يستيقظ الرئيس الأميركي باراك أوباما من نومه مبكرا، ثم يغتسل بالماء ويستعد لحلاقة ذقنه وهو يمسح البخار من على المرآة وعلامات التجهم على قسمات وجهه وهو يقول لنفسه: يا للأسى، أبدو أكبر من سني الحقيقية، واشتعل الرأس شيبا. وهنا ترد عليه صورته في المرآة قائلة: هدئ من روعك، فشعرك الأبيض يجعلك تبدو أكثر تميزا، ولا يمكنك أن تشن حربا من دون أن يبدو عليك قليل من مظاهر القلق. ويضحك أوباما، ثم يقول لنفسه: حتى ضحكتي تبدو وكأنها ضحكة رجل عجوز. أنا رئيس الولايات المتحدة الأميركية وزعيم العالم الحر!
وترد عليه صورته قائلة: عليك بتكرار تلك الكلمات، فربما يمكنك تصديقها في نهاية المطاف، وهو الأمر الذي نجح فيه باقي الرؤساء، ولكن ما المشكلة؟ لا شيء، إنها مجرد محاولة لإبقائكم على الأرض. إذن كيف ستسير الأمور الآن، بعدما تجاوز النظام السوري «الخط الأحمر» الذي حذرت من تجاوزه؟ هل ستتحرك بمفردك؟
وهنا يضع أوباما يده على ذقنه ويتساءل: ماذا حدث بحق الجحيم؟ ما المشكلة مع ديفيد كاميرون؟ ألا يمكنني الاعتماد على أي شخص؟ أولا، لا يستطيع رئيس مجلس النواب جون بوينر الحصول على أي شيء من الأعضاء السذج في حزب الشاي! والآن، أعلن البريطانيون أنهم لن يذهبوا معي إلى سوريا. أين توني بلير عندما أكون في حاجة إليه؟ ربما يتعين عليّ أن أكون كاثوليكيا مثله، حتى يمكنني إبداء الندم والقول إنني أخطأت، ولكني في نهاية الأمر أعتقد أنني قمت بما رأيت أنه الأفضل!
وترد عليه الصورة قائلة: ولكنك حصلت على دعم الفرنسيين، ألا يكفي هذا؟ ويقول أوباما إن ذلك بالطبع سيثير الرعب في قلب الأسد، قبل أن تقول الصورة: لقد شن بلير وبوش حربا على العراق على الرغم من عدم وجود أسلحة دمار شامل، ولكننا رأينا، على الأقل، أن الأسد لديه أسلحة كيماوية قد استخدمها بالفعل ضد شعبه. ألم ترَ صور الضحايا المروعة؟ ألم تسمع عن وزير الدفاع الأميركي الأسبق كولن باول، فربما يمكنه مساعدتك في تلك المشكلة؟
ويضحك أوباما بصوت مرتفع، ويقول: لا لم أسمع عنه! لا بد أنني مريض! لديّ رغبة مفاجئة بالحديث مع دبليو بوش، بعدما تورطت في الحديث عن «الخط الأحمر»؟ ولكن لماذا يتعين علينا دائما الحديث عن الألوان؟ أشعر أنني شخص ساذج. أنا لست من نوعية الرؤساء الذين يتخذون قرار الحرب، ولكني من الرؤساء الذين يسعون لإنهاء الحروب، وحتى لو اضطررت للهجوم فأنا أعتمد على الطائرات من دون طيار وليس صواريخ كروز! أنا أسعى فقط لعلاج المرضى ومساعدة الفقراء هنا أو هناك. أشعر أنني سأتقيأ بعد رؤية كل هؤلاء الضحايا من الأطفال، يا إلهي!
وهنا يخترق صوت سيدة باب الحمام المغلق، إنه صوت ميشيل أوباما، التي تقول: ما الذي تفعله هناك؟ لقد أصبح الطعام باردا. وهنا ينظر أوباما إلى صورته في المرآة وهي تقول له: انظر سيدي الرئيس، إنك تقسو على نفسك أكثر مما ينبغي، وليس لديك خيارات جيدة. ربما لم يكن يتعين عليك التحذير من تجاوز «الخط الأحمر»، ولكن من كان يعرف أن الأسد سيتجاوزه بالفعل؟ وبالمناسبة، دعنا نستمتع بتلك السخرية، فأصدقاؤك في الحزب الجمهوري الذين كانوا يشعرون بالصدمة والرعب، هم من يطالبون الآن بتوخي الحذر! هم الآن من يطالبون بموافقة مجلس الأمن! هم من أصبحوا فجأة بحاجة إلى دليل قاطع على أن الأسد قد استخدم الأسلحة الكيماوية! ألم يكن هذا الشك موجودا عندما قمنا بغزو العراق؟
ويرد أوباما قائلا: حسنا، كل ما يمكننا تعلمه من ذلك الفشل الذريع، هو أنه مهما كانت نوايانا جيدة ونحن ذاهبون للمعركة فلا يمكننا السيطرة على ما سيحدث في اليوم التالي. إنها تلك التصريحات اللعينة التي حذرت فيها من تجاوز «الخط الأحمر»، ولكن كل ما قلته هو أن هذا التجاوز ستكون له عواقب وخيمة وأن الأسد سيحاسب على ذلك! هذا لا يعني أن أقوم بتوجيه ضربة عسكرية لسوريا أو أن أشعل حربا عالمية – تفضلها روسيا وإيران وحزب الله. أن أكون مبالغا في تلك الخدعة أفضل من أن أتسبب في إراقة مزيد من الدماء والدخول في حرب لا نهاية لها مع شعب سوف يكرهنا مهما كانت النتائج. ومن يعرف ما هي نتيجة تلك الحرب، في ظل عدم وجود دعم دولي؟
وترد الصورة على أوباما قائلة: ولكن ماذا عن الأطفال، سيدي الرئيس؟ وماذا عن تلك الصور المروعة، والمعاناة التي يعيشها الشعب السوري ومقتل 100 ألف سوري؟ وماذا عن مصداقيتك أنت؟
ويقول أوباما: أعرف كل هذا جيدا، ثم يضع المنشفة على ذقنه ويسرع إلى حجرته ويمسك بالهاتف ليتصل بالرئيس السابق جورج دبليو بوش، وهو يقول: جورج، هل يمكنك أن تعطيني من وقتك دقيقة واحدة؟
* خدمة «واشنطن بوست»
منقول عن الشرق الاوسط