أيقونات الخديعة تلخيص كتاب الخُرافة في عصر العِلم روبرت لي پارك 6

muslmscientist

صورة لبعض علماء المسلمين المُعاصرين !

أيقونات الخديعة
 6 ـ تلخيص كتاب الخُرافة في عصر العِلم !
لعالم الفيزياء الأمريكي / روبرت لي پارك

مقدمة :

في نهاية الجزء الخامس من تلخيص هذا الكتاب العلمي الرائع ,توّقفنا عند خطّة المُحامي الأمريكي المُشتغل بالدين (فيليب جونسون) ,الذي قادَ حركة نشر فكرة (التصميم الذكي) ,المُناقضة تماماً (لنظرية التطوّر والإنتقاء الطبيعي) لداروين .قام بذلك عبر مركز العِلم والثقافة (الذي هو بالتأكيد ليس إسماً على مُسمّى) .بمساعدة بعض الساسة الفاشلين والعديد من المانحين الماليين .جرت فعاليّاتهم بتطبيق قواعد صارمة لعمل المركز ومنشوراته ,مع حذر شديد في حالة المناظرات والجدل مع الداروينيين !

روبرت لي پارك

روبرت لي پارك

إنتهى الجزء الخامس بالسطر التالي :
[ستقرأؤن لاحقاً بعون العقل ,ماذا فعلَ هذا المركز لتحقيق أغراضه المُعارضة لطريق العِلم الحقيقي النافع للناس كافة] !
لذا سأركزفي هذا الجزء (المأخوذ عنوانه من الكتاب نفسه) ,على الطرق السريّة مقارنةً (بالعلنيّة) ,في عمل الخَلوقيين ورجال الدين ومؤيديهم المُتزمتين ,ضدّ العِلم عموماً ونظرية التطوّر خصوصاً !
***
ص 50 /حقائق غير مُريحة تخرجُ للعَلن !
لتنفيذ خطّة (فيليب جونسون) ,إحتاجت حركة التصميم الذكي المُتمثلة في (مركز العِلم والثقافة) لواهبين ماليين كرماء !
لكن هؤلاء يُريدون معرفة أين يُصرَف مالهم ؟
هنا زادت مخاطر إنكشاف إسلوب (مركز العلم والثقافة) للرأي العام .
عيّن (المركز) شركة علاقات عامة لتساعد في حجمِ البريد المُتزايد .
كان المركز مليئاً بالمسيحيين المُحافظين المُلتزمين جداً ,خلافاً لما هو مُفترَض في شركة العِلاقات !
في يناير 1999 اُعطيّ لمُستخدِم في الشركة مُستنَد من 10 صفحات مُعنوَن بـ ((الإسفين)) ليستنسخه .كان المُستنَد مختوماً بـ “سرّي للغايّة” !

رعد الحافظ

رعد الحافظ

بفضوليّة عملَ المُستخدِم نسخة إضافيّة لنفسه !
خلال أيام كان (الإسفين) المُخادِع الساخِر على النت ليراهُ العالَم أجمَع !
بحلول عام 2004 أصبحَ (الإسفين) موضوع كتاب جامعي بقلم أكاديميين لامعين .
ففي حصانِ طروادة الخَلقيّة تتبّعت الفيلسوفة (باربرا فورست) والفسلجي (پول غروس) اُصول حركة التصميم الذكي عائدةً الى دعائمها الخُلقيّة .
***
السريّة لا تنتمي الى الديمقراطيّة !
في عالَمٍ خطر ,يبدو أنّهُ ليس للديمقراطيّات من خيار إلاّ أنْ تحفظَ بعض أنواع المعلومات ضدّ إنكشافها للعَلن ,كتفاصيلِ أنظمة الأسلحة مثلاً .
لكن كلّ سرّ يحمل معهُ كلفة عالية من الفساد وعدم الكفاءة ,إضافةً لتبّخر المباديء الأخلاقية !
يحّب ذوو السلطة بالتأكيد الأسرار الرسميّة كونها تمنحهم تحكمّاً كليّاً بإطلاق المعلومات .
تُصنِّف الحكومات بـ “سرّي” ,كلّ ما قد يكون مُحرِجاً لهم .
بينما تُسرّب المعلومات التي قد تُظهرهم أفضل !
شرحَ سكرتير الصحافة في البيتِ الأبيض (سكوت مكليلان) ذاتَ مرّة أنّ الرئيس لا يُسرّب أيّ أسرار ,لأنّ كلّ شيء يختار الإفصاح عنه يفقد السريّة تلقائيّاً !
آخر خطوط دفاع الديمقراطيّة ,قد يكون العيون ضمن الحكومة .
أؤلئكَ المُستعدين للمخاطرة بوظائفهم ,وحتى الذهاب الى السجن للكشفِ عن حقائق مُحرِجة مخفيّة خلفَ سِتار السريّة الرسميّة !
فتسريب 1971 لأوراق الپنتاغون على يدِ (دانيال إلسبرغ) عجّلَ بنهايةِ حرب فيتنام !
و تسريب مُراجعة الموقف النووي للپنتاغون عام 2002 ,والسجون السريّة التي تديرها ال
CIA
في أوربا الشرقيّة عام 2006 ,كشفَ السياسات التي كان العموم ليدينها لو عَلِمَ بها .

