لا أقصد بلدةً بعينها ، بل أقصدُ كلّ بلدة عربيّة مُختلطة في الداخل ، أقصدها بعينها.
فالوضع الصّعب والرّجاء المُتبخّر يستدعي أن نقول بالصّوت الجهوري :” أخاف أن تُضحي بلداتنا العربيّة المُختلطة كما مسلسل غوّار : أمّ الطّنافس الفوْقا وأمّ الطّنافس التحتا” أو كما جارتنا الجبليّة لبنان وبيروتها : بيروت الشّرقيّة وبيروت الغربيّة، هذا ان لم تكن الصّرخة قد جاءت متأخرة فعلًا وأضحى الأمر مرضًا لا شفاء منه ولا دواء له.
فأنت يا صاحِ لوجئت الى بلدة مُختلطة ستجد البلدة قسمين ، لكل قسم طابعه الخاصّ، ويا ليت الأمر يقتصر ويتعلّق بالسكنى فقط وبالكنائس والمساجد والخلوات لهان الأمر، فقد بات يُهدّد النسيج الاجتماعيّ ؛ هذا النسيج الذي كان يُلوّن بلداتنا ونفوسنا وحاراتنا بالتنوّع الجميل والمحبّة والمشاركة ، فالعيد كان واحدًا أو كاد ، والألم واحدًا ، والفرح واحدًا في الأعراس والمناسبات .
والأدهى والموجع فعلًا أن تجد مدارسنا بلون واحدٍ ، ففي المدرسة التي عملت فيها ما يقرب من أربعة عقود من الزمن ، كانت مُلوّنة ، طافحة بالامل والمحبّة والأخوّة فقد كان ثلث طلّابها من المسيحيين الذين عاشوا الحياة الجميلة مع اخوانهم ، واليوم وحسب ما اخبرتني مديرة المدرسة الشّابة والرائعة، قالت لي وابتسامة المرارة على وجهها : للأسف ليس هناك من طالب مسيحيّ واحد في المدرسة التي عملت بها وضحيت عشرات السنين في تنشئة أجيالها.
يا للخسارة ..فقد فقدنا البوصلة ، فما عاد المسلم يعرف عن الميلاد والفصح والزّلابيّة وأصابع زينب شيئًا ، وما عاد المسيحيّ يعرف عن رمضان والأضحى شيئًا ايضًا….صرنا نعيش وكأنّنا في بلدتين لا تربطنا إلّا سيّارة القمامة التي تجوب الشوارع ولا تعرف الحدود!!! وقِس يا صاحبي على الفعاليات والنشاطات الاجتماعيّة والحياتيّة.
قد أكون سوداويًا بعض الشيء ، فلا أنكر أن هناك أطرٌ اجتماعيّة جميلة جاءت الى الحياة حديثًا لتسد ثغرة من الثغرات، فأخذت تُلوّن حياتنا بالمشاركة والتعاون والاخوّة في مناسبات مُعيّنة أو فعاليات مباركة ، ولكن هذا الأمر لا يكفي ، إن لم يكن مدروسًا ، مُمنهجًا ، مُخطّط له من فوق ؛ من السُّلطة المحليّة .
قد يقول قائلٌ : هل تستطيع السُّلطة المحليّة أن تمنع الفوقا والتحتا والشرقيّة والغربيّة ؟!!!.
أقول وبالفم الملآن : نعم ، حتّى وإن لم تستطع ذلك بالبناء والعمار وتكوين الحارات، فبمقدورها بالفعاليات والنشاطات المشتركة والمعايدات التي تربط المواطنين برباط المحبّة أن تقرّب القلوب، والأهم أن تفرض نظام تسجيل الطلّاب بحيث تكون مدارسنا متنوّعة ، ملوّنة ، جذلى ، شاملة ، عامرة بكلّ الطوائف ، قلّتِ النسبة أم زادت .
شحذ الهمم مطلوب ، والتشمير عن السواعد مرغوب فيه وإلّا فأمّ الطنافس الفوْقا والتحتا ستكون موّالنا في السنوات القادمة ،وقد تطالب أمّ طنافس مُعيّنة يومًا بالانفصال والحريّة والاستقلال !
من يدري فخيط التواصل بات باهتًا وانيًا وضعيفًا..
حمانا الله الانشقاق فقد ذقنا منه الامرّين.
