أي برلمان وحكومة تتشكل في العراق وفق نتائج مزورة ….!

فواد الكنجي

التزوير والتلاعب بنتائج الانتخابات العراقية أصبحت ظاهرة من ظواهرها وصفة من صفاتها الرئيسية وممارسة من ممارسات الأحزاب السياسية العراقية، بل أكثر من ذلك راحت سلطاتهم تتفنن في أساليب إخراجها وتنفيذها بشتى أساليب التزوير وبسلوكيات تنافي القيم والأخلاق العامة وادني شروط الممارسة الديمقراطية، ليتيقن الشعب العراقي بان الانتخابات العراقية وخاصة الأخيرة منها في 2018 شابها تزوير عظيم بما افقد الانتخابات شفافيتها ونزاهتها لعدم تطابقها مع المعايير الدولية؛ وهذا ما افرز هذه القطيعة بين إفراد الشعب والسلطة؛ ليتم أكثر من ثمانين بالمائة ممن يحق له التصويت من الشعب العراقي بمقاطعتها، ليأخذ الحراك الجماهير الذي يجتاح اليوم في كل مدن العراق رفضه القاطع لنتائج الانتخابات والتي جاءت بعد إعادة العد والفرز اليدوي مطابقة على ما تم إعلانه سابقا؛ رغم ما شابت الانتخابات من تزوير وتلاعب بأصوات الناخبين و الغش العلني وتغيير أوراق التصويت؛ وإن أكثر من جهة وطنية قدمت أدلة حية بالصوت والصورة وبأدلة الفيديو عن تزوير في أكثر من مركز الاقتراع وتم تصويرها بالكاميرات الهواتف وتسريب تلك اللقطات المصورة على مواقع التواصل الاجتماعي؛ تثبت وقوع تزوير في الانتخابات؛ بل تمادى التزوير إلى ما هو ابعد؛ فهم في هذه الانتخابات قاموا بتزوير إداري عبر تضخيم القوائم الانتخابية ويدخلون (الأموات) ضمن المصوتين ويعطون قوائم لا تمت للواقع بصلة، ليترتب عنها صعوبات في التأكد من مطابقة القائمة الانتخابية للواقع، ومع كل ذلك لم يتم معاقبة أي من هؤلاء المزورون رغم معرفة هوياتهم؛ وهذا الكلام أثبتته وأعلنته الحكومة العراقية بعد إن احتجت الجماهير العراقية على حجم التزوير وشراء الذمم وانتشار إخبار التزوير على نطاق واسع؛ فاضطرت الحكومة – آنذاك – على الفور بتشكيل لجنة للتحقيق في الخروقات وعمليات التزوير التي حدثت في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، وتم تأكيد بحدوث عمليات تزوير خطيرة جدا في الانتخابات عبر لجنة متخصصة من مسؤولين في الأمن والاستخبارات والقضاء وهيئة النزاهة وديوان الرقابة المالية إضافة لفريق تابع لمستشاري الأمن الوطني المرتبطة برئيس

الحكومة ومتخصص بالأنظمة الإلكترونية، وفي نهاية التحقيق تقدمت اللجنة توصياتها إلى مجلس الوزراء ومجلس القضاء الأعلى والمحكمة الاتحادية العليا والهيئة القضائية للانتخابات، ليتم اتخاذ الإجراءات المناسبة، وفق بيان الحكومة، في وقت الذي اعتمدت مفوضية الانتخابات العراقية؛ وللمرة الأولى في عملية الاقتراع الأخيرة على أجهزة إلكترونية مهمتها التحقق من هوية الناخبين ومن ثم حفظ الأصوات عبر قراءة ورقة الاقتراع من خلال ماسح ضوئي وإرسالها إلكترونيا إلى مركز المفوضية في بغداد، ولكن هذه الأجهزة لم يتم اختبار قبل الانتخابات عن إمكانية اختراقها؛ في حين اثبت الفريق المتخصص بالأنظمة الإلكترونية تقريرا يفيد بأن الأجهزة الإلكترونية التي استخدمت في الانتخابات البرلمانية الأخيرة قابلة للاختراق.
