الوطن السعودية: حليمة مظفر
لا أصدق أنني أكتب مقالا عن هذا الموضوع ونحن نعيش في عام 2013، فرغم كلّ التجارب المعاشة دوليا في قيادة المرأة للسيارة منذ اختراعها حتى باتت المرأة تقود الطائرة والباخرة، وأمام تجارب مليارات النساء في قيادتهن للسيارة وتطور العلوم والدراسات الطبية؛ يخرج علينا أحد المشائخ ويستعرض رأيه في منع قيادة المرأة السعودية للسيارة، لكن ليس اجتماعيا هذه المرة كما المعتاد عند مشائخ المنع، ولا دينياًّ لأن الناس عرفت أنه لا توجد موانع دينية واضحة، وإنما هذه المرة يخرج علينا مبررا منعها برأي طبي، مفاده أنه سيؤثر على مبايضها “وليس هذا فقط يا جماعة الخير”! بل ويؤدي إلى دفع “أحواض” النساء إلى أعلى! “هذه بصراحة ما فهمتها” كيف تدفع عملية الجلوس على كنبة السيارة بأحواض النساء إلى أعلى! إن كان ذلك؛ فلماذا لم تدفع عملية جلوسها كراكبة على كنبة السيارة الأمامية أو الخلفية بحوضها للأعلى! هل حصل ذلك؟! ثم إن كان؛ فهل يعني هذا منع النساء من الجلوس! تخيلوا ذلك، على النساء ألا يجلسن أبدا حفاظا على مبايضهن وأحواضهن كي ينجبن للسعوديين كل يوم “كتاكيت”!
عموما؛ ما يقوله الشيخ الموقر يمكن تصنيفه أنه “من تكلم في غير فنه أتى بالعجائب”، لكن المشكلة الحقيقية ليس رأيه المقروء بإحدى الصحف، بل إصراره عليه بطريقة أظهرت جهله المعرفي الطبي فيما استعرضه من رأي أساء لمكانته العلمية، فشيوخ العلم يحترزون مئة مرة قبل أن يلقوا بألسنتهم ما قد يستنفع به الناس حتى لا يضرهم فيتحملون إثمه وذنبه، وفي لقاء برنامج “يا هلا” مع الزميل العزيز علي العلياني، رغم أن الاستشاري المختص في النساء والولادة الدكتور محمد البقنة، أكد له في الحلقة خطأ استنتاجه علميا وطبيا وعدم وجود دراسات علمية وطبية في ذلك؛ لكنه كان يصرّ دون أن يستدل بدراسة طبية أو علمية واحدة، وكل ما في الأمر أنه استنتج ذلك باجتهاد فردي! وفي نهاية الحلقة قلتُ: “إنما آفة الجهل هو الإصرار عليه، وآفة المجتمع أن يدفع ضريبته نتيجة جهل مقدس”.
بصراحة، أدرك جيدا أن مسألة قيادة المرأة السعودية للسيارة مسألة وقت، فمتطلبات الزمن الاقتصادية والاجتماعية تفرض ضغوطها اليوم؛ حتى أولياء الأمور الذين كانوا بالأمس أشد ممانعة لقيادة بناتهم وزوجاتهم باتوا اليوم أكثر حرصا على تفعيل هذا القرار لما فيه من مصالح أسرية واقتصادية في زمن بات لا يستطيع فيه ربّ الأسرة إيصال الجميع بوقت دوام واحد، أو تكبد تكاليف باهظة لاستقدام السائق ومعاشه في ظلّ غلاء المعيشة غير المسيطر عليها، بل عدم الاستطاعة على توفير سكن له ولأسرته مقابل ما يدفعونه من إيجارات باهظة، فكيف الحال إذا بتوفير سكن خاص للسائق.
أخيرا؛ الزمن الأول تحول، والناس باتت تُدرك مصالحها ولا تتسامح مع من يستغبي عقولها، فاتركوا “مبايض” السعوديات و”أحواضهن” هنّ أدرى بشؤونهن منكم!