كان انهيار الاتحاد السوفياتي حدثا من أحداث البشرية الكبرى، كالحربين العالميتين، أو زوال الاستعمار. لكن العالم سرعان ما نسي ما حدث وكأنه كان متوقعا، فلم تصدر المؤلفات والأبحاث والدراسات عن الأسباب التي أدت إلى ذلك الزلزال البشري. الخوف من انقسام أوكرانيا اليوم يعيد إلى الذاكرة اتحاد الجمهوريات التي لم تستطع الشيوعية أن توحدها بعد 70 سنة. فما أن تراخت القبضة الحديدية حتى عاد كل عرق بشري إلى جذوره في عالم لا نهاية له من التنوع، من الأرمن إلى الأذريين، إلى البشكيريين، إلى التتار، إلى بلاد البلطيق، إلى القوقازيين، إلى الأوروبيين، إلى «الآسيويين».
عندما يتأمل المرء ذلك الأوقيانوس البشري لا يعجب كيف انفرط، بل كيف جمع، وكيف خطر للسوفيات أنه من الممكن أن يستمر وأن يبقى في ظل حكم مركزي يدار من موسكو من خلال نظام سمته الأولى ليست الوفر والازدهار والشراكة في التقدم والنفع، وإنما في نشر العيون وأسلاك الحديد والآذان خارقة الجدران.
في قيرغيزيا وفي بودابست وفي موسكو وفي يريفان، كان المكان الوحيد الذي يجرؤ فيه الناس على تبادل الآراء، هو الحدائق العامة. وهذا يدل على أن الأمن كان أكثر خوفا على نفسه مما كان خوف الناس منه. كانت مساحة الإمبراطورية السوفياتية 22 مليون كيلومتر مربع، وحدودها تمتد على 22 ألف كيلومتر. وعلى طول هذه الحدود، نشرت أسلاك شائكة ضخمة (أضخمها على الحدود مع الصين وإيران وبولندا). وبسبب المناخات القاسية كانت هذه الأسلاك تهترئ وتستبدل باستمرار. وكانت هناك ألوف الكيلومترات منها حول معسكرات الاعتقال والثكنات وغيرها. وإذا حسبنا ما يستهلك من معادن في صنع الدبابات والمصفحات والأسلحة، لا يعود مفاجئا أنك لا تستطيع العثور على مطرقة أو مسمار في بعض مدن الاتحاد.
ما سماه تشرشل، رمزيا، «الستار الحديدي» كان ستارا حديديا في الحقيقة أيضا. اكتفى السوفيات بخبراء الأمن. نسوا خبراء الاقتصاد والاجتماع والعلاج والصناعة والغذاء. وفي آخر المطاف، القمع نفق له نهاية. لكن الأمثولة لم تحفظ إلى الآن. في برنامج «بانوراما» مساء الاثنين، قال مستعرب روسي إن الخطأ في كييف كان عدم استخدام القوة، وإنه كان على الشرطة إطلاق النار على المتظاهرين. وقال هذا إن المعترضين فاشيون، وهو مصطلح يستخدمه الروس منذ حربهم مع هتلر في الأربعينات الماضية. عندما يصغي المرء إلى مثل هذه الأصوات الطالعة من موسكو القديمة، يدرك لماذا لا تزال الإمبراطورية السابقة تنهار وتتفسخ. إن نظرية الأسلاك الشائكة لا تزال حية في الصدور وفي الأفكار البالية التي ترفض الخروج من ثقافة «الغولاغ» وإحداق النظرة الإمبراطورية إلى الرعايا في سائر الأصقاع.
نقلا عن الشرق الاوسط
ماقل ودل … لكل ذي عقل ؟
١: حقيقة علمية تقول في الوقت الذي تركز فيه على امر ما ستفقد التركيز على أمور اخرى شاء المرء ام ابى ، وهذا ماحدث ، ففي الوقت الذي كانت روسيا تركزا انضارها على ما سيجري في سوريا وإيران كان الغرب يضخ المياه تحت أسس العلاقة مع أوكرانيا ؟
٢: بكل بساطة ان مايدور في أوكرانيا ليس مفاجأة للمراقبين فالمرجل فيها كان يغلي من زمان ، ولكن مالم يكن يدركه سيد الكرملين هو انفجار المرجل بمن حوله ؟
٣: اليوم غرب روسيا ( اكرانيا ) وغدا جنوبها ( دول القوقاز ) سلام ؟