ومع كل ما حدث من تزوير وتلاعب بالأصوات وبعد مضي مجلس الوزراء في إجراءات كشف حالات التزوير بما فيها من خروق التي حدثت في تصويت الخارج، وكذلك التصويت الخاص، وتصويت النازحين، وفي مناطق عدة من محافظات العراق، وما أعقبة من إجراءات بإيقاف عمل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات وتشكيل لجنة أخرى من قبل قضاة منتدبين، وبعد العد والفرز اليدوي؛ أعلن بعدم وجود تزوير وان أنتائج جاءت مطابقة لما أعلن سابقا، وهنا يأتي استغراب المواطن العراقي من هذه الأمر، كيف جاءت النتائج مطابقة……!
في وقت الذي أثبتت لجان التحقيق التي باشرت التحقيق وهي على مستوى عالي من المهنية والحرفية والتي شملت على أهم أجهزة الدولة المختصة بالأمن والاستخبارات والرقابة المالية والنزاهة والذين أكدوا بحدوث التزوير…..؟
هنا من حق المواطن العراقي إن يسال كيف جاءت النتائج مطابقة لما أعلن والكل يؤكد بتزويرها عبر صور و وثائق وبما لا يقبل الشك …..! ………؟
ما سر هذا الأمر ……..؟
ولعلى ما يدور خلف الكواليس أمره خطير وخطير جدا، وهو الأمر الذي لم يعد ثمة مجال للثقة بين الموطن والسلطة على الإطلاق، أو حتى إقناع العراقيين بإمكانية تنظيم انتخابات نزيهة وشفافة، كونه قد رسخ في ذهن المواطن انطباعا بعدم مصداقية ما يعلن حتى وإن كان إعلانهم عن نتائج الانتخابات نزيها حقا؛ لان إشكال التزوير في العراق تعددت وجوهها وأنواعها؛ وأصبح التزوير خير نافذة لشراء الذمم لحجز مقعدا تحت قبة البرلمان، وبات الشعب العراقي يعلم علم اليقين بأن عبر المال باتت أصوات الناخبين تشترى؛ بل صارت توجه الأصوات نحو هذه القائمة عن تلك دون وجه الحق….!
وعبر هذه الأخطاء تراكمت في ذاكرة الشعب العراقي يقينا بان الانتخابات تحت ظل النظام البرلماني والمحاصصة السياسية والحزبية والطائفية والمذهبية لن .. ولن يشهد العراق معايير دقيقة للانتخابات حرة ونزيهة و وفق معايير القانون الدولي لحقوق الإنسان والذي يضمن الشعب مشاركته في الحكم وعدم التمييز وضمان حرية التصويت وتأمين التعبير الحر عن إرادة الناخبين وتشدد المراقبين للصرامة في إجراء الاقتراع بطريقة تتفادى التزوير والخروج على المبادئ القانونية؛ وذلك لأسباب نذكر منها :
عدم تمتع الهيكل الإداري في العراق بخبرة في تنظيم انتخابات حرة ونزيهة.
وعدم امتلاك الأحزاب السياسية الخبرة الديمقراطية وإقصاء الأخر بطرق غير أخلاقية.
وعدم احترم القوانين والإجراءات وفق المعايير الدولية في المشاركة في الانتخابات والتعبير عن الإرادة السياسية وحق الشعب في تقرير مصيره.
وعدم تمتع الهيئة القضائية بالاستقلال الكافي وحسن الأداء.
وعبر هذا اليقين؛ فان العراقيين أصبحوا على وعي بان (الديمقراطية) عبر هذا التناحر وهذا التناقض الإداري والسياسي وسلطوي تم دفها بعد أن مات الضمير السياسي في العراق لنخب المسيطرة والمتسلطة على إدارة الدولة العراقية منذ 2003، وبعد إن أصبحت قيم الإنسانية من المروءة والشهامة والنزاهة والشرف والأمانة والتضحية والصدق والوفاء والرحمة غير موجودة في هيكلية السلطات الثلاث؛ وان يقينهم بان صوت المواطن في أي انتخاب يقيمونها لن يقدم بصوته ولن يؤخر من شيء، لان بطاقتهم في التزوير ستكون حاضره في أي انتخاب يجرى في ظل سطوتهم وسلطتهم وفسادهم في العراق؛ لان الشعب عبر خمسة عشر سنة الماضية أصبحت له قناعات بكل شاردة و واردة؛ بان المزورون لن يتنازلوا بدخول غمار هذه اللعبة و بهذه السهولة بعد إن أصبح لديهم من قوة ونفوذ ومكانة متميزة على إدارة الدولة والمكاسب، فمن المستحيل لهؤلاء التنازل وتسليم مفاتيح السلطة ويخرجون من باب ضيق – كما يقال المثل- لان (الديمقراطية) فهم عند مخترعيها فحسب، إما ساسة العراق الحالي فلن يكونوا سوى مقلدوها وبحسب رغباتهم وقياساتهم. ولما كان التزوير هو منفذ لمن لا يستطيع إن يثبت ذاته في المجتمع، وساسة العراق لم يستطيعوا إن يثبتوا ذواتهم طوال خمسة عشر سنة الماضية حيث الدولة تسير من السيئ إلى الأسوأ باقتصادها وبمواردها الزراعية والمائية والصناعية والتجارية ناهيك عن الثقافة والتربية والصحة والشؤون الاجتماعية والخدمية، ولأنهم يدركون بفشلهم وعجزهم؛ وطالما هناك طريق لمرشح السلطة الوصول إلى مناصب الدولة عبر التزوير، فليس لهم من مسلك باتجاهه سوى التزوير ولا مفر منه كطريق نحو السلطة.