[وأذكر في هذا المجال تسريبات جوليان أسانج لوثائق ومراسلات حكومية أمريكية لموقع ويكيليكس وخمس صحف عالمية كبرى ,إبتدأ ذلك عام 2010 وأظنّهُ مازال مستمراً ,فاق عددها ربع مليون وثيقة تخص حروب العراق وأفغانستان وما شابه .كذلك تسريبات التقني المتعاقد مع وكالة المخابرات المركزية إدوارد سنودن الذي سرّب تفاصيل برنامج التجسّس بريسم لصحيفتي الغارديان والواشنطن بوست في يونيو 2013 /كاتب السطور]
الحماية الوحيدة ضدّ التسريب هي أن يتّم العمل كُليّاً في العَلَنْ ,لكن هذا خياراً صعباً لا يُتخَذْ دوماً !
تَختار مُنظمات خاصة بأجندات مُثيرة للجَدَل كـ (معهد الإستكشاف) و (مركزهِ للعلم والثقافة) أيضاً ,أن تعمل في الخفاء .لكنّها لا تنجح في ذلك أكثر من الحكومة !
كان تسريب (الإسفين) هو البداية فقط .وكان لحقائق اُخرى غير مُريحة أن تخرجَ للعلن !
***
ص 51 / أيقونات الخديعة !
جَنّدَ مركز العِلم والثقافة عشرات من “الزملاء” للدعاية لهدفهِ .بعضهم من كُليّات مسيحيّة صغيرة ,لكن العديد منهم يحملون دكتوراه من جامعات مرموقة .(جوناثان ويلز) زميل أقدم وبيولوجي خليّة مع دكتوراه من جامعة كاليفورنيا ,بيركلي .كتب عام 2000 (أيقونات التطوّر :عِلم أم خُرافة ؟) أو (لماذا مُعظم ما ندرسه عن التطوّر خطأ ؟) .
بوّقَ (روّجَ) معهد الإستكشاف لموقفهِ هذا كإلتزام بالعِلم السليم .
لكنّ كتاب (أيقونات التطوّر) كان كارثة بمعنى الكلمة .ربّما كان شعبيّاً عند مجلسِ مدارس كينساس ,إنّما كلّ عالم أزعجَ نفسهِ بقراءتهِ ..هاجمه !
يبدو أنّ (جوناثان ويلز) كان مُغتاظاً بالخصوص من ملاحظة البيولوجي الأمريكي الكبير (ثيودوسيوس دوبژانسكي) من أنّ :
(لاشيء في الأحياء معقول إلاّ في ضوء نظرية التطوّر) !
وهذا كان في الواقع عنوان مقالة كتبها دوبژانسكي لـ مُدرّس الأحياء الأمريكي عام 1973 ,قبل عامين فقط من موتهِ !
كلّ بيولوجي أعرفه يتفق تماماً مع دوبژانسكي ,الذي كان بالتأكيد أكثر أحيائي أمريكي تأثيراً في زمانه !
في (أيقونات التطوّر) يتّهم ويلز ,دوبژانسكي بـ “الدوغمائية” (أو التعصّب الفكري والديني) يبدو أنّ ويلز لم يكن واعيّاً للمفارقة الهائلة في تهمة كهذهِ فلقد كرّس دوبژانسكي طيلة حياته لمقاومة الدوغمائية !
مَن يقرأ مذكرات (جوناثان ويلز) وحديثه عن الموقّر (سون ميونغ مون) مؤّسس كنيسة التوحيد ,الذي يُسميه ويلز “الأب” سيفهم طريقتهم فيما يسمونه بـ “الخِداع المُقدّس”
[كلماتُ الأب دراساتي صلواتي ,أقنعتني بأنّ عليّ تكريس حياتي لتدمير الداروينيّة] !
***
ص 52 / البيولوجيا السوفيتيّة !
عام 1927 حينما وقعت روسيا تحت تأثير سحر البيولوجي المجنون (تروفيم ليسنكو) ,هاجرَ دوبژانسكي وزوجتهِ الى الولايات المتحدة لئلا يعيشا وفق أحكام ليسنكو .
أصبح ليسنكو مسؤولاً عن الزراعة السوفيتيّة ,وضغطَ على المسؤولين السوفيت لمنعِ تدريس نظرية التطوّر بالإنتخاب الطبيعي لـ داروين .
