قيل ” حدث العاقل بما لا يعقل، فإن صدق فلا عقل له”.
سبق أن كتبنا عن موضوع إختطاف الصحفية العراقية أفراح شوقي (حزر فزر من اختطف أفراح شوقي)؟ ووجهنا أصبع الإتهام الى الحكومة العراقية وأجهزتها الأمنية، سيما أحد فصائل ميليشيات الحشد الشعبي، وذلك على ضوء القرائن التي لا تقبل الشك والجدل والدحض، ويمكن الرجوع الى المقال المنشور على عدة مواقع. كانت المشكلة الرئيسة للأجهزة الأمنية وتأخرها في إطلاق سراح الصحفية ليس الرغبة في الإطالة وإنما كيفية الخروج من المأزق، سيما ان سرقة أموالها وسيارتها ومجوهراتها للتغطية على عملية الإختطاف كانت سخيفة للغاية، ولا يمكن أن يقنع بها طفل. ومع هذا فأن عملية إطلاق سراحها كانت ساذجة بشكل يؤكد مدى تفاهة وسذاجة الأجهزة الأمنية وملحقاتها. أما ما أعلنه المكتب الإعلامي للعبادي وما يسمى بمرصد الحريات الصحفية والمصدر الأمني فأنها ليست سوى ذر الرماد في العيون ومحاولة تبرير تصرف الجهة الرسمية التي أختطفت الصحفية.
فقد ورد في المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء بأن ” العبادي أتصل هاتفيا بالصحفية افراح شوقي للاطمئنان عليها”، ولم يزد عن ذلك في تصرف مثير للشكوك! مما يدل على الحرج الذي أوقعه فيه الخاطفون.
أما المصدر الأمني فقد صرح ” إن شوقي التي تعمل مراسلة لصحيفة الشرق الأوسط السعودية، أفرجت عنها الجماعة المسلحة التي اختطفتها من منزلها الواقع في منطقة السيدية جنوبي بغداد قبل تسعة أيام”. ولم يزد أيضا، مع أن الصحفية سبق أن تركت العمل في جريدة الشرق الأوسط، وهذا ما لا يعرفه المصدر الأمني، يا للفضيحة!
أما مرصد الحريات الصحفية فقد رحب بإطلاق سراح المختطفة من قبل” مسلحين مجهولين”، وفي مسرحية مبكية ذكر المرصد ” أن شوقي لم تشر الى الجهة التي قامت بخطفها، أو إحتجازها، وما إذا كانت جهة رسمية، أم مجموعة مسلحة، وبدا من قولها، إنها برأت ثم أطلق سراحها أن جهة رسمية ما تقف وراء ذلك”! السؤال نفسه يحمل الإجابة إن كانت جهة رسمية ـ أم غير سمية؟ كما ورد في العبارة” إنها برأت ثم أطلق سراحها”. فهل برأت نفسها من عصابة سرقة وإختطاف؟ ثم تبرأ نفسها من أي تهمة؟ اليست براءة المتهم تكون أمام القضاء أو الجهة الأمنية؟ ام تكون لدى العصابات الإجرامية يا مرصد الحريات الصحفية؟ ثم ما هو دوركم يا مرصد في الكشف عن الحقيقة دون تبني وجهة نظر الحكومة والمختطفين.
قالت الصحفية أفراح بعد إطلاق سراحها في تصريح متلفز” لقد خرجت بريئة بعد استجواب بسيط ، انا بخير الحمد لله وشكرا لكل انسان تذكرني وتذكر عائلتي واولادي .انا بخير وقد عاملوني معاملة حسنة وكان هناك اجراء بسيط استجوبوني وخرجت بريئة والحمد لله”. وزادت، ربي يحفظ العراق والعراقيين وان شاء الله مايبقى احد مظلوم وهذه الوقفة يستحقها المسجونون”. بالطبع عصابات الخطف والسلب لا تستوجب المختطف ولا تبرأ أيضا. وهنا تثار التساؤلات الآتية.