فساسة العراق هم رجال مافيا وعصابات ارتدوا عباءة السياسية والدين والعلمانية والديمقراطية وكل ما من شأنه إيصالهم إلى مقاليد السلطة والحكم، فإننا لن نستغرب عن أي سلوك سيسلكونه للوصول إلى هذا الهدف، فإحراق مستودع لحفظ صناديق الانتخابات في بغداد منطقة (الرصافه)؛ جاء اثر تشكيك واسع النطاق من جهات سياسية في مصداقية نتائج الانتخابات؛ واثر صدور تقرير وتأكيدات حكومية عن حصول عمليات تزوير، واثر المطالبة بإعادة فرز الأصوات، ليأتي حريق (الرصافه) ليلقي مزيد من شكوك عن الجهة التي تقف وراء الحادث وما أرادوا إخفاءه بحرق صناديق الاقتراع، في وقت الذي جاء توقيت هذا الفعل بعد يوم واحد من تصريح (حيدر العبادي) رئيس الوزراء العراقي بتشكيل لجنة مكلفة من مجلس الوزراء للكشف عن حالات تزوير والمزورين.
إذا فالشعب العراقي أصبح على اليقين بان رغم علم كل الجهات المعنية في الدولة وعلى رئسها السلطات الدستورية بما يحدث في هيكلية إدارة الدولة من تلاعب وتزوير وسرقة ونهب أموال العامة واستشراء الفساد والمفسدين ودون أي راع لهم ودون تقديم معالجات جذرية بآفة التي تتفشى بين النخب السياسية؛ فان ذلك ليس له إلا تفسير واحد بأنهم مشاركين معهم بهذا الشكل أو ذاك، وهذا ما يعكس بكون السلطات الرئيسية في الدولة العراقية لم تعد تعبر عن إرادة الشعب العراقي لأنهم كحاصل تحصيل وصلوا إلى مناصبهم عبر آلية التزوير، كما سيكون حال من سيشكل الحكومة القادمة برئاساتها الثلاث، لان كل وقائع وتحقيقات التي أجريت من قبلهم قبل قول كلمة الشعب الذي قاطع الانتخابات بنسبة تجاوز عن ثمانين بالمائة؛ ومن شارك صودر صوته عبر لعبة تزوير واسع النطاق، وهذا كله يجعل شرعية كل مؤوسسات التي تبنى وفق آلية التزوير مشكوك فيها؛ وبالتالي فان ما سينبثق عن مثل هكذا انتخابات – وقد شابها شكوك وتزوير رهيبة – السلطة التشريعية والتي تنبثق عنها السلطة التنفيذية، فكيف ستدار تلك السلطتين بناء على نتائج انتخابات نيابية مزورة……..!