-
بحث موقع مفكر حر
-
أحدث المقالات
-
- قوانين البشر تلغي الشريعة الإسلاميةبقلم صباح ابراهيم
- ستبقى سراًبقلم عصمت شاهين دو سكي
- #إيران #الولي_الفقيه: تأجيل قانون العفة والحجاب… ما القصة؟!بقلم مفكر حر
- إشكالية قبول الأخربقلم مفكر حر
- موسم إسقاط الدكتاتوريات في #الشرق_الأوسط!بقلم مفكر حر
- ردود فعل مسؤولي #النظام_الإيراني على #سقوط_الأسد: مخاوف من ملاقاة نفس المصيربقلم حسن محمودي
- ** من وراء محاولة إغتيال ترامب …إيران أم أذرع الدولة العميقة **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هل إغتيال هنية في طهران … فخ لهلاك الملالي وذيولهم أم مسرحية **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هَل فعلاً تمكّن إبليس مِن العاصمة بَاريس … في عهد ألمسخ ماكرون **بقلم سرسبيندار السندي
- ** كَيْف رصاصات الغدر للدولة العميقة … أحيت ترامب وأنهت بايدن **بقلم سرسبيندار السندي
- ** العراق والمُلا أردوغان … ومسمار حجا **بقلم سرسبيندار السندي
- ** صدقوا أو لا تصدقو … من يرعبهم فوز ترامب وراء محاولة إغتياله وإليكم ألأدلة **بقلم سرسبيندار السندي
- ** هل تخلت الدولةٍ العميقة عن باْيدن … ولماذا ألأن وما الدليل **بقلم سرسبيندار السندي
- مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.بقلم مفكر حر
- ** تساءل خطير وحق تقرير المصير … هل السيّد المَسِيح نبي أم إله وما الدليل **بقلم سرسبيندار السندي
- ابن عم مقتدى الصدر هل يصبح رئيساً لإيران؟ طهران مشغولة بسيناريو “انقلابي”بقلم مفكر حر
- ** ما سر تبرئة أل (سي .آي .أي) لبوتين من إغتيال نافالني ألأن **بقلم سرسبيندار السندي
- المجزرة الأخيرةبقلم آدم دانيال هومه
- ** بالدليل والبرهان … المعارف سر نجاح ونجاة وتقدم الشعوب وليس الاديان **بقلم سرسبيندار السندي
- رواية #هكذا_صرخ_المجنون #إيهاب_عدلان كتبت بأقبية #المخابرات_الروسيةبقلم طلال عبدالله الخوري
- قوانين البشر تلغي الشريعة الإسلامية
أحدث التعليقات
- منصور سناطي on من نحن
- مفكر حر on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- معتز العتيبي on الإنحراف الجنسي عند روح الله الخميني
- James Derani on ** صدقوا أو لا تصدقو … من يرعبهم فوز ترامب وراء محاولة إغتياله وإليكم ألأدلة **
- جابر on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- صباح ابراهيم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- س . السندي on ** هل تخلت الدولةٍ العميقة عن باْيدن … ولماذا ألأن وما الدليل **
- الفيروذي اسبيق on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- س . السندي on مقارنة بين سيدنا محمد في القرآن وسيدنا محمد في السنة.
- عبد الحفيظ كنعان on يا عيد عذراً فأهل الحيِّ قد راحوا.. عبد الحفيظ كنعان
- محمد القرشي الهاشمي on ** لماذا الصعاليك الجدد يثيرون الشفقة … قبل الاشمزاز والسخرية وبالدليل **
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- عزيز الخزرجي فيلسوف كونيّ on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- س . السندي on رواية #هكذا_صرخ_المجنون #إيهاب_عدلان كتبت بأقبية #المخابرات_الروسية
- صباح ابراهيم on ** جدلية وجود ألله … في ضوء علم الرياضيات **
- س . السندي on الفيلم الألماني ” حمى الأسرة”
- Sene on اختلاف القرآن مع التوراة والإنجيل
- شراحبيل الكرتوس on اسطورة الإسراء والمعراج
- Ali on قرارات سياسية تاريخية خاطئة اتخذها #المسلمون اثرت على ما يجري اليوم في #سوريا و #العالم_العربي
- ابو ازهر الشامي on الرد على مقال شامل عبد العزيز هل هناك دين مسالم ؟
- س . السندي on ** هل سينجو ملالي إيران بفروة رؤوس … بعد مجزرة طوفان الاقصى وغزة والمنطقة**
- مسلم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- الحكيم العليم الفهيم on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :
- المهدي القادم on قراءة الفاتحة بالسريانية: قبل الاسلام
- Joseph Sopholaus (Bou Charaa) on تقاسيم على أوتار الريح
- س . السندي on النظرة الفارسية الدونية للعرب المسلمين أصولها، أسبابها ونتائجها/3
- س . السندي on اوبنهايمر
- محمد on مطالعة الرجل لمؤخرة النساء الجميلات
- ألعارف الحكيم : عزيز الخزرجي on أفضلية الإمام عليّ (ع) على آلرُّسل :