يكثر مسؤولو “حزب الله”، وفي مقدمهم السيد حسن نصرالله، الكلام عن ان موازين القوى في سوريا، واستطرادا في لبنان، انقلبت لمصلحة المحور الايراني في المنطقة. ويسرف هؤلاء في الحديث عن “انجازات” عسكرية للنظام المدعوم بكل انواع الميليشيات المذهبية اللبنانية – العراقية – الايرانية – الباكستانية التي يتم استقدامها بالالاف، وان الغاء الاميركيين الضربة الجوية على النظام انما قلب الامور رأسا على عقب. وامام كثرة الكلام، ومعظمه ثرثرة، عن تحولات جذرية لمصلحة بقاء النظام و”انتصار” مزعوم لكل ما يمثله المحور الايراني (و”حزب الله” احدى ادواته) تشهد الساحة اللبنانية علامات خوف لدى البعض عندما يسمع بعض مسؤولي “حزب الله” يرفعون منسوب التهديد في كلامهم للاستقلاليين.
ان الناظر بعين فاحصة للواقع الميداني في سوريا، على صعوبته، وعلى مأسوية المعارضة الخارجية التي تتلهى بالخلافات الجانبية، متناسية ان هدف اسقاط نظام بشار الاسد يجب ان يكون البند الوحيد على الاجندة، تبقى موازين القوى الميدانية في غير مصلحة النظام والميليشيات المذهبية الداعمة، إلا في ما ندر من المواقع التي يتم الضغط عليها بقوة. اكثر من ذلك، تفيد المعلومات الميدانية ان قوة النظام البشرية تلاشت الى حد بعيد، وينقل كلام من داخل اروقة القرار في “حزب الله” مفاده انه لولا التورط المكثف للحزب ولنظرائه العراقيين والباكستانيين، لانهارت جبهة دمشق وسقط بشار في مطلع الصيف الفائت. ولا يخفي رجال اعمال سوريون كبار مقربون جدا من بشار يترددون الى لبنان حيث تقيم عائلاتهم نساء واطفالا، ان اركان النظام العسكريين والماليين كانوا يتهيأون لسقوط سريع في المرحلة الماضية، وانهم بالرغم من ابتعاد شبح الضربة الاميركية التي كانت مجرد تهويل، لكنها ابرزت هشاشة وضع النظام وداعميه على الارض، وكشفت ان الضربة لو حصلت لانهار النظام خلال ساعات قليلة. هؤلاء يضعون في مقدم حسابهم ان النظام يمكن ان يسقط في اي لحظة.
بناء على اوهامهم السورية، وزع اركان “حزب الله” التهديدات في كل اتجاه وفي ظنهم انهم سينتزعون من الاستقلاليين اذعانا لكل شروطهم في الداخل. والحقيقة انهم واجهوا موقفا واضحا مفاده ان لا تنازلات من خارج الدستور، ايا تكن النتائج. ومن يريد الانتقال من الدفاع الى الهجوم كما لمح محمد رعد قبل ايام فليفعل ما يطيب له.
لقد قلنا اكثر من مرة ان من يهدد اللبنانيين ويتحدث عن تغيير في النظام ليتلاءم مع “ثقافة” ما يسمى “مقاومة”، فلينفذ تهديداته كما يحلو له. لن تكون هناك حكومة ائتلافية مع “حزب الله” مناقضة ل”اعلان بعبدا”، ومناقضة لنص الدستور. لقد انتهى زمن الاذعان. ومن يرى انه بالسلاح قادر على تغيير لبنان بالقوة، فليفعل. ان سلاح الاستقلاليين هو موقفهم. وسيأتي يوم يستجدي فيه هؤلاء الدولة لكي تضع يدها على “سلاح الغدر”.
كلمة اخيرة عن التجسس الاسرائيلي: مواجهته اولوية. لكن ماذا عن تجسس “حزب الله” على اللبنانيين؟
*نقلا عن “النهار” اللبنانية