أنها الكارثة بعينها؛ كونها لن.. ولن تحمل أمانة الحكم؛ ولن تستطيع مواجهة التحديات التي توجها الدولة من الأزمات الداخلية والخارجية المتفاقمة؛ وبالتالي فان الشعب سيواصل الخروج بالمظاهرات الحاشدة وبالمسيرات المدوية والمطالب بـإسقاط الفاسدين والمزورين وتحويل نظام الحكم من البرلماني إلى الرئاسي؛ وبترهيل الهيكلية الإدارية للدولة بمناصب لا قيمة لها؛ بعد إن وجد من النظام البرلمان مجرد سباق للحصول على الامتيازات وبسط النفوذ وتعميق سلطة محاصصة وتمثيل مصالح الأقلية في المجتمع دون إن يكلفوا أنفسهم بدراسة أوضاع الشعب وتشريع قوانين تخدم المجتمع ومؤوسساته وتبني البنية التحتية والفوقية في الدولة التي دمرت جراء الاحتلال الأمريكي، وما هذا التزوير إلا جاء لتثبيت ركائزهم في مفاصل السلطة واحتكار القرارات بما يخدم مصالحهم وليس لمصالح الشعب، لأنهم داروا ظهورهم عنهم، لذلك يجب رفض النظام البرلماني، حاضرا و مستقبلا، وما شواهد انتشار البطالة والعوز والفقر في المجتمع والتي وصلت إلى مستويات خطيرة جدا، إلا من نتائجه السلبية؛ وهذه ما جعل الشعب العراقي بغالبية الساحقة يرفض المشاركة في الانتخابات كقرار صدر عنهم بمعاقبة الأحزاب كشكل من أشكال التعبير عن الذات ولتوجيه رسالة احتجاج ورفض وتهديد واضحا لهم، ولا بد من إزاحة كل هذه القوى من السلطة ومن مؤسسات الدولة و فرض إرادة الجماهير وسلطتهم؛ وعلى كل المستويات و التدخل المباشر في المصير السياسي للمجتمع و بناء قاعدة جماهيرية ترفض أي سلطة فوقية ولتكون سلطتها سلطة جماهيرية وليكون أول انجازها هو إلغاء السلطة الحالية بكل مؤسساتها التشريعية والتنفيذية والرئاسية.
ورغم إن اليوم أوضاع الدولة تمر بمرحلة خطيرة، إذ الحكومة اليوم ليس لها أي سند تشريعي وشرعي وان القوى السياسية العراقية يدب في أوصالها خلافات وتتعمق يوم بعد أخر، وميزان القوى بينهم يتأرجح بمن سيشكل الكتلة الأكبر لتشكيل البرلمان و الحكومة الجديدة – هذا إن شكلت – والتي في أقصى حدود لن يطول عمرها إلا لأشهر قليلة؛ بسبب رفض الجماهير وحراك الشارع العراقي الذي في المطلق يرفض أي برلمان وحكومة تشكل من نتائج مزوره كانوا هم سبب تدمير أوجه التمدن والحضارة وقيم المجتمع العراقي؛ بسبب أجنداتهم وموالاتهم الإقليمية وعملوا في العراق كمرتزقة وعملاء ومأجورين نهبوا وسلبوا ثروات الوطن وعوائد النفط، فهؤلاء طالما تواجدوا في سلطات الدولة فان الدولة ليس لها أفاق بحل مشاكلها ومشاكل المجتمع مهما كانت الوعود و الادعاءات هذه القوى؛ لأنهم حولوا حياة في الوطن إلى جحيم لا يطاق، ولهذا يأتي حرك الجماهير ضد هيمنة الأحزاب الحاكمة على مقدرات الدولة وإساءة التصرف وسوء إدارتها وفسادها؛ وهو ما أشعل الشارع العراقي وحول غضب الجماهير المتصاعد في كل مدن العراق إلى انتفاضة جماهيرية ثورية ضد الأحزاب وممثليها وأعضائهم في البرلمان وضد الإسلام السياسي ليرفع الجماهير شعاره العظيم والمعبر (باسم الدين باكونا الحرامية) و (لا نريد من يلتحي نريد من يستحي) و ( يا مواطن يا ضعيف يا نايم على ارصيف ) و (الشعب يريد إسقاط النظام) و (إيران بره.. بره.. بغداد تبقى حرة) و(إيران بره.. بره.. بصرة تبقى حرة) و ( شلع قلع.. كلهم حرامية).. و.. و ……
وحين نتعمق أكثر بمن باشر بإطلاق هذه الشعارات – رغم إن إيمان الشعب العراقي بصدق تعبيرها وإيمانه بها هو تعبير صادق لإرادة كل أبناء الشعب العراقي وبكل انتماءاتهم المذهبية والقومية والدينية – ولكن لتأكيد – نجد بان من يطلقها اليوم هم أهلنا في المدن الجنوبية؛ فهذه الشعارات لم يطلقها أهل السنة ولم يطلقها الكرد ولا التركمان ولا الأشوريين؛ إنما يطلقها أهل الشيعة العراق الذين هم من اقحاح العرب الذين يعتزون بانتمائهم العربي وبعروبتهم لتكن رسائل التي يطلقونها في التظاهرات التي تخرج بالملاين في المدن الجنوبية ذات الغالبية الشيعية؛ لهي خير رسالة بمن كان يشكك بموالاة أهل شيعة العراق بانتماءاتهم العربية؛ حيث