أمين الحسيني وهتلر
المفتي أمين الحسيني و المخطط الفلسطيني لإبادة اليهود في جميع الدول العربية
بقلم الدكتور ايدي كوهين من جامعة بار- ايلان
اعتدنا على الوثائق التي ينشرها الاعلام وقراءة المقالات التي تتحدث عن ما يعتبروه ظلم اليهود للعرب، ليغضوا النظر عن حقائق تاريخية لعبت دوراً في ابادة اكثر من ست ملايين يهودي، ما يجعلنا غير متفاجئين من تصريحات بعض القياديين الفلسطينيين امثال عباس زكي للتلفزيون الفلسطيني في بداية شهر مارس / اذار، الذي قال : “ان الله سيجمعهم، لنقتلهم”. حقيقة عرفناها ونعرفها وهي لم تأت من محض الصدفة فعلى ما يبدو انها وراثية، اليكم هذه الحقائق التاريخية !
وصل مفتي القدس الحاج امين الحسيني الى برلين في 5 نوفمبر / تشرين ألثاني هاربا من ألانكليز بعد فراره من العراق وضلوعه في الانقلاب الفاشل الذي قام به رشيد الكلياني ضد حكومة نور السعيد التي ارتبطت مع بريطانيا و قطعت علاقاتها الدبلوماسية مع المانيا. وبعد ثلاثة أسابيع من وصوله الى المانيا اجتمع المفتي مع زعيم المانيا أدولف هتلر. وجرى هذا اللقاء على الرغم من الحرب الدموية وانهماك ألمانيا النازية انذاك في حربها ضد روسيا في عملية بارباروسا . ولقد عينه هتلر رئيسا للدعاية النازية باللغة العربية ، وقدم له اجر شهري يقدر بعشرات الآلاف من الدولارات ، وتم افتتاح في برلين ” المكتب العربي مكتب المفتي الاكبر ” وضم هذا المكتب عشرات المساعدين الذين تلقوا رواتبهم مباشرة من وزارة خارجية الرايخ الثالث . وابرز المقربين منه خلال وجوده في برلين حسن سلامة والد الارهابي الفلسطيني علي سلامة المعروف باسم ” الأمير الأحمر ” من مرتكبي مذبحة الرياضيين الاسرائيليين في اولمبياد ميونيخ في سبتمبر/ ايلول عام 1972.
وضمن التعاون مع المانيا ألنازية اشرف المفتي على ادارة المحطة الإذاعية النازية ” راديو برلين” باللغة العربية، ” التي بثت الدعاية الالمانية ضد الحلفاء. بث راديو برلين دعاية معادية لليهود وقام بالتحريض ضدهم وخاصة ضد اليهود في جميع البلدان العربية خلال جميع سنوات البث (1939-1945) ومكث المفتي في ألمانيا حتى مايو 1945 موعد هزيمة المانيا في الحرب العالمية الثانية و خلال اقامته هناك انخرط المفتي في التجسس و بالأنشطة إلارهابية ضد البريطانيين والفرنسيين والأمريكيين فضلا عن الدعاية المعادية للسامية.
وبرر المفتي معاداته لليهود كجزء من سياسة ما اسماه “الحركة الوطنية ألفلسطينية في حربها من أجل “الاستقلال العربي”، وزعم بأنه عارض منع وصول اليهود الاوروبيين الى فلسطين للحيلولة دون قيام دولة يهودية فيها – حسبما زعم في مذكراته – ولكن الحقيقة كانت مختلفة تماما, ففي الواقع اصر المفتي على ترحيل و إبادة اليهود المقيمين في الدول العربية.
والجدير ذكره ، ان المفتي كان يترأس – خلال اقامته في العراق – حزب سري واسمه “حزب الامة ألعربية” وكان له دستورا، وكان البند الثالث منه يقضي بطرد اليهود من البلاد العربية ومحاربة اليهودية العالمية ومنظماتها.