مُفضّلاً عليها آليّة (جان ـ باپتيست لامارك) المُبكرة لوراثة الصفات المُكتَسبة .رغم أنّ نظرية لامارك كانت إفتراضاً لامعاً ,لكنّها عانت من ضعفٍ شديد هو عدم التوافق مع الأدلة !
لا مشكلة في ذلك عند الساسة السوفيت ,فالتطوّر اللاماركي تناغمَ مع عقيدة ماركس عن الماديّة الجدليّة ,ما أعطى ليسنكو تأثيراً كبيراً على الزراعة الروسيّة !
كانت النتيجة متوقعة ,مجاعة واسعة النطاق بسبب عجز المحاصيل و تأخّر البيولوجيا السوفيتية عن التقدّم الإنفجاري في سائر العالم الصناعي الذي أطلقتهُ نظرية داروين .
لم تتعافى البيولوجيا الروسيّة بالكامل حتى يومنا من ليسنكو ,وهي لاتزال تسير في خطى العالم الصناعي محاولةً اللحاق بها !
(إنتهى تلخيص الجزء السادس من هذا الكتاب)
***
الخلاصة :
أرأيتم من مثالي (فيليب جونسون) و(جوناثان ويلز) كيف يُفكّر المشتغلين بالدين ومع مَن يتحالفون في سبيل دحض العِلم ,وليس مهماً بعد ذلك الخراب الناتج ؟
أرأيتم في حالة الزراعة السوفيتية كيف إستجاب الساسة السوفيت (وسلّموا ذقنهم كما يُقال) لـ تروفيم ليسنكو الذي أوصل الحال الى الحضيض ؟
و مازالت الشعوب تدفع ثمن ذلك الى يومنا !
بالمناسبة من يقرأ مختصر عن (ليسنكو) من ويكيبيديا سيجد التالي :
[عالم أحياء ومهندس زراعي سوفيتي من أصل أوكراني .رفض الوراثة المندلية ونظرية التطوّر لداروين وقاد حركة زائفة أسماها (الليسكونيّة) .
نالت آرائهِ دعماً من الزعيم السوفيتي (جوزيف ستالين) ,خاصةً أعقاب المجاعة وفقدان الإنتاج بسبب المزارع الجماعيّة القسريّة أوائل ثلاثينات القرن العشرين .عام 1940 أصبح ليسنكو مديراً لمعهد علم الوراثة التابع للأكاديميّة السوفيتية للعلوم ,وتوّثقت أرائه ونظرياته عن طريق النفوذ والسلطة السياسيّة .لكن بعد الفشل الذريع إزدادت المعارضة العلمية لنظرياته تدريجيّاً .وفي عام 1948 تمّ حظرها كليّاً .لكنّه إستمر في منصبه حتى عام 1965 .ورغم تراجع تأثيره على الزراعة السوفيتية منذُ الخمسينات لكنّها مازالت تُعاني حتى اليوم] !
***

تحياتي لكم
رعد الحافظ
11 فبراير 2015

About رعد الحافظ

محاسب وكاتب عراقي ليبرالي من مواليد 1957 أعيش في السويد منذُ عام 2001 و عملتُ في مجالات مختلفة لي أكثر من 400 مقال عن أوضاع بلداننا البائسة أعرض وأناقش وأنقد فيها سلبياتنا الإجتماعية والنفسية والدينية والسياسية وكلّ أنواع السلبيات والتناقضات في شخصية العربي والمسلم في محاولة مخلصة للنهوض عبر مواجهة النفس , بدل الأوهام و الخيال .. وطمر الروؤس في الرمال !
This entry was posted in دراسات علمية, فلسفية, تاريخية, ربيع سوريا. Bookmark the permalink.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *

This site uses Akismet to reduce spam. Learn how your comment data is processed.