كان بعض الأشقاء العرب يعتبرونهم موالين لملالي قم و طهران، ليبرهنوا اليوم أهلنا في مدن الجنوب من شيعة العراق بأصالتهم العربية وانتماءهم للقومية العربية، وما شعاراتهم التي يطلقونها في هذه التظاهرات التي تجتاح كل مدن الجنوب إلا إشارة واضحة على رفضهم وغضبهم من النظام السياسي في العراق الذي تقوده الأحزاب الشيعية الموالية للحكام في طهران منذ 2003 والى يومنا هذا؛ وهي الفترة التي شهد العراق اكبر انتكاسة في تاريخه الحديث والمعاصر، فغضب الجماهير اليوم حقيقة؛ وهي في كل ما تذهب إليه محقة ضد الأحزاب وضد الإسلام السياسي ومرجعياته؛ حيث الجماهير المنتفضة توجه انتقاداتها علنا عليهم بعد إن أيقنوا علم اليقين بان هذه القوى هي التي همشت مطالب المواطنين وهم من أفقروا وجوعوا وشردوا الشعب، فهم لا يرغبون وبالأحرى لا يستطيعوا تلبية مطالب الجماهير التي هي جلها مطالب معيشية، بكون هؤلاء ليس في جعبتهم منح أفاق للحياة الإنسانية الشريفة لشعب العراقي، لان كل أساليبهم استهلكت وحرقت وان الشعب بعد طوال خمسة عشر عام أي منذ 2003 قد عجنوهم وخبزوهم – كما يقال المثل – وجربوهم واختبروهم ولم يلتمسوا منهم إلا الآمر، نعم إن الشعب العراقي ذاق المر على أيدي الأحزاب وميليشياته والإسلام السياسي، هذه القوى البربرية التي عبث بالبلاد ودمرت كل مفاصل الحياة فيه ليصبح قناعات الشارع العراقي بان هذه القوى التي تحكم وتدار السلطة في العراق منذ 2003 لا تستطع حكم العراق إلا بقوة الاستبداد والميلشيات وقوة السلاح و البربرية وقمع الناس بأساليب قذرة، بالجوع والفاقة والبطالة والعوز وقطع مياه الصالح للشرب وتدمير وتخريب شبكات الكهرباء ليعش الشعب عيشة الكهوف في الظلام لينفردوا بسرقة ثروات الوطنية ونهب أموال العامة وإفراغ ميزانية الدولة بالفساد والعقود الوهمية .
ولهذا فان تظاهرات الشعب؛ لكونها تطلعات مدنية وعلمانية وبطابع أنساني وحضاري؛ تسعى لإرجاع قيم الصالة والشهامة لشعب العراقي وسيادته وتطلعاته الحضارية إقليميا ودوليا وعربيا ليواصل العمل البناء بأصالة شعبه العربي في إحياء تطلعاته القومية المناصرة لقضايا الأمة العربية في الحرية والاستقلال وفي مقدمتها القضية الفلسطينية ليتم عودة المهجرين الفلسطينيين إلى ارض بلادهم وعاصمتها القدس العربية؛ بعد إن تكالب قوى الشر والعملاء والشعوبيين من الأحزاب الفاشية والمتثوبة بلباس الإسلام السياسي في تمزيق العراق و وحدته وقوته وصموده ونضاله مع المناضلين العرب وفي مقدمتهم مناضلين في الثورة الفلسطينية لتحرير كامل الأراضي الفلسطينية من عدو الإسرائيلي المغتصب وليتم عبر هذه الأجندة الاستعمارية الأمريكية – الإسرائيلية الهاء دول العربية بصراعات داخلية وهي سبب كل ما تصيب دولنا العربية؛ وما حالة العراق إلا نموذجا من هذا التدخل الاستعماري لتفتيت وحدته ولانحرافة عن مسيرته القومية وقضيته المركزية في تحرير فلسطين؛ فجاء الاحتلال الأمريكي – الإسرائيلي للعراق؛ واتى بأعوانه ليكتبوا دستور الدولة ليمزق أوصال الوطن بالفتن والصراعات المذهبية والطائفية والقومية وليتم نهب أموال الدولة وتخريب اقتصاده وتمزيق جيشه العربي لكي يتم لهم تأسيس ميلشيات حزبية تكون اقوي من الجيش الوطني؛ ليتم العبث بأمنه وسيادته واقتصاده وثقافته وحضارته وليتم فرض عبودية الشعب عبر العمل المأجور لأغلبية الساحقة من أبناء الشعب العراقي؛ وليتم عبر هذه الآلية قمع إرادة الشعب عبر إفقاره وتجويعه وسحقه بمشاكل معيشية؛ حيث فرضوا البطالة المليونية على الشعب وعدم تنظيم قانون العمل لحماية حقوق العمال ليتم الاستبداد بهم بخلق مبدأ الطرد العمال حيز التنفيذ ووقت ما يشاءوا بل تجاوزوا على حقوق المتقاعدين ليتم بين حين وأخر استقطاع مبالغ كبيرة من رواتبهم وهي رواتب أصلا مقننة لا تدفع شهريا؛ ليتم إذلالهم، ناهيك عما ارتكبوه من وسائل القمع الشعب بتحويل مؤسسات التربية والتعليم و الصحية و الخدمية إلى مؤسسات ربحية تفرض رسوم على أفرادها.
ومع كل هذه المرارات فان الشعب أصبح يدرك بان ليس إمامه، وان اللعبة السياسية رغم كل ما آلت من مصائب ونكسات على الدولة لعراقية؛ سائرة باتجاه طريقها السلبي غير مبالية بما اقترفته من أخطاء مميتة بحق العراق طوال خمسة عشر السنة الماضية من حكم تواجدهم في إدارة الدولة العراقية وهم سبب كل المظالم في المجتمع العراقي، لذلك فان الحركة الاحتجاجية التي تتواصل في مدن العراق ستأخذ منحى ثوريا في قادم الأيام لا محال، وخاصة إذ استمر النخب السياسية مواصلة مشاوراتهم في تشكيل الحكومة رغم يقينهم بان نتائج الانتخابات التي أهلت كل النخب الفائزة هي آتية عبر جزء من شعب لا يتجاوز عن عشرين بالمائة من عدد المؤهلين لتصويت وهم من أتباع الأحزاب وميلشياتهم، ورغم ذلك فان حالة التزوير وصلت إلى ذروتها، ومع كل ما أثير من لغط، فان عملية السياسية التي يقودها هؤلاء الساسة تسير قدما دون اكتراث بمطالب والاحتجاجات الجماهير العراقية وبأصوات وهتاف الحركة الاحتجاجية العراقية الرافض لتواجد هؤلاء النخب؛ مطالبين برحيلهم وإزاحة كل هذه القوى من السلطة و فرض سلطة الجماهير و التدخل المباشر في المصير السياسي للمجتمع.
فهذا عدم الاكتراث من قبل هذه القوى الغاشمة التي تفرض تواجدها في سلطة الدولة تستخف بقدرة الشعب العرقي في قدرتهم عن إقلاع جذورهم من ارض الرافدين بكون يقينهم هو ما يملئه الأشرار من قوى الإقليمية عليهم وتشجيعهم بالمضي قدما بتقديم حلول ترقعيه لإسكات الشعب وبما يثني ذلك من تنفيذ وسائل قذرة بقتل وخطف وتصفية الكثير من نشطاء الحركة الاحتجاجية، وهذا ما يحدث اليوم على الساحة العراقية؛ لكن المضي وتوغل في هذه الجرائم هو ما يعطي مبررا للشعب لقيام بثورة شعبية للقضاء على ساسة العراق وأحزابهم الفاشستية واجتثاث جذورهم من العراق، فهؤلاء لا يعلمون بان الشعب العراقي واعي بما يحدث في الخفاء ولن ترعبه وسائلهم القذرة في إسكات تطلعات الجماهير نحو التغير؛ وستنتصر إرادة الشعب لا محال مهما استخدموا هؤلاء الطواغيت من وسائل البطش والقتل والتدمير، لان زخم الاحتجاجات الجماهيري تتطلع نحو التغيير المنشود في العراق ليبق حرا أبيا مستقلا يتطلع قدما نحو الحرية و الاستقلال وتعزيز دورة النضالي والقومي في قضايا الأمة العربية والعالم وقد دنا تطلعات الشعب العراقي من بزوغ الفجر.

This entry was posted in دراسات سياسية وإقتصادية, فكر حر. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.