وثائق كثيرة حصلت عليها مؤخراً، وجميعها تعكس مدى عمق العداء تجاه اليهود ، والتحريض والدعاية والعنصرية الممنهجة التي كان يشنها النفتي ضدهم. وفي هذا النطاق تطرح أسئلة كثيرة ماذا كان سيحدث لليهود في الدول العربية لو انتصرت المانيا النازية في الحرب العالمية الثانية ؟ تلميحات أو إجابات جزئية يمكن تعلمها من العبارات التالية التي اخذتها من تصريحات المفتي:
لقد كان المفتي يدعوا بانتظام خلال البث الإذاعي من راديو برلين باللغة العربية على قتل اليهود : “اقتلوا اليهود أينما تجدونهم ، فهذا يرضي الله والتاريخ و الدين”.
في 18 كانون الاول 1942 – ادلى المفتي خطابا بمناسبة افتتاح المعهد السلامي في برلين قائلا
“: من اشد عداوة للمسلمين من الذين ناصبوهم العداء منذ العهد القديم والى اليوم وقعدوا لهم في كل طريق وكادوا لهم كل الكيد هم اليهود وأنصار اليهود. وكل مسلم يعرف تاريخ عداء اليهود له ولدينه منذ فجر التاريخ الاسلامي وما قاموا به من مناوأة الرسول الاعظم صلى الله عليه وسلم وإيذائه وما احدثوا له من المصاعب واثأروا من الفتن وألبوا من الاحزاب حتى حكم الله عليهم بقوله تعالى ” لتجدن اشد الناس عداوة للذين امنوا اليهود”.
في 2 نوفمبر 1943 – في ذكرى وعد بلفور نظم المفتي مسيرة احتجاجية في برلين بمشاركة الآلاف من المهاجرين العرب الذين كانوا مقيمين في ألمانيا. وصرح المفتي بما يلي :
” في مثل هذا اليوم قبل 26 عاما صدر وعد بلفور المشئوم الذي يرمي الى انشاء وطن قومي لليهود هذا الشعب هو عدو العرب وللإسلام. ولقد اثبتت الوثائق الصهيونية السرية ان اليهود يريدون ان تضم مملكة اسرائيل ما بين البحر المتوسط وخليج البصرة مشتملة على فلسطين ولبنان وسوريا وشرق الاردن والعراق وقسم من المملكة السعودية وقسم من المملكة المصرية وهكذا تعرض مطامع اليهود الاماكن المقدسة في الحجاز لأعظم الاخطار وتسلب العرب والإسلام زهرة بلادهم. ليس في العرب احيائهم وأمواتهم وعامتهم من تسامح مع اليهود في البلدان العربية بذلك يقترفون الخيانة العظمى لدينهم وليوطنه”.
“…اما امريكا فهي التي تحمل الاز راية اليهود وهي تريد ان تجعل لهم من المغرب العربي الاسلامي وطنا ثانيا يأوي اليه اليهود النازحون من اوروبا وقسم من يهود امريكا وزنوجها.
ان المانيا هي صديقة للعرب لم تعتد على أي قطر عربي او اسلامي وهي تقاتل الان عدوا مشتركا ارهق العرب والمسلمين في مختلف ديارهم وفوق كل ذلك انها عرفت اليهود حق المعرفة وصممت على حل المشكلة اليهودية حلا نهائيا يمنع فسادهم في الارض.”