1. لماذا رفض الخاطفون ـ حسب التسمية الحكومية ـ عرض هوياتهم الأمنية على شقيق زوجها وإعتدوا عليه بالضرب بأخمص البنادق؟ أليس من حقه ان يطلب هويات التعريف، ام أن هذا لا يجوز في دولة القانون؟
2. هل يحتاج الاستجواب الى سحب المتهمة من شعرها واهانتها أمام اطفالها وسحلها بهذه الطريقة الدونية؟ وأين مفوضوية ما يسمى بحقوق الإنسان من هذا التصرف؟ ام هي مطية الحكومة أيضا؟
3. قد يكون هناك مبرر لمصادرة أجهزة الحاسوب للتعرف على ما فيه، وإثبات أو إزالة الشكوك، لكن لماذا سرقوا سيارتها وحليها وأموالها؟ الا يعني هذا انه ليس الأجهزة ألامنية من قامت بعملية الإختطاف، بل أحدى ميليشيات الحكومة.
4. لماذا لم تعلن الجهة الأمنية إن المتهمة بعهدتها لعدة أيام؟ سبق أن صرح وزير العدل والقضاء العراقي ومفوضية حقوق الإنسان والجهات الأمنية، بأن الجهات الأمنية تعلن عن أسماء المعتقلين فورا إلقاء القبض عليهم؟ بما يعني أنه ليس جهة أمنية بل ميليشياوية من قامت بعملية الخطف، لهذا لم تعلن عنها.
5. هل يجوز وفق الدستور والقانون التصرف بهذه الطريقة السافلة مع الصحفية؟ وأين القضاء؟ أين الحق العام؟ اليس المتهم بريء حتى تثبت إدانته في دولة القانون؟
6. من هي الجهة الأمنية التي اختطفتها، ولماذا التستر عليها؟ اليس تحميل الجهة الأمنية مغبة جريمة قامت بها إحدى الميليشيات الحكومية هي إساءة للأجهزة الأمنية، وتغطية على الميليشيا الإجرامية؟ هل يثق بعد هذا المواطن العراقي بالإجهزة الأمنية ويتعاون معها، طالما هي نتنهج مثل هذا السلوك الهمجي؟
7. أليس رفض الصحفية الإدلاء بتصريحات عن الجهة الخاطفة هو بسبب ممارسة الضغط عليها أو تهديدها أو إبتزازها لكتمان صوتها والطرق التي تنتهجها الجهات الخاطفة بهذا الشأن لم تعد سرا.
8. هل اعادت الجهة الخاطفة الاموال والمجوهرات وسيارة الصحفية؟ لماذا لم يسلط الضوء على هذا الموضوع؟ هل لأنه يكشف المستور؟ إدعت الصحفية إنه مجرد استجواب بسيط! هل الاستجواب البسيط يستدعي كل هذه الإعتداءات والسرقات؟
9. تقول السيدة أفراح إنهم “عاملوها معاملة حسنة”! هل سمعتم في يوم ما ان العصابات الإجرامية تعامل المختطفين بصورة حسنة؟ ما الذي يعنيه هذا؟ ولماذا التستر على الجهة الخاطفة؟
9. ما هو تفسير التعليق المقتضب والتحدث بالرموز من قبل رئيس الحكومة والمصدر الأمني ومرصد الحريات الصحفية والضحية نفسها؟ لو كانت الجهة الخاطفة عصابة إختطاف فرضا، فما الداعي لكل هذه الرموز والإقتضاب.
10. هل تصرف الحكومة برئيس وزرائها والجهات الأمنية وفق تصريحاتهم يدل على أنهم يحترمون الشعب العراقي عموما، والصحافة العراقية خصوصا؟
صدق الشاعر بقوله: ربّ من ترجو به دفع الأذى … سوف يأتيك الأذى من قبله
علي الكاش