إشكالية (ابن تيمية) بين الهوية الوطنية والطائقية، هي التي تحكم مفهوم المسلمين للهوية حتى اليوم !!!

مقهوم الحرية مفهوم حديث يستحيل البحث عنه في ماضي الديانات أو التراث الإنساني القديم …………
د عبد الرزاق عيد
الإنسان ككائن بشري ما قبل العصر الحديث هو منتوج الهي ومحكوم بمشيئته دينيا لدى كل الديانات، وهو لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا ، مادام محكوما بجدلية ثنائية : ( الخير / الله – الشر / الشيطان ) ..ولهذا ربما كان المعنزلة هم أقرب الفلسفات الكلامية القديمة ما قبل الحديثة في طرح مسألة الحرية وفق مفهومهم عن مقولة ( المنزلة بين المنزلتين ) وفق ما يذهب عبد الله العروي ..
.
وضعنا هذه المقدمة الفصيرة بهدف اضفاء النسبية على فهم ابن تيمية لمسألة الوطنية، إذ هي مفهوم حديث أيضا ، حيث مفهوم الأمة يحل محل ( الوطن) في الخطاب السياسي ما فبل الحديث ، وأي خروج على الأمة هو خروج على الوطنية بالنسبة لابن تيمية وعصره الذي كفرالطائفة الشيعية واشتقاقاتها لتعاونها مع الأجنبي ( الكافر) ضد المسلمين ( الأمة ) ، ولهذا قثد كان في (منزلة بين المنزلتين) بين مفهوم (الوطن والأمة) …

حيث ربما يتفرد بالتاريخ الاسلامي في الدمج بين ( النظرية والممارسة) أي بين مقاومة العدو الأجنبي المغولي والصليبي عقيدة وجهادا في ساحات الحرب ، مما يقربه من مفهوم المثقف العضوي الحديث الملتصق عضويا بالأمة كيانا وجوديا وفكريا ، مما يميزه عن إمام عظيم مثله كالغزالي لم تثر اهتمامه هذه الاشكالية مفهوم “الحرية الوطنية “، إذ الحروب الخارجية مع الصليبيين لا نجد لها أي أثر في مصفوفة الغزالي الفكرية ، ولا في حياته اليومية، بينما ستكون شاغلا يوميا فكرا وممارسة لدى الإمام ابن تيمية حد أن تتحول إلى (ايديولوجيا نضالية ) تؤسس لنفسها بتنافضها الجوهري مع الآخر، الذي يعرف ابن تيمية هوية الآخر بأنه من (أهل الجحيم ) وفق ترسيمته النظرية عن ( الطريق القويم في مخالفة أهل الجحيم)، مما سميناه من قبل بفلسفة ( النكاية بالآخر ) القائمة على الكراهية التي تضع الأنا والآخر بزنازين ( أنا من أهل النعيم / والآخرمن أهل الجحيم ) الذي يجب مخالفته على طول الخط للحفاظ على الإيمان ضد الكفر .. حيث نعيم الإيمان بالإسلام سيتحول لدى الحداثة القومية ( تحديث التأخر) في صيغة الناصرية والبعثية واليسار الستاليني ، حيث غدا الجحيم جاثما في معسكر الامبريالية والاستعمار، إذ يتكثف في جغرافيا جحيم الغرب الأوربي والأمريكي عداوة الحرية ، بينما التحرر والسيادة تقطن عالم الإيمان القومي والديني والشيوعي المسفيت …..

وعلى هذا يمكننا أن نعتبر ابن تيمية شيخ الاسلام المثقف ( العضوي) النادر في التاريخ الاسلامي من حيث الدمج بين ( الفكر والممارسة ) ، هو المؤسس لهذا الخلط العجيب ، بين ما يسمى إسلام معتدل تجاه الاستبداد الداخلي وإسلام تكفيري تجاه الآخر المختلف الأجنبي وامتداداته الطائفية في الداخل ، فابن تيمية المناهض العظيم للعدوان الخارجي ( المغول) ضد الأمة ، يفاجئك بمواقفه المعتدلة نحو الطغيان الداخلي وفق منظومة الفكر السياسي العربي بإسلاميه وعلمانيه حتى اليوم ، رغم أن ابن تيمية هو جد المساجين في سجن القلعة بدمشق الذي سجن به اليسار واليمين والإسلاميين والعلمانيين ، حيث شيخ الاسلام يعترض على لعن الحجاج بن يوسف الثقفي) رمز الطاغوت السياسي في التاريح الاسلامي كشخص ، ويدعو إلى (لعنة الظالمين ) ككل دون ذكر الحجاج ، بل يبلغ به انحيازه الداخلي المضمر للحجاج ، أنه يختلف مع اجماع علماء المسلمين بأن ( الحجاج هدم الكعبة ) حيث يبرئه من ذلك ، كمابرأ أتباعه من أمثال ( الشيخ معاذ الخطيب ) ابن أسد المهووس بالقتل، من جريمة قتل وخنق آلاف أطفال الغوطة بالغاز، رغم أن اتباع ابن تيمية اليوم يغلب عليهم الطابع الداعشي أكثر من الأخواني أو التحريري، حيث استطاع أعداء ابن تيمية من الأعداء الخارجيين وأتباعهم في الداخل (الأسديين وحزب اللاتيين والإيرانيين ) أن يستخدموا صناعة ابن تيمية الفكرية للداعشية كسلاح ضد البعد الوطني في منظومته الفكرية والسياسية ، في أسوأ عملية احتيال وخديعة ومخادعة في استخدام العدو (الداعشي) كصديق عبر التاريخ الاسلامي والعربي في خدمة الطغيان الجرائمي الأسدي والانحطاط الأخلاقي الدولي …

About عبد الرزاق عيد

كاتب ومفكر وباحث سوري، وعضو مؤسس في لجان إحياء المجتمع المدني وإعلان دمشق. رئيس المجلس الوطني لاعلان دمشق في المهجر.
This entry was posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.