1. محرقة لليهود في وادي دوتان بالقرب من عرابة – جنين
ان هذه التصريحات واضحة تماما – فهي تثبت بان مقتي القدس كان علي يقين بان المانيا النازية كان تبيد اليهود في أوروبا وفق”الحل ألنهائي . تقارير أخرى اشارت بان المفتي زار عددا من معسكرات الاعتقال في بولونيا بصحبة هاينريش هيملر قائد فرقة القوات الخاصة الألمانية والبوليس السري المعروف بالجيستابو وأشرفا كلاهما على عمليات إبادة اليهود في معسكرات الموت الألمانية. كل ذلك لم يكن كافيا بالنسبة للمفتي لا بل باشر في التخطيط لإبادة اليهود في البلدان العربية وفي فلسطين . بينما علنيا طالب بترحيل اليهود من الدول العربية عمل سرا وراء الكواليس لبناء معسكرات الإبادة التي ستركز جميع اليهود في الدول العربية وفلسطين تمديدا للحل النهائي الى الشرق الاوسط. والذي كتشف النقاب عن هذا المخطط اللعين هو الباحث و الصحفي ورئيس الشرطة في عهد الانتداب السيد المرحوم حبيب كنعان الذي كتب عدد كبير من الكتب حول الدعاية النازية . كنعان الذي عمل في صحفية هآرتس بعد تقاعده من الشرطة قام بالأبحاث وبجمع المعلومات في مخطط المفتي بإنشاء معسكرات الموت في فلسطين . وكشف كنعان النقاب عن مخطط سري لبناء محارق اليهود في وادي دوتان بالقرب من عرابة – جنين. واستند كنعان في بحوثه على شهادة رئيس شرطة منطقة القدس احد اكبر الضباط العرب فايز الإدريسي الذي قال له : ” يقشعر بدني عندما أتذكر ما كان يدور بين ضباط الشرطة و أنصار المفتي تلك الفترة عندما كان مارشال رومل على وشك دخول مصر في معركة العلمين في صيف 1942 . كان الحاج أمين الحسيني يعتزم الدخول الى اورشليم القدس على رأس الجيش العربي من المتطوعين العرب الذين امدتهم المانيا النازية بالسلاح والمال. ، وكان مخطط المفتي يقضي بإنشاء معسكرات اعتقال مثل المحارق في أوشفيتز لكي تركز جميع اليهود من فلسطين و يهود العراق ومصر واليمن وسوريا ولبنان وحتى يهود شمال إفريقيا لإبادتهم في نفس ألأساليب التي اعتمدها ال SS في معسكرات الموت في أوروبا”. يقول كنعان الذي سافر الى ألمانيا ما اجل هذا التحقيق انه قابل دبلوماسي الماني مسن في مطلع السبعينات من القرن الماضي وكان هذا الدبلوماسي رفض الانتماء الى الحزب النازي وقال له : ” مصير اليهود في إسرائيل وفي الدول العربية كان سيكون مرا لو نجح روميل الدخول إلى الشرق الأوسط. ” التحقيق الذي قام به كنعان نشر في صحيفة هآرتس في مارس/ اذار 1970 . ويبرز هذا المخطط مدى عنصرية المفتي وعدائه لليهود حتي قبيل انشاء دولة اسرائيل.
2. . مخطط المفتي لابادة ربع مليون يهودي في تل – أبيب لإثارة التمرد واعلان الجهاد في الشرق الأوسط
كشف كنعان في بحوثه عن مخطط سري اضافي، كان المفتي يعمل على تنفيذه مع الجيش الالماني ففي ألواقع بعد هزيمته روميل صيف 1942 فهم المفتي ان ايام الرايخ الثالث باتت معدودة ولذلك عمد الى وضع مخطط اضافي، يدخل بموجبه الجيش النازي الى الشرق الاوسط ويتم ابادة ربع مليون يهودي من سكان تل – أبيب بحيث سيكون لهذه المجزرة حسب المخطط انعكاسات ايجابية منها اعلان الشعوب العربية التمرد والجهاد ضد الانجليز بشكل متزامن مع ارتكاب المجزرة في دول كثيرة ابرزها مصر. وفي هذه الطريقة – حسب المفتي – سيتم القضاء على الاستعمار البريطاني و الفرنسي. ووفق كنعان اجتمع المفتي مع اهم واكبر الضباط والمسئولين الالمان مثل هاينريش هيملر وهيرمان جورينج وغيرهم ، ومع ذلك ، لم يتم عرض هذا المخطط على أدولف هتلر.لكن بات هذا المخطط ايضا بالفشل لان معظم الدول العربية كانت موالية لبريطانيا مما وضع العقبات أمام هذه الخطة وأفشلها. ناهيك ان الجيش الالماني بدا ينهار على جميع الجبهات ابتدءا من عام 1944 حتى هزيمته في مايو / ايار 1945