من الطريف قول وزير الداخلية مروان شربل إن الدولة ستحقق الأمن في الضاحية الجنوبية لبيروت، وإن لا أمن ذاتياً بعد اليوم. كأني به ينزل قوة من الأمن الداخلي، مدعمة بالسلاح والعتاد، لإزالة حواجز “حزب الله” وفرض هيبة الدولة، حين أن الواقع يدل الى العكس تماماً، فالحزب الذي ارهقه الامن الذاتي، قرر “تكليف” القوى الامنية بالامر. وعندما فرغ من وضع خطته لأمن الضاحية، واتفق على تفاصيلها مع وزارة الداخلية وقيادتي الجيش والامن العام، قرر البدء بتنفيذها، واوعز الى الدولة لإعلان الساعة الصفر.
وفي خلاصة هذا التكليف، وبصرف النظر عما يقوله مسؤولو الحزب، فان قيادته التي احتاجت الى نحو 1500 عنصر لمراقبة 65 مدخلاً للضاحية، سيوفر هذا الجهد لأماكن أخرى أكثر سخونة، وربما لسوريا، بتكليف ايراني، ويكتفي بعمل استخباري، يساند القوى الامنية، ويمدها بالمعلومات، قبل الاوامر بالتحرك الى حيث يشاء.
وهكذا يتخلص الحزب أيضاً من أزماته اليومية عند معابره، والمواجهات مع أهله وناسه بسبب التضييق الحاصل عليهم، تحت شعار حمايتهم. ومع تسلم القوى الأمنية تتحوّل المواجهات بين الأهالي والقوى الشرعية، ويتحول الحزب مكتب شكاوى وتنسيق لحل الاشكالات.
والأمر الثالث ان الحزب الذي يتولى امن الضاحية حاليا، يتحمل مسؤولية أي خرق قد يحصل، وتاليا سيظهر في موقع العاجز، لكنه مع الحالة المستجدة، سيرمي المسؤولية على الدولة واجهزتها، وربما دعاه أهل الضاحية مجدداً الى تسلم الأمن، وإقامة الأمن الذاتي، لان أي خرق لم يحصل منذ أقام حواجزه.
قد يقول قائل ماذا تريدون؟ لا الأمن الذاتي أعجبكم، ولا أمن الدولة ترضون به؟ نجيب، بالعكس تماماً، كلنا مع أمن الدولة كاملاً وباسطاً سلطته على كل الارض اللبنانية، وليس في الضاحية وحدها، لكن سلطة الدولة تتحقق من تلقائها وليس بأمر من حزب او جهة سياسية، والخطط الامنية تفرضها الدولة بمؤسساتها ولا تتلقاها، وإزالة الأمن الذاتي لا تكون بالتراضي والاسترضاء، وحركة الدولة لا تتحقق بتكليف واستدعاء. نريد دولة بكل ما للكلمة من معنى. أما أمن الضاحية والذي نتمنى أن يتحقّق فليس مثالاً يحتذى.
لعل الأمر الايجابي الذي تحقق هو ترميم صورة لبنان في الخارج، بل تجميل هذه الصورة المهمشة. أما الأمر الايجابي الآخر، فتوافر في استدعاء عناصر احتياط لقوى الأمن الداخلي، وهؤلاء يفتشون عن وظيفة، فهنيئاً لهم، وهنيئاً لدولة الأمن بالتراضي.
* نقلا عن “النهار” اللبنانية