حلب-27-8-2012
استيقظت في بيت ابنتي (بيت النزوح)، بعد أول ليلة نزوح من بيتنا في حي قاضي عسكر، حوالي الخامسة صباحاً على أصوات الانفجارات والقصف والتحليق المروحي. تؤوي إبنتي قطة، تطلق عليها اسم لوسي، مع أولادها الأربعة الصغار. على الرغم من انني لا أخاف من القطط إلا أنني لا أستسيغ تربيتها في البيت.
دخلت المطبخ فوجدت القطة لوسي خارج مقر إقامتها المخصص لها ولأولادها: تتشارك مع حفيدتي سالي على غرفتها. كانت لوسي تنظر إلي نظرة عدم رضا عن دخولي ما تعتبره بيتها. حاولت كسب ودها من خلال تقديم قطعة مرتديلا بيد أنها رفضت أكلها وعادت إلى غرفتها. بعد حوالي نصف ساعة مررت قرب غرفة حفيدتي فلاحظت أن المروحة الأرضية تعمل على الرغم من أن الجو ليس حاراً. دخلت الغرفة وما أن مددت يدي لقطع الكهرباء عن المروحة حتى انقضت علي كالنمر وخرمشت يدي اليمنى بمخالبها. حاولت بشكل عفوي الدفاع عن يدي باستخدام رجلي اليمنى ثم رجلي اليسرى فكان جزاؤهما الخرمشة أيضاً إضافة إلى العض. استطعت الانسحاب من الغرفة فلحقت بي ووقفت باعتزار على بعد حوالي متر عني موجهة رأسها وعينيها المتوقدتين نحوي. شعرت وكأنها تقول لي: إذا لم تفهم الرسالة فأنا على استعداد لجولة ثانية. أعتقد أن رسالتها كانت: حذار أن تقترب أيها الغريب من أولادي. هاجمتني القطة لظنها أنني سأحاول الاعتداء على أولادها الأربع. شعرت أن هذه القطة تملك من الشجاعة والكرامة أكثر بكثير مما يملكه الكثير من البشر. ترى هل هذا التراجع في مستوى الشجاعة والدفاع عن الكرامة عند الإنسان سببه تحضر الإنسان؟
أحصيت ما اوقعته بي من جروح وخدوش وعضات فكانوا تسعة. بقيت أسبوعين بعدها أداوي تلك الجروح باليود والبودرة، كما نصح ابن أختي الدكتور يوسف بأخذ حقنتي بنسلين مديد لمدة يومين. سببت هذه القطة رعباً لزوجتي التي أصبحت لا تقترب من غرفة حفيدتي سالي، التي تنام فيها القطة لوسي وأولادها الأربع، قبل أن تتأكد من إغلاق الباب على القطة. قامت إبنتي بفرض إقامة جبرية على القطة ضمن غرفة حفيدتي. ذهبنا مساءً للإفطار في منزل شقيقتي نجاة (الذي يقع في حلب الجديدة على بعد قرابة أربعة كيلومترات عن بيت النزوح) ولم ترافقنا ابنتي. روت لي إبنتي أنه وبمجرد مغادرتنا المنزل فتحت للوسي الباب فخرجت مع أولادها الأربعة وذهبت إلى غرفة الجلوس، حيث قدمت الكثير من حركات التقرب من ابنتي. وبمجرد عودتنا أعادت ابنتي القطة وأولاها إلى الغرفة المخصصة لها.
بقيت زوجتي طوال الأسبوع التالي متوترةً خصوصاً عندما كنا نسمع نداء القطة طلباً للحرية والذي يتمثل في خرمشة الباب الذي يغلق الغرفة عليها. كانت القطة لا تشعر بحريتها إلا إذا كان هؤلاء الضيوف، خارج المنزل. ولسوء حظ القطة لوسي كان الخوف من القصف المدفعي والجوي يقلل من فترات مغادرتنا المنزل.
شعرت ابنتي لارا ما تسببه هذه القطة من توتر لزوجتي فقامت، بعد ان بلغت القطط الصغيرة مرحلة الفطام، بوضعها في سلة ورحّلتها إلى حديقة السبيل. لم يكن ذلك القرار سهلاً على لارا المتعلقة بالقطة. رافقت دموع لارا السخية عملية نفي القطة إلى حديقة السبيل وكثيراً ما كانت تتساءل بعد ذلك بحزن: عجب إش أحوال لوسي. أما أطفال لوسي الأربعة فأودعتهم عند صديقاتها بأمل إعادتهم قريباً بعد انتهاء حالة نزوحنا. ترد الحالة العسكرية في مدينة حلب على لارا قائلة: صرّفي اولاد القطة…الشغلة لسّة مطوّلة.
-
بحث موقع مفكر حر
-
أحدث المقالات
-
- #سورية الثورة وتحديات المرحلة.. وخطر #ملالي_طهرانبقلم مفكر حر
- #خامنئي يتخبط في مستنقع الهزيمة الفاضحة في #سوريابقلم مفكر حر
- العد التنازلي والمصير المتوقع لنظام الكهنة في #إيران؛ رأس الأفعى في إيران؟بقلم مفكر حر
- #ملالي_طهران وحُلم إمبراطورية #ولاية_الفقيه في المنطقة؟بقلم مفكر حر
- بصيص ضوء على كتاب موجز تاريخ الأدب الآشوري الحديثبقلم آدم دانيال هومه
- آشور بانيبال يوقد جذوة الشمسبقلم آدم دانيال هومه
- المرأة العراقية لا يختزل دورها بثلة من الفاشينيستاتبقلم مفكر حر
- أفكار شاردة من هنا هناك/60بقلم مفكر حر
- اصل الحياةبقلم صباح ابراهيم
- سوء الظّن و كارثة الحكم على المظاهر…بقلم مفكر حر
- مشاعل الطهارة والخلاصبقلم آدم دانيال هومه
- كلمة #السفير_البابوي خلال اللقاء الذي جمع #رؤوساء_الطوائف_المسيحية مع #المبعوث_الأممي.بقلم مفكر حر
- #تركيا تُسقِط #الأسد؛ وتقطع أذرع #الملالي في #سوريا و #لبنان…!!! وماذا بعدك يا سوريا؟بقلم مفكر حر
- نشاط #الموساد_الإسرائيلي في #إيرانبقلم صباح ابراهيم
- #الثورة_السورية وضرورات المرحلةبقلم مفكر حر
- هل تعديل قانون الأحوال الشخصية يعالج المشاكل الاجتماعية أم يعقدها.. وأين القيم الأخلاق من هذه التعديلات ………..؟بقلم مفكر حر
- تلغراف: تأثير #الدومينو علی #ملالي_إيران وتحولات السياسة الغربيةبقلم حسن محمودي
- الميلاد آتٍبقلم مفكر حر
- قوانين البشر تلغي الشريعة الإسلاميةبقلم صباح ابراهيم
- ستبقى سراًبقلم عصمت شاهين دو سكي
- #سورية الثورة وتحديات المرحلة.. وخطر #ملالي_طهران
أحدث التعليقات
- عبد يهوه on اسم الله الأعظم في القرآن بالسريانية יהוה\ܝܗܘܗ سنابات لؤي الشريف
- عبد يهوه on اسم الله الأعظم في القرآن بالسريانية יהוה\ܝܗܘܗ سنابات لؤي الشريف
- منصور سناطي on من نحن
- مفكر حر on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- معتز العتيبي on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- James Derani on ** صدقوا أو لا تصدقو … من يرعبهم فوز ترامب وراء محاولة إغتياله وإليكم ألأدلة **
- جابر on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- صباح ابراهيم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- س . السندي on ** هل تخلت الدولةٍ العميقة عن باْيدن … ولماذا ألأن وما الدليل **
- الفيروذي اسبيق on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- س . السندي on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- عبد الحفيظ كنعان on يا عيد عذراً فأهل الحيِّ قد راحوا.. عبد الحفيظ كنعان
- محمد القرشي الهاشمي on ** لماذا الصعاليك الجدد يثيرون الشفقة … قبل الاشمزاز والسخرية وبالدليل **
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- س . السندي on رواية #هكذا_صرخ_المجنون #إيهاب_عدلان كتبت بأقبية #المخابرات_الروسية
- صباح ابراهيم on ** جدلية وجود ألله … في ضوء علم الرياضيات **
- س . السندي on الفيلم الألماني ” حمى الأسرة”
- Sene on اختلاف القرآن مع التوراة والإنجيل
- شراحبيل الكرتوس on اسطورة الإسراء والمعراج
- Ali on قرارات سياسية تاريخية خاطئة اتخذها #المسلمون اثرت على ما يجري اليوم في #سوريا و #العالم_العربي
- ابو ازهر الشامي on الرد على مقال شامل عبد العزيز هل هناك دين مسالم ؟
- س . السندي on ** هل سينجو ملالي إيران بفروة رؤوس … بعد مجزرة طوفان الاقصى وغزة والمنطقة**
- مسلم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- الحكيم العليم الفهيم on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- المهدي القادم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- Joseph Sopholaus (Bou Charaa) on تقاسيم على أوتار الريح
- س . السندي on النظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/3
- س . السندي on اوبنهايمر