التحرك نحو مصر من الممكن أن يخلق شريك وحليف قوي, لكن طول السنوات الماضية, بقيت النخبة الحاكمة بعيدة عن الحكمة, مستأنسة بالجهل الذي تسبح به, حيث كان من الممكن أن يتغير واقعنا, الى أمر كبير ومبهج, يحدث هذا لو كان لدينا قادة يفكرون, وهنا تكمن مصيبتنا, ألان التوجه لمصر يكون حلا سحريا, ويكون على أساس تكامل المصالح, وهنا نركز على الجانب السياحي الذي يمكن أن نطوره ويتحول الى مورد هام للعراق.
العراق يملك خصائص الدولة السياحية, فالآثار السومرية والبابلية والأشورية يمكن أن تفتح باب كبير, خصوصا أن كل العالم يعتبرها الحضارات الأولى للبشرية, ومن جانب أخر الآثار التي بقيت من الدولة العباسية, وأما الجانب الديني فالعراق يضم اثأر مهم لكل الديانات, حيث يرقد في ارض العراق العديد من الأنبياء والأوصياء والصالحين والحكماء, لكن على الدوام كان العراق يحكمه الجاهلون, فلم يهتموا بالجانب السياحي, مع ما نملك من مقومات سياحية مطلوبة عالمياً.
●مصر وأهمية التحالف معها
تعتبر مصر دولة رائدة في المنطقة بخصوص الجانب السياحي, وهي تمكنت أن تجعل من السياحة مورد مهم للدولة, بدل الاقتصاد الأعرج المعتمد على ثروات الأرض, كما في العراق ودول الخليج, فمصر تحتوي على الغاز, لكنها لم تجعل منه مصدرها الوحيد لتحقيق الإيرادات للبلد, بل عمدت الى تنويع مصادرها, وقد جعلت من السياحة مصدر هام للرزق, فاتجهت الى تنشيط القطاع السياحي عبر الاهتمام بالمناطق الأثرية, وتهيئتها لتكون مناطق سياحية متكاملة, بالاضافة لربط باقي الأعمال بالسياحة لتكون دورة اقتصادية متكاملة.
ألان مصر تملك منظومة سياحية متكاملة, وخبرات كبيرة في هذا المجال, واستطاعت أن تبني مدن سياحية كبيرة, لتتحول قبلة لكل سواح الأرض, بل حتى المؤتمرات السياسية أو الخاصة بالمنظمات العالمية, أصبحت تقام في هذه المدن السياحية المتكاملة, فالنجاح المصري يدفعنا أن نستفيد منها, ضمن تحالف وثيق يضمن لنا, أن نكرر خصائص نجاح التجربة المصرية في العراق.
●كربلاء والنجف والسياحة الدينية
تتوجه الملايين سنويا الى كربلاء والنجف, لأداء الزيارة الدينية للمراقد المقدسة, لكن الاستغلال السياحي مازال ضعيف جدا, ويحتاج لإعادة النظر, حيث يمكن استغلال المناسبات الدينية, فالوفود المتوجه للزيارة ممكن استثمارها بشكل أفضل, بحيث تعطي الراحة للزائرين وتوفر لهم كل ما يحتاجوه, بالمقابل نتحصل على إيرادات اكبر, واعتقد يجب أن يكون برنامج لكل وفود والبرامج تكون موضوعة من قبل المحافظتين والجهات التي تدير العتبات المقدسة, بحيث يتحقق الزائر على فائدة القصوى, نحتاج فقط لخطط وإرادة خصوصا أن المحافظتين ألان أفضل من ناحية البنية التحتية بما يتناسب مع شكلها الديني.
● المحافظات ممكن أن تنجح
هنا سنتخذ من محافظة بابل كمثال على كيفية نهوض المحافظات سياحيا, بحيث يتحول لمورد مهم, من الممكن أن تتفق محافظة بابل مع مصر, للسعي لإقامة ثورة سياحية بحيث تتحول بابل قبلة للعالم, وهذا يكون أولا عبر تأهيل المواقع السياحية, بحيث تكون مؤهلة لاستقبال الوفود العالمية, والأمر الأخر بناء فنادق راقية قرب الموقع السياحية, مع أهمية بناء مدينة سياحية متكاملة, ومدن ملاهي حديثة وسينمات ومسارح حديثة, في بابل مع فنادق وفلل, مع أنشاء بحيرات صناعية, بالاضافة الى تجهيز المدينة والمناطق السياحية بشبكة نقل ممتازة ومتطورة, بالاضافة الى أهمية تواجد مطار في محافظة بابل, بحيث يملك القدرة على استيعاب الرحلات الجوية.
هذا الأمر أولا ينعكس إيجابا على المحافظة, حيث ستنتعش اقتصاديا, وتتوفر وظائف للعاطلين, بل ستحتاج للأيدي العاملة والخبرات من كل محافظات العراق, ومعها ستتغير العقلية, ويمكن للفكرة أن تطبق عبر تعاون مع الشركات المصرية المتخصصة بالسياحة, وعندها تنطلق بابل نحو العالمية, بدل الوضع البائس الحالي, نتيجة حكم الجهال وسيطرت محدودي الأفق على مركز القرار.
ماذا نحتاج كيف ننجح سياحيا
لكي نجعل من السياحة موردا يضاهي إيرادات النفط, فأننا نحتاج لمجموعة أمور تجعل منظومة السياحة تنجح, وهي:
1: نحتاج الى مطارات متطورة في الناصرية وبابل والبصرة والعمارة والحلة, بحيث ترتبط مع الخطوط العالمية, وتكون متهيئة لاستقبال الرحلات من كل العالم, وهذا الأمر شرط رئيسي لتطور الحياة الاقتصادية والسياحية في العراق ككل, وهو ممكن جدا ويحتاج فقط لرؤية استثمارية وشراكة مع الشركات العالمية بالتزامن مع التركيز على الجانب الرقابي ومحاسبة أي فاسد كي نحفظ الحلم من الضياع.
2: نحتاج الى شبكة قطارات سياحية تربط المدن السياحية بالمواقع الأثرية بمدن الملاهي بالسينمات والمسارح والأسواق, كي يمكن استغلال الوفود السياحية أفضل استغلال, بالمقابل تقديم خدمة راقية للسائح, النقل المريح والسريع يجعل من الجغرافية الشاسعة قرية صغيرة, ويحبب الناس لتكرار الزيارة, وبالتالي يرتفع موارد السياحة.
3: نحتاج لبناء مدن سياحية مثل شرم الشيخ وفنادق وسينمات ومسارح وفتح أسواق , وهذا الأمر ممكن بتوثيق الشراكة مع الجانب المصري,والعمل على تكرار تجربة شرم الشيخ في بابل أو العمارة مثلا, وهذا الأمر أولا يستفيد منه الجانب المصري ويربطه معنا كحليف دائم وليس وقتي, وثانيا تنتعش الحركة العمرانية ويتحصل تغير في الوعي والثقافة ويتحضر البلد ويغادر البداوة الى غير رجعة, فهي خطوة كان يجب أن تكون منذ عشر سنوات, لولا التخلف الذي يتحكم بكرسي القرار.
4: نحتاج لقوانين تنظم العمل السياحي, وتحظ حقوق الشركات, وتلق بيئة صالحة للاستثمار, وتحمي المنظومة السياحية من تخلف المتخلفين وهرج الرعاع, وإفهام من لا يفهم أن السياحة ليست دعارة, بل أن البلدان الإسلامية مثل إيران والسعودية تهتم بالسياحة, وتعتبره مصدر مهم للإيرادات الوطنية, بل عن طريق السياحة يمكن أن ننشر فكرنا ويفهم الناس هويتنا, عبر الاختلاط مع الآخرين.
5: نحتاج الى تحقيق الأمن والأمان في المناطق السياحية بحيث نحفظها بخطط أمنية متكاملة عبر فرق أمنية وتجهيز عالي وشبكة من النظام ألمعلوماتي, ومن جهة أخرى جعل القانون فوق الكل, وخصوصا قانون العقوبات العراقي, الذي لو فعل نضمن أن لا يحصل أي خرق, هذا الأمر يجب أن تحققه الحكومة والمحافظات بالشراكة مع إدارات المدن السياحية.