فكر عالم كيف يلغى أخلاقية النفاق عند البشر, تلك النمط السلوكى اللذى تحول الى جينة و أصبحت منتشرة فى الدم مثل السرطان. كان العالِم يعمل بسرية فى مختبره لكى يجد اكسير يخلص البشر من ” النفاق”.
كانت هنالك عصابة تراقب هذا العالم و تعتقد بأنه يصنع مادة تحول المعادن الرخيصة الى معادن نفيسة و ذهب, و شعر اللصوص بأن الاختراع تم إنجازه فقاموا بالإغارة على المصنع ليلاً و سرقة المنتوج و هربوا و لسوء الحظ كانت الشرطة فى مهمة قريبة من المصنع و لاحظوا العملية فتم مطاردتهم و متابعتهم مما اضطر العصابة لإلقاء المنتوج فى النهر.
انتشر المنتوج فى المياه و فى اليوم الثانى وصل لمياة الشرب و شربت الناس الماء .. و فى الصباح التالى أثر الإكسير على الجمهور فتخيلوا ماذا حدث؟
فى الصباح الباكر المدينة هادئة فسائقى التاكسى و السيارات لا يضربون الزمور, شرطة المرور لا يتلقون الرشاوى, عمال النظافة على همة و بنشاط و الشوارع بدأت نظيفة, البلدية حدثت لها معجزة فموظفين البلدية بدئوا فى مهاجمة أصحاب المبانى ذات البناء المغشوش و تم التبليغ عنهم للسلطة, مراكز الشرطة توقفت عن إهانة الناس و بدأت عملية التحقيق و كأننا فى اليابان!!
حملة رئاسية لإطلاق سجناء الرأى و الكلمة بدأت تنطلق و قرارات حكومية سريعة و تم اطلاق سراح الأبرياء, السرقات إختفت خلال 24 ساعة, المجرمين بدئوا إعلان التوبة و البحث عن العمل, المدرسين جديين فى التدريس و لا يقبلون دروس خصوصية إضافية, أصحاب المحلات وضعوا أسعار معقولة و تصوروا اللحامين لأول مرة لا يغشون ! بدأت حملة شعبية لمساعدة الفقراء و الجيران.
رئيس الدولة و البرلمان و الوزراء قدموا استقالتهم و طلبوا من الله التوبة و السبب لا أحد يصدق أى كلمة .. الملك انتحر و حرق القصر قبل ذلك!!
الخيانة توقفت و الأخوة عادوا لرشدهم, الملالى حلقوا اللحية فلا خُبزِه لهم بعد ذلك و استغفروا الله, تم إغلاق الإذاعة و التليفزيون و الراديو لمدة شهر و إعادة تأهيل الموظفين.
تم حل جهاز المخابرات لعدم وجود كذبة أخرى كانوا يروجون لها اسمها أعداء النظام.
الفلاحين لم يتغيروا كثيراً لبساطة حياتهم, الأسماك فى الأسواق الطازجة توفرت و ليست المثلجة سابقا كما كان يدعى أصحاب المحلات, الكلاب توقفت عن النباح لاختفاء الحرامية, ازدادت نسبة الزيجات لاختفاء البغاء, تم إلقاء القبض على تجار المخدرات لعدم تلقى رجال الأمن للرشاوى, إختفاء ظاهرة أولاد الشوارع لأن المجتمع و الدولة قاموا بتبنيهم, و أخيرا سلمت العصابة نفسها لصاحب المختبر و إعتذروا له و سامحهم …
و السؤال المهم: من هو الشخص أو الشخصين اللذين لم يتوبوا و لم يتغيروا ؟! أرجو الإجابة من القراء.
و شكراً لكم مقدماً,