كثرت الامعات في العراق هذه الايام وقلما نجد “امعة” صغيرة فهم اما اصحاب كروش متهدلة الى الامام واما اصحاب لحية كثة عافها التنظيف منذ سنوات واما دشداشة قصيرة بنعال ابو زنوبة.
ولعل تجارة الدشاديش القصيرة والمحابس الملونة وانبات السكسوكة هي الاكثر ربحا من كل المعارف الاكاديمية والاقتصادية بل ،كما قال احد المقربين، انها “تدر الملايين على مريديها وفي كل يوم نصلي الى رب العالمين ليحفط لنا هؤلاء من كيد الاعداء ويزيد من عدد الاصدقاء”.
وبالامس طلع علينا رجل ملتح من سوق البالة السعودي ليفتي بان التظاهر ضد ولي الامر حرام شرعا.
لا احد يدري كم عدد الدفاتر التي قبضها ليصدر هذه الفتوى الخايبة وهل قبضها نقدا وعدا ام حولت له الى حساب خاص في سويسرا.
لو قال ماقاله في السعودية لهان الامر فالناس هناك اعتادوا على مثل هذه الفتاوى ولكن ان تصدّر الى العراق فهذا لعمري اقصى درجات الخيبة التي اتاحت لمثل هؤلاء ان يتدخلوا في المشهد العراقي وكانهم قادمون من كوكب لاحياة فيه.
صاحبنا كتب على نفسه ان يكون بفتواه هذه منبوذا من كل العراقيين وسيكون كذلك الى ان يعتذر ويسحب فتواه الخايبة جدا.
لاتنفع فيه لحيته الكثة لكي يصدقوه ولا دشداشته القصيرة حتى يتبعوا فتواه ولا شكله الامرد حتى يستمعوا اليه. انه بكل المقاييس امعة بامتياز.
المضحك ان اسمه الحزبي ابو منار العلمي.. وهو ليس بمنار ولا تتشرف عائلة العلمي ،فلسطينية المنبت، بمثل هذه الامعات.
والمصيبة انه حرّم التظاهر ضد رئيس الووزراء نوري الماكي تحديدا باعتباره “ولياً للأمر”.
ويقول هذا الامعة في فتواه ان “من يتظاهر تأييداً للمالكيّ يعدّ مجاهداً في سبيل الله”.
سبحان الله اصبح المالكي بنظره ليس فقط وليا للامر وانما حجة الاسلام ومنارة الدين وهادي العباد.
صاحبنا ينتمي الى التيار السلفي الجامي وهي فرقة تنشط في السعودية وتمتاز بعدائها المطلق لكل من يناوئ السلطة وتحرم الخروج على الحاكم سواء كان عادلا او جائرا.
يقول احد المؤرخين لهذه السلفية، ان ابو منار ولد في يوم انقشعت فيه الغيوم عن السماء وباتت صافية مثل بيوت السلف في هور الجبايش(السلف اسم يطلق على شبه قرية تسكنها عوائل تربطها علاقة القربى).
واضاف هذا المؤرخ “ان القابلة التي اشرفت على ولادته اصابتها الدهشة حين رأته يبتسم لها ويقول بصوت رجولي”هل نحن الان في السلف” وحين اجابته بالايجاب ارتفع صوته باغنية “كون السلف ينشال شلته على راسي” وما ان سمعت القابلة ذلك حتى اغمى عليها ولم يدم ذلك طويلا فقد وضع ابو المنار يده الصغيرة على وجنتها لتنهض وكأن شيئا لو يكن.
مبروك للعراقيين هذا الضيف الجديد ولابد من تكريم وفادته فهو قد كلّم القابلة وهو في المهد وفي ذلك معجزة جامية ،نسبة الى اسم هذا التيار،لاتحدث الا كل مليون سنة.
بالمناسبة اطلق عليه اسم آخر “العنكود” وهو طالب عند الروزخون الجامي. تواصل مع محمد الرديني فيسبوك