يوجين روبنسون: الشرق الاوسط
لو نظرنا للماضي لوجدنا أن إرث الرئيس الأميركي السابق جورج بوش لا يبدو بالسوء الذي كان يبدو عليه عندما ترك منصبه، بل أسوأ.
وأضم صوتي إلى بقية الأميركيين في تهنئة بوش على افتتاح مكتبته الرئاسية في دالاس.
ولكن أي شخص لديه عاطفة يجب أن يتذكر السجل الفعلي للرجل الذي يطلق على نفسه اسم «صاحب القرار»، ولنبدأ بوصمة العار التي لا تمحى والذي تسبب واحد من أسوأ قراراته في وجودها في بلادنا، والتي تتمثل في التعذيب.
وتحت مسمى «تقنيات الاستجواب المحسنة»، جعل بوش من التعذيب سياسة رسمية للولايات المتحدة، وقد اتفق جميع المراقبين الموضوعيين على هذا الاستنتاج الصارخ، وجاء أحدث تقييم خلال الشهر الحالي في تقرير من 576 صفحة أعدته فرقة عمل تابعة لمشروع الدستور للحزبين الجمهوري والديمقراطي، والذي أكد أنه «لا جدال في أن الولايات المتحدة تشارك في ممارسة التعذيب».
في الواقع، كنا نعرف بوقائع التعذيب قبل رحيل بوش عن البيت الأبيض – على الأقل، كنا نعرف عن الإيهام بالغرق لثلاثة معتقلين «ذوي قيمة عالية» ممن شاركوا في التخطيط لهجمات الحادي عشر من سبتمبر (أيلول). ولكن فرقة العمل التابعة لمشروع الدستور – التي شملت شخصيات مثل آسا هاتشينسون، الذي شغل مناصب رفيعة في إدارة بوش، وويليام سيشنز، الذي كان يشغل منصب مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي في عهد ثلاثة رؤساء – خلصت إلى أنه قد تم استخدام أشكال أخرى من أشكال التعذيب «في كثير من الحالات» بطريقة كانت «تتعارض بشكل مباشر مع قيم الدستور وقيم أمتنا».
ويرى المدافعون عن إدارة بوش أن الإيهام بالغرق لا يشكل بالضرورة شكلا من أشكال التعذيب وأن أساليب الاستجواب القسرية الأخرى – المؤلمة بشكل لا يطاق – مثل وضع المعتقلين في «أوضاع مجهدة» أو تعريضهم لدرجات حرارة عالية، لا تعد هي الأخرى شكلا من أشكال التعذيب، ولكن فرقة العمل تختلف مع ذلك بشدة، مستشهدة في ذلك بالقوانين وأحكام القضاء الأميركي والمعاهدات الدولية والآداب العامة.
وقد أعدت لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ تقريرا – ولكنها رفضت الإعلان عنه – مكونا من 6000 صفحة حول استخدام وكالة الاستخبارات المركزية للتعذيب وشبكة المعتقلات السرية في «القائمة السوداء» التي أقامتها الوكالة في عهد بوش. وأعتقد أن أحد أسوأ القرارات التي اتخذها الرئيس أوباما عند توليه منصبه عام 2009 هو رفضه تكوين «لجنة تقصي حقائق» للكشف عن جميع الانتهاكات.
وقد يستغرق الأمر سنوات حتى يتم معرفة كل الحقائق، ولكن قرار ممارسة التعذيب يبدو مخجلا بصورة أكبر من أي وقت مضى، كما يبدو قرار بوش بغزو وقهر العراق خطأ استراتيجيا أكبر، حيث لم يتم العثور حتى الآن على أسلحة الدمار الشامل المزعومة لصدام حسين؛ في الوقت الذي ضحى فيه ما يقرب من 5000 أميركي وعدد غير معلوم من العراقيين بأنفسهم للقضاء على تهديد لم يكن موجودا من الأساس.
كنا نعرف ذلك بالطبع عندما جاء أوباما إلى البيت الأبيض، وكان هذا أحد الأسباب الرئيسية في انتخابه، كما كنا نعرف أن قرار بوش بالحرب على العراق قد حول التركيز والموارد بعيدا عن أفغانستان. ومع ذلك، لا أعتقد أن أحدا كان يدرك تماما أن إعطاء حركة طالبان راحة لفترة طويلة من شأنه أن يجعل حرب أفغانستان أطول أو ثاني أطول حروب هذه البلاد، اعتمادا على التاريخ المحدد لبداية الحرب في فيتنام.
ومن الواضح أن إدارة بوش لم تتوقع أن تؤدي تجربة العراق إلى تقييد الرؤساء الأميركيين في المستقبل فيما يتعلق باستخدام القوة العسكرية، وخير مثال على ذلك ما يحدث في سوريا، حيث لا يتورع الديكتاتور بشار الأسد، مثله في ذلك مثل صدام حسين، عن ذبح شعبه، ولكن الخلاف بين الاثنين هو أن الأسد يملك بالفعل أسلحة دمار شامل ولديه تحالفات مع حزب الله والنظام الإيراني المهووس بالسلاح النووي.
أنا لا أدافع عن تدخل الولايات المتحدة في سوريا، لأنني أخشى من أن نجعل الأمور أسوأ لا أفضل، ولكني أتساءل كيف يمكن أن يكون شعوري – وما هي خيارات أوباما – لو لم نهدر كثيرا من الدم والمال في العراق.
ولم يدفع بوش ثمن حروبه، ولكن الفواتير التي تراكمت نتيجة المغامرات العسكرية وإنقاذ البنوك وغيرها من المشتريات قد ساعدت على خلق الأزمات المالية التي تركها لأوباما، علاوة على أن إسرافه قد حرم مؤسسة الحزب الجمهوري من أن يحظى ولو بقدر ضئيل من مصداقية الحكومة، مما ساعد على ميلاد حركة حزب الشاي. شكرا جزيلا لك بوش!
وكما كتبت من قبل، فقد قام بوش بعمل رائع عندما ساعد مرضى الإيدز في أفريقيا على تلقي العلاج بالعقاقير المضادة للفيروسات، وهو ما أنقذ حياة الملايين من الناس، وينبغي أن يؤخذ هذا في الحسبان عندما نقيم فترة رئاسته، ولكن الشيء المؤكد هو أن الإرث الذي تركه على الجانب الأخر يزداد سواء بمرور الوقت.
* «واشنطن بوست»