْقٌ عليه غُرْفَةٌ من زَبَرْجَدَةٍ خضراء، لها سبعون ألف باب من ياقوتة حمراء، فقال جبريل: يا محمد ارفع بصرك، فرفع فرأى منازل الأنبياء وغُرفهم، فإذا منازله فوق منازل الأنبياء فضلاً له خاصة، ومُنَادٍ ينادي: أرضيت يا محمد؟ فقال النبي: رضيت”. فهل يريدون توكيداً أكثر من هذا أن محمداً سوف يدخل الجنة؟ ولماذا يكررون على ربهم مقولة “إنك لا تخلف الميعاد” إذا لم يكون الشك متمكناً منهم بعدم إيفاء إله القرآن بوعده؟
والذي يتخبط في كتابه الأزلي لا يمكن أن يتذكر وعوده ليفي بها. فإذا تمعنا في القرآن نكتشف تخبط إلهه، فهو يقول لنا في وصف المؤمنين (والذين لا يشهدون الزور وإذا مروا باللغو مروا كراما. والذين إذا ذُكّروا بآيات ربهم لم يخروا عليها صماً وعميانا) (الفرقان 72 & 73). فالمؤمنون لا يخرون على آيات الله صماً وعميانا. وسورة الفرقان ترتب نزولها 42 حسب ترتيب الأزهر. وربما نسي إله القرآن، بعد مرور عدة سنوات، أنه قد قال هذه الآية، فقال لنا في سورة السجدة، وترتيبها 75 (إنما يؤمن بآياتنا الذين إذا ذُكّروا بها خروا سجداً وسبحوا بحمد ربهم وهم لا يستكبرون) (السجدة 15). فهل الذين يُذكّرون بآيات الله يخرون سجداً أم لا يخرّون؟
-
بحث موقع مفكر حر
-
أحدث المقالات
-
- آشور بانيبال يوقد جذوة الشمسبقلم آدم دانيال هومه
- المرأة العراقية لا يختزل دورها بثلة من الفاشينيستاتبقلم مفكر حر
- أفكار شاردة من هنا هناك/60بقلم مفكر حر
- اصل الحياةبقلم صباح ابراهيم
- سوء الظّن و كارثة الحكم على المظاهر…بقلم مفكر حر
- مشاعل الطهارة والخلاصبقلم آدم دانيال هومه
- كلمة #السفير_البابوي خلال اللقاء الذي جمع #رؤوساء_الطوائف_المسيحية مع #المبعوث_الأممي.بقلم مفكر حر
- #تركيا تُسقِط #الأسد؛ وتقطع أذرع #الملالي في #سوريا و #لبنان…!!! وماذا بعدك يا سوريا؟بقلم مفكر حر
- نشاط #الموساد_الإسرائيلي في #إيرانبقلم صباح ابراهيم
- #الثورة_السورية وضرورات المرحلةبقلم مفكر حر
- هل تعديل قانون الأحوال الشخصية يعالج المشاكل الاجتماعية أم يعقدها.. وأين القيم الأخلاق من هذه التعديلات ………..؟بقلم مفكر حر
- تلغراف: تأثير #الدومينو علی #ملالي_إيران وتحولات السياسة الغربيةبقلم حسن محمودي
- الميلاد آتٍبقلم مفكر حر
- قوانين البشر تلغي الشريعة الإسلاميةبقلم صباح ابراهيم
- ستبقى سراًبقلم عصمت شاهين دو سكي
- #إيران #الولي_الفقيه: تأجيل قانون العفة والحجاب… ما القصة؟!بقلم مفكر حر
- إشكالية قبول الأخربقلم مفكر حر
- موسم إسقاط الدكتاتوريات في #الشرق_الأوسط!بقلم مفكر حر
- ردود فعل مسؤولي #النظام_الإيراني على #سقوط_الأسد: مخاوف من ملاقاة نفس المصيربقلم حسن محمودي
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **بقلم سرسبيندار السندي
- آشور بانيبال يوقد جذوة الشمس
أحدث التعليقات
- منصور سناطي on من نحن
- مفكر حر on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- معتز العتيبي on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- James Derani on ** صدقوا أو لا تصدقو … من يرعبهم فوز ترامب وراء محاولة إغتياله وإليكم ألأدلة **
- جابر on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- صباح ابراهيم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- س . السندي on ** هل تخلت الدولةٍ العميقة عن باْيدن … ولماذا ألأن وما الدليل **
- الفيروذي اسبيق on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- س . السندي on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- عبد الحفيظ كنعان on يا عيد عذراً فأهل الحيِّ قد راحوا.. عبد الحفيظ كنعان
- محمد القرشي الهاشمي on ** لماذا الصعاليك الجدد يثيرون الشفقة … قبل الاشمزاز والسخرية وبالدليل **
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- س . السندي on رواية #هكذا_صرخ_المجنون #إيهاب_عدلان كتبت بأقبية #المخابرات_الروسية
- صباح ابراهيم on ** جدلية وجود ألله … في ضوء علم الرياضيات **
- س . السندي on الفيلم الألماني ” حمى الأسرة”
- Sene on اختلاف القرآن مع التوراة والإنجيل
- شراحبيل الكرتوس on اسطورة الإسراء والمعراج
- Ali on قرارات سياسية تاريخية خاطئة اتخذها #المسلمون اثرت على ما يجري اليوم في #سوريا و #العالم_العربي
- ابو ازهر الشامي on الرد على مقال شامل عبد العزيز هل هناك دين مسالم ؟
- س . السندي on ** هل سينجو ملالي إيران بفروة رؤوس … بعد مجزرة طوفان الاقصى وغزة والمنطقة**
- مسلم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- الحكيم العليم الفهيم on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- المهدي القادم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- Joseph Sopholaus (Bou Charaa) on تقاسيم على أوتار الريح
- س . السندي on النظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/3
- س . السندي on اوبنهايمر
- محمد on مطالعة الرجل لمؤخرة النساء الجميلات
- ألعارف الحكيم : عزيز الخزرجي on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :