محمد البدري
يقولون في مصر المحروسة “المجانين في نعيم” لان المجنون بليد الفكر والحس العقلي وبالتالي فلا احساس لديه بالمسئولية حيال واقعه فيتصرف علي عواهنه محققا اشباعاته ورغباته رغم انف الجميع دون رقابة أو محاسبة. اليس هذا هو النعيم بكل معانيه؟ إنها الجنة لو كنتم تعلمون.
قال الرئيس مرسي في حواره مع مجلة تايم الامريكية ان 90% من المصريين يؤيدونه بشأن سلوكياته السياسية وخاصة الاخيرة منها حيث اصدر فيها اعلانا دستوريا يعطيه صلاحيات استثنائية مطلقة غير خاضعة لاي ملاحقة قضائية أو دستورية باكثر مما كان يتمتع به سابقه المخلوع. وبمجرد اعلانه تحركت الاحداث وامتلا ميدان الثورة بمعارضة قوية تهتف ضد الرئيس وفي المدن الاخري احرقت مقار جماعة الاخوان المسلمين المنتمي اليها الرئيس المصري الجديد.
نسي مرسي ان العالم يعرف عنا باكثر مما نعرف نحن عن انفسنا، او في احسن الاحوال ما نكذب به علي انفسنا باعتبارنا عربا ومسلمين. مرسي اتي للحكم باقل من 25% من اعداد الاصوات الانتخابية وكان ضمن من انتخبوه من لم يجد مرشحا صالحا في انتخابات الاعادة فاضطر لترجيح السئ علي الاسوأ عملا بالحكمة التي تقر اخف الضررين، او حسب قول الاسلاميين “درأ المفاسد مقدم علي جلب المنافع”، حيث لم تكن هناك منافع في نتائج الانتخابات الرئاسية في دورتها الاولي.
نَعِمَ الرئيس مرسي باقواله لمجلة تايم لانهم تغاضوا ولم يتساءلوا عن صحة النسبة المؤيده له التي ذكرها. ولم تكد تمر ساعات الا وامتلأ ميدان الثورة باعداد هائلة من الاحزاب السياسية ومن المصريين بعفوية توحي لنا بمدي دماثة خلق صحفيي مجلة تايم في عدم استفاهمهم عن صدقية النسبة، تاركين قائلها لينعم باقواله ولو الي حين…
لم يراجع مرسي نفسه أو مستشاريه فيما فعله، فخرج في حوار تليفزيوني في مصر بديلا عن خطاب اعلنت رئاسة الجمهورية انه سيلقيه علي الشعب المصري ليدافع عن استحقاقاته الرئاسية في مصر المحروسة. فقال ما لا يجرؤ أحد علي قوله حتي وهو في لحظات النشوة أو الغياب العقلي الكامل. قال الرئيس: الإعلان الدستوري ينتهي بإقرار الدستور الجديد. وهو ما يعني انه يريد فرصة لممارسة الاستبداد بموافقة الشعب لفترة محدوده. وفي ترجمة لهذا القول في لغة الذئاب: إعطوني فرصة لادخل الحظيرة لفترة قصيرة. وفي لغة اللصوص اعطوني حق دخول البيوت في غياب لاصحابها لفترة لن تطول. وفي لغة الارهابيين البسوني حزاما ناسفا لفترة، اعدكم جميعا بانها لن تطول بي وبكم.
فإذا كان مستشاريه – معظمهم من اعضاء الجماعة الاسلامية أو الاخوان – هم من أشاروا عليه بهذا التصريح فان من حق كثيرين ان يقولوا لمبارك آسفين يا ريس، فعلي الاقل كنت مستبدا بمستشارين عقلاء. إما إذا كان هو الذي تفتقت قريحته بذلك فعلي المصريين ان يقولوا: اللهم لا نسالك رد القضاء بل نسألك اللطف فيه. محمد البدري (مفكر